استيقظ الملايين من البشر في مختلف انحاء المعمورة ليجدوا انفسهم وقد افلسوا وخسروا بلحظات ما وفروه على مدى سنوات طويلة من الكدح واللهاث والتعب نتيجة الازمة المالية العاصفة. وانهارت امال كبيرة والغيت برامج وخطط شخصية ودولية كانت قد اقيمت عليها الامال ووضعت لفترة طويلة.


لمم تكن تلك الانهيارات مفاجئة بالكامل فالازمات المالية دورية وتهز العالم من حين الى اخر، ولكنها احدثت هذه المرة صدمة مؤلمة ومحبطة لدرجة انها دفعت بالعديد حتى للانتحار، وجاءت على خلفيات تاكيدات بان الرأسمالية برهنت على انها السبيل الوحيد لضمان حياة كريمة ومرفهة للانسان وان لامكان لنظام اقتصادي دونها.لكن الانهيارت دفعت لشعور الكثيرين بانهم لم يقفوا كما كانوا يعتقدودن على قاعدة صلبة ولم يتمتعوا بحصانة مأمونة لحياتهم الحالية والمستقبلية، لهم ولابنائهم، لقد انهارت كل الخطط في لحظة ليكتشتفوا انهم يعيشون في حقيقة الامر في عالم هش من الورق، قابل للانهيار في اية لحظة، وان الشعور بالاطمئنان فيه لايعدو غير وهم.


ان الانهيارات المالية في انحاء المعمورة خلقت حالة من الذعر وعدم الثقة بالمستقبل واركان النظام الاقتصادي القائم. والقضية زحفت لتثير هواجس حتى اؤلئك الذين لم يمارسوا لعبة الاسهم ولم يرتبطوا باي شكل من الاشكال بالنظام المالي العالمي. هناك خوف من انحسار الضمانات الاجتماعات وتعمق التضخم المالي وغلاء الاسعار على كافة مرافق الحياة، وتعويم العملات بصورة مكشوفة ام خفية، وبكل ما تجر خلفه تلك الاجراءات من تداعيات من ارتفاع الضرائب الى وقف التسليف والقروض. والحديث بكل هذا يدور ليس عن سكان الدول النامية وحسب بل وعلى الدول الغنية حيث المليار الذهبي الذي اعتاد على بحبوحة العيش ونمط حياتي مزدهر. وما سيصاحبها من اعراض معنوية بما في ذلك فقدان الثقة والعيش في عالم من الصعوبة الايمان فيه بشئ.


ان عالمنا اليوم يحتاج اكثر منه في اي وقت مضى الى التمعن اكثر بحالته بمدى التزامه بقيمه المعلنة بالاخاء والمساواة والحرية التي تحولت الى شعارات شكلية.لقد انتهكت البشرية ومنذ زمن طويل كل ما شأنه ان يحفظ لحياتها التوازن والتعادلية بين مكونات الحياة الاجتماعية والطبيعة، ومهدت بذلك للسير نحو عالم هش معرض في كل لحظة للهزات والصدمات والحروب، والطبيعة نفسها لم تغفر لنا ايضا كل ما اقترفت البشرية من خطايا بحقها فازدادت الزلازل الارضية والفيضانات والعواصف والحرائق التي بلغت ذروتها في السونامي بجنوب اسيا المروع الذي اودى بحياة البشر ودمر المدن.واصبح الخطر محدق بالجميع ن دون استثناء.وكان بالحق ناقوس خطر.


ان البشرية اليوم مدعوة اكثر منه في اي وقت مضي ان تضع الخطط الجديدة للمراجعة والتخطيط لاقامة اصول نظام دولي يقوم على الاسس الاخلاقية التي تضمن العدالة والمساواة والتكافل وتوازن المصالح بعيدا عن الاحتيال وامتصاص واستغلال جهود الاخرين افرادا وشعوبا، عالم يوفر الشعور بالامان الحقيقي ويكفل الحياة الكريمة قائم على التعادلية والتوزان ويفجر طاقات العمل والابداع والخير.وتلوح هذه الاهداف مثالية فقط لانها تطرح على خلفية عالمنا المرتبك الذي فقد مؤشرات الطريق نحوها.

فالح الحمراني