عبر سنوات الحريق العراقي التي إشتعل إوارها مع اليوم الأول لسقوط بغداد على يد الأمريكان التتر، تدفقت حشود الجهاديين المرتزقة بالآلاف على هذا البلد البائس لتذبح اطفاله ونساءه وشيوخه...!
حشود كبيرة حسنة التدريب، مندفعة إلى الموت ببسالة منقطعة النضير..!


تماما كتلك التي تدفقت على إفغانستان إبان الإحتلال السوفييتي.. ذات اللحى، ذات الجلابيب.. ذات الوجوه، ومن ذات المناشيء العربية والأجنبية..!


اقاموا مستعمرات صغيرة، لاحقوا الحلاقين والقصابين والنسوة والأطفال.. هدموا مراقد ومساجد وأشعلوا فتنة طائفية..!
وراء هؤلاء.. وراء تلك الحثالات من القتلة.. وقف صف طويل من حملة شهادات الدكتوراه في علوم الشريعة والفقه والطهارة والنجاسة والإسلام الصحيح والآخر المشكوك بصحته..!


وعبر هؤلاء.. ومن خلالهم وبحضورهم غير البهي، توطد الحضور الأمريكي حتى صار اهون الشرّين بالنسبة للعراقيين، العراقيين المغلوبين على امرهم..!


حين إشتعل حريق غزّة.. خرست ابواق الفتوى بالكامل.. بالكامل وكأن آل صهيون الأحبة هم من يتعرض اطفالهم للفسفور الأبيض والصواريخ الجبارة والموت تحت انقاض بيوتهم حيث الصواريخ تلاحق حتى سيارات الإسعاف والمسعفين..!
سبحان الله.. اين اختفى تكفيريوا الطائفة المنصورة؟


اين اختبأ الأشياخ المنتجبون الذين ارعبوا الناس من اطفال العراق ونساءه المنحروفون عن النهج القويم والمستحقين للذبح من الوريد إلى الوريد؟؟


في اي حفرة أو جبّ عميق خبأ اشياخنا الكرام رؤوسهم؟
واقع الحال وبالدليل الملموس المحسوس المفجع البشع ( الذي تعيشه غزّة منذ ثلاثة اسابيع )، يتأكد لكل ذي لُبّ أن اشياخنا الكرام لا اكثر من سماسرة.. تجار فتنة ووهم.. يتنقلون هنا وهناك حاملين اكثر من مكيال يكيلون به امور العباد، وحينا.. بل احايين.. يختفون بالكامل حتى بالكاد ترى عمائمهم وجلابيبهم، تمرّ هنا وهناك مرّ السحاب..!
بخفة المهرب وتاجر الشنطة وبائع المسروقات..!


اشياخنا الكرام سماسرة..مقاولون محترفون لدى الأنظمة السياسية العربية التي ( تعلفّهم ) وتؤويهم وتكسيهم وتغدق عليهم الملايين من الدولارات، وحيث أن تلك الأنظمة لا تستطيع العيش بغير بركة الأمريكان وسوط الأمريكان فإن وعاظنا الكرام هم بالإستعاضة رجال الأمريكان في المؤسسة الدينية والثقافية العربية ( تماما كما قطاع كبير من صحفيينا الكبار وكتّابنا المتميزون ).


هم يأتمرون بأوامر الأمريكان، قاتلوا في إفغانستان يقاتلون، جنّدوا الناس لقتل العراقيين أو الجزائريين يمتثلون، لاحقوا الأقباط والشيعة والبهائيين ووو يلاحقونهم، هاجموا روسيا والصين والواق واق، يفعلون، تصافحوا مع بيريز يتصافحون، باركوا جلاديكم، يباركونهم، هذّبوا كتاب الله من النصوص التي تتعرض لليهود، يهذبونه..إشغلوا الناس بالنجاسة وتحريم سياقة السيارة وزواج الشيخ من إبنة العاشرة، يفتون في هذا، إعتدلوا يعتدلون، إستقيموا يرحمكم الله، يستقيمون، سووا صفوفكم وراء ساكن البيت الأبيض يستوون، كفّروا فلان وعلان وحرّموا عليه زوجه وبيته ووطنه يفعلون، إجتمعوا مع اليهود على ابناء جلدتكم.. يجتمعون... قوموا يقومون.. ناموا ينامون.. إختفوا عن الأبصار يختفون..!


اشياخنا الكرام الطيبون للغاية.. المعتدلون غاية الإعتدال، ادوات بيد الأمريكان لا اكثر.. ادوات تخريب وتحريف وتيأيس وتشويه لكل ما هو نبيل جميل في الحياة..!


اشياخنا الكرام.. الكرام جدا.. لا اكثر من شياطين بعمائم وعباءات وعقول خاوية ونفوس أمّارة بالسوء والسوء وحده..!
لو كانت الحرب مع إيران مثلا.. لهبّوا هبّة رجل واحد مع امريكا وحكامهم ضد هذا البلد.. لو كانت الحرب بينهم.. بين بلدانهم لأطلقوا اقسى الفتاوى وأشنعها في الحثّ على الجهاد ضد الشقيق الذي اختلف حاكمه مع حكّامهم..!
أما امريكا وإسرائيل فهما الحبيبان اللذان لا يصح البتة مسّهما ولو بهمسة عابرة..!


اللعنة.. لأي ملّة تنتمون ايها الأشياخ الفاقدون لأبسط مقومات الكرامة.. الكرامة الشخصية على الأقل.. الكرامة الإنسانية..!
انتم تجار دين لا اكثر.. انتم (كما حكامنا).. لعنة ابتلي بها المواطن العربي البائس المقهور

كامل السعدون