بداية أنا مسلم شيعي بالوراثة، أنظر الان الى كافة الفرق والمذاهب الشيعية والسنية على انها من صنع البشر وليس لها علاقة بالاسلام، فنتيجة الصراعات التي حصلت بين بني هاشم وبني العباس وبني أمية منذ حادثة السقيفة وماتلاها من تبدل الثقافات والمجتمعات واشتداد الصراعات السياسية والدينية أدى الى ظهور هذه الفرق والمذاهب السنية والشيعية واصبحت ايدلوجيات دوغماتية نزفت الكثير من الورق والحبر والدم.
وكذلك أشير الى اني كنت أحد الموقعيين على البيان الأممي الذي طالب الأمم المتحدة بمحاكمة يوسف القرضاوي بأعتباره احد المحرضين على الارهاب والقتل.
ولقد ترددت كثيراً قبل كتابة هذه المقالة بسبب خوفي من أستغلال شهادتي هذه في تأجيج المشاعر العدوانية ضد الشيعة بشكل عشوائي من دون تمييز بينهم وبين المخابرات الايرانية، والمؤسسات الشيعية من مرجعيات واحزاب، ولكن الواجب الاخلاقي والديني يفرض علينا جميعا التصدي للمخططات الايرانية الاجرامية وفضحها.
تنطلق دوافع التبشير بالتشيع من قناعة قوية جدا ان الشيعة هم الفرقة الناجية ويمثلون الصراط المستقيم، فالشيعي مشحون ايديولوجياً بمفاهيم الفرقة الناجية واحتكار الايمان والحقيقة، وبمجرد لقاء الشيعي بالاخر المختلف السني او المسيحي أو غيره من اصحاب الديانات الاخرى تتحرك فيه رغبة القيام بمحاولة التبشير بالتشيع وهداية الناس الى دين الحق والصراط المستقيم حسب اعتقاده!
وعلى الصعيد الشخصي قبل أكثر من 20 عاما حينما كنت أعيش في (عصر الجاهلية الدينية ) كنت أمارس التبشير بالتشيع بين أصدقائي العراقيين السنة، واشتري الكتب العقائدية الشيعية واهديها لهم وخوض النقاشات العقائدية معهم من اجل تغيير قناعاتهم الدينية، وكم أشعرالان بالأسف الشديد والخجل من تلك المحاولات المتخلفة !
ينقسم التبشير بالتشيع الى ثلاثة اقسام:
الأول - تقوم به المخابرات الايرانية وهو الأخطر.
الثاني - تقوم به الموسسات الشيعية من مرجعيات واحزاب ودور نشر بدافع الكراهية العقائدية، وهذه المؤسسات قسم منها ليس بالضرورة مرتبطاً بالمخابرات الايرانية، وانما يعمل بمفرده.
الثالث - يتم بجهود فردية وبحسن نية بدافع هداية الناس الى الصراط المستقيم حسب ظنه.
سياسية التبشير بالتشيع قديمة وليست وليدة اليوم، فأنا حينما كنت طالباً عام 1991 في احدى الحوزات الشيعية في سوريا والتي كانت على خلاف مع ايران، أكتشفت ان تاريخ التبشير المنظم بالتشيع بدأ في عقد الثمانيات من قبل ايران، وكان معنا يدرس طلبة من المغرب وتونس والسودان والجزائر تم تغيير قناعاتهم الدينية من المذهب السني الى التشيع، وكان يتردد علينا ايضا بعض المصريين الذين تشيعوا في مصر.
عادة يتم التقاط العاطلين عن العمل في المجتمعات السنية، ويتم المحاولة معهم بغية تغيير قناعاتهم المذهبية تحت تأثير أغراءات المال، وتأتي لاحقا عملياً غسيل الدماغ الطائفي والاشتغال على تبديل الولاءات السياسية الوطنية الى الطائفية، والحلقة الأخطر من مخطط التبشير بالتشيع هو ماتقوم به المخابرات الايرانية منذ عقد الثمانيات وليس الان، فايران نجحت بصورة كبيرة وخطيرة منذ ذلك التاريخ في اختراق المجتمعات السنية، واقنعت اعدادا كثيرة من ابناء المذهب السني في دخول التشيع وتحويل ولائهم من الولاء الى أوطانهم الى الولاء لولاية الفقيه الايرانية، ومركز عمل المخابرات الايرانية يتركز على بلدان: تونس والجزائر والمغرب والسودان ومصر حيث تعاني هذه البلدان من الفقر والبطالة وتجد المخابرات الايرانية نفسها تتحرك بسهولة في التغرير بالاخرين وتجنيدهم فيما بعد.
في السوادن الان توجد اكبر محطة للمخابرات الايرانية تعمل بحرية تامة ولديها جيش هائل من المتشيعين السودانيين، وفي الجزائر وتونس والمغرب ومصر توجد خلايا للمخابرات الايرانية يقودها عناصر كتموا تشيعهم واندمجوا في المجتمعات السنية كي لايتم كشفهم.
وقامت المخابرات الايرانية بأنشاء خلايا نشطة في معظم دول اوربا وخصوصا فرنسا وبريطانيا والمانيا من ابناء تونس والجزائر والمغرب ومصر، وطلبت منهم عدم كشف عن تشيعهم والتصرف كأنهم مازلوا سنة.
اما ماتقوم به المؤسسات الشيعية من مرجعيات وحوزات واحزاب ودور نشر فهو الاخر يركز على بلدان: تونس والمغرب والجزائر ومصر والسودان بدافع الكراهية والحقد الطائفي، وبعض هذه المؤسسات مستقل عن ايران أو على خلاف معها ويعمل بمفرده، ويتم تمويل هذه المؤسسات غالبا من اموال شيعة الخليج العربي، وايضا من غيرهم عن طريق دفع اموال الخمس والزكاة وكذلك التبرعات.
وهناك ايضا الجهود الفردية البريئة الخاطئة التي تتحرك على السنة وتحاول التبشير بالتشيع ظناً منها ان ماتقوم به يرضي الله تعالى وينفع الناس.
وبخصوص حملة التبشير بالتشيع التي تجري في سوريا فهي واسعة جدا وتتم بمباركة الحكومة السورية وتقودها عدة جهات شيعية بشكل منسق او منفرد، تتكون من المخابرات الايرانية والمرجعيات والحوزات والاحزاب الشيعية ودور النشر وتتركز على المناطق الفقيرة وخصوصا الريفية.
كنت أحيانا ادخل في حوارات مع بعض المتشيعين السنة ابان اقامتي في سوريا عن سبب تغيير قناعاتهم المذهبية واكتشفت ان الاغراء المالي كان الدافع الأكبر، وقد صارحني بعضهم بعد ان أطمأن لي انهم يعرفون من اين تؤكل الكتف ويلعبون على عدة جهات شيعية لخداعها واخذ المال منها، وبعضهم اتفق معي في قناعتي ان كافة الكتب العقائدية الشيعية التي صدرت على شكل حوارات عقائدية بين رجال دين شيعة وسنة، ان هذه الكتب مكذوبة وتم فبركتها كجزء من مستلزمات التبشير.
طبعا يجب ألا ننسى ان الحركة الوهابية التي أعتبرها انا شخصيا حركة تكفيرية إرهابية كذلك لديها مشروع للتبشير بأفكارها بين الشيعة و بين صفوف السنة ايضا.
وختاما..ارجو من الاعلام العربي والمؤسسات الدينية السنية الابتعاد عن التعميم والهجوم العدواني على الشيعة العرب لأن هذا سيصب في صالح ايران التي ستستفيد من شعور الشيعة العرب بالخوف والاضطهاد والاستهداف مما سيجبرهم على الارتماء في احضان ايران والانسلاخ عن مجتمعاتهم العربية، لذا من الضروري ان يميز الاعلام العربي والمؤسسات الدينية السنية بين الشيعة العرب الابرياء، وبين عمل المخابرات الايرانية والمؤسسات الشيعية.
خضير طاهر
[email protected]
التعليقات