توجد مفارقة عجيبة في الحياة السياسية التي تسود العراق الان، فالاحزاب التي تشكل الحكومة والبرلمان ليس لديها برامج وطنية تخص عموم العراق ومصالحه العليا، فهي اما احزاب طائفية واما احزاب قومية، فعلى سبيل المثال بالنسبة للاحزاب الكردية لو تفحصنا برامجها السياسية لانجد ما يشير الى أي اهتمام بمصالح العراق كوطن وشعب، وانما فقط برامجها محصورة في نطاق قومي ضيق !


والامر العجيب ان الأكراد يأخذون حصة تبلغ 17 % من واردات النفط العراقي وانهم يعيشون من خيرات العراق، وانهم يشاركون في الحكومة والبرلمان بقوة، ولكنهم مع هذا لايعترفون بالدولة العراقية وليس لديهم مشاعر انتماء وطنية نحوها!


فالساسة الاكراد المتواجدين في الحكومة والبرلمان كل تصرفاتهم وتصريحاتهم وقراراتهم تنطلق من منطلق قومي، وكأنهم جزءا من طاقم سفارة دبلوماسية ببغداد وليسوا شركاء في العملية السياسية، والغريب ان الساسة الأكراد في الحكومة العراقية تحولوا الى خصوم لها وجلسوا يتفاوضون معها من اجل لتحقيق مكاسب قومية مثلما حصل حينما تحول نائب رئيس الوزراء برهم صالح ومن معه من الوزراء الاكراد الى مفاوضين مع حكومة المالكي التي هم اعضاء فيها ويفترض انهم يدافعون عن نهجها وقراراتها.


ومثل الاحزاب الشيعية الطائفية، نشأت الاحزاب الكردية قبل اكثر من خمسين عاما بقرار خارجي، فالاحزاب الشيعية أوجدتها اجهزة مخابرات السافاك التابعة الى شاه ايران ثم نظام الملالي الحالي، كذلك هو الحال مع الاحزاب الكردية التي نشأت في البداية من قبل اجهزة المخابرات الروسية وتم تمويلها بالمال والسلاح لزعزعة الامن والاستقرار في العراق في الخمسينات كجزء من الصراع الروسي البريطاني الامريكي في المنطقة.


وحتى على صعيد الاعلام والثقافة.. فأنت لاتسمع خطابا وطنيا عراقيا من النخب الكردية، فمثلا حينما يريد الكاتب الكردي التعريف بنفسه يقول انه كاتب: كردي - عراقي ويضع قوميته اولا قبل هويته الوطنية ولاتخفى المشاعر العدوانية والإهانة التي يريد التعبير عنها أزاء الوطن عبر هذا التعريف!


مؤسف ان العملية السياسية في العراق لاتقوم على أسس وطنية وانما فقط مجرد شراكة من اجل تقاسم المغانم والحصص والاموال، فالاحزاب المشتركة في السلطة ليس لديها برامج وطنية من اجل العراق ومستقبله!

خضير طاهر

[email protected]