لعلّ النقطة السلبية الوحيدة في شخصية الدكتور محمود المشهداني رئيس مجلس النواب العراقي المزمع إقالته هي صدقه وشفافيته. هذا الرجل ذو الماضي النظيف والحاضر الشفـّاف يضع ndash; عادة ً ndash; قلبه على لسانه، عوضا ً عن أن يجبرك على البحث عنه في مخبأ المخاتلين والمحتالين التقليدي ndash; تحت طي ِّ اللسان! وإذا كانت هذه الخصلة حسنة ً كونها توصل الحقيقة إلى المتلقي أو السامع كما يراها أو يتصورها المشهداني دون رتوش، فهي سيئة أيضا ً كونها تصدم المناورين والتمويهيين بكشف مايجهدون لإخفائه عن الجمهور!


ضاع المشهداني في سوق الكذابين لأنه لايحسن رسم ابتسامة عريضة في وجه الآخر في ذات الوقت الذي يـُعـِدُّ للإجهاز عليه سياسيا أو فكريا أو حتى على صعيد السمعة الشخصية. وضاع لأنه لايجيد عقد التحالفات والتكتلات المصلحية الملتوية سرّا ً فيما يصدع رؤوس الناس جهرا ً بحديث المبادىء والمثل العليا والسفلى.


وقع محمود المشهداني ولم يـُسـَم ِّ عليه أحد، حتى كتلته، لأنه وضع مرآة ً كبيرة أمام النواب و الأحزاب والعمائم والسدائر والفينات والأقلام أم ّ المسـّاحة وهربجي كـُرد وعرب رمز النضال فاستشاط الجميع غضبا ً وانفجروا غيظا ً لرؤيتهم أنفسهم على حقيقتها العارية!


كثيرا ً ماكان يردّد أستاذي المرحوم كمال الرضوي سكرتير تحرير مجلة quot; صوت الخليج quot; الكويتية مطلع ثمانينيات القرن الماضي الطرفة التالية ويعيد كتابتها في زاويته الساخرة quot; خميسيات quot; مرات ٍ ومرات :
سألت امرأة رجلا ً :
-مالي أرى طاقيـّتك مثقوبة؟
-لقول الحق!
-عجبا ً، كيف؟
-مثلا ً، هاأنت ذي امرأة دميمة ولو وضعتِ على وجهك كل مساحيق الدنيا!
فما كان من المرأة إلا أن أهوت بيدها على رأس الرجل حتى كادت تشجـّه.
قال متضاحكا ً والألم يعتصر قلبه ورأسه : ألم أقل لكِ؟ لقول الحق!
*******
تحضرني، الساعة، بعض الأمثلة على quot; الألفاظ النابية quot; التي توشك أن تطيح بمستقبل محمود المشهداني السياسي :
قال ذات مرة للنائب quot; المستقل quot; قاسم داود الذي كان يصرّ على فسح المجال له للإسترسال في الحديث رغم بدء المناقشات حول أحد القوانين :
-لو تظل quot; تنبح quot; للصبح فلن أسمح لك بمواصلة الحديث!
مثل هذا التوصيف الطريف سمعته يوما ً على لسان الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري وهو quot; يأمر quot; نائبا ً بالسكوت والجلوس بعد أن بدأت المناقشات الجادة :
- الحق موش عليك، الحق علي ّ أنا اللي خلـّيتك تتكلـّم!
ثم أردف :
-إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث!
ومازال فتحي سرور في مكانه!
مثال آخر :
محمود المشهداني : القانون الذي يتعارض مع الإسلام بالـ quot; قندرة quot; [ الحذاء ] سأغيـّره!
في المقابل ؛ لوحظ إصرار غريب من قبل الكتاب العراقيين والعرب المعارضين لمافعله الصحفي العراقي الشاب منتظر الزيدي على استخدام كلمة quot; قندرة quot; أو quot; كندرة quot; التركية بدلا ً من quot; حذاء quot; العربية، دون أن يشعروا بأن كلمة quot; قندرة quot; يمكن أن تكون نابية!
وسواءاً رحل المشهداني عن رئاسة البرلمان أو لم يرحل، فلن تتغير الحال نحو الأحسن، مالم تنسجم الظواهر مع البواطن، وينتهي اللف المصلحي والدوران الإنتهازي والضحك على ذقون المغفلين أمثالنا باسم الله والدين والوطن والمبادىء!

علاء الزيدي

www.elaphblog.com/alzeidi