-1-

الأول.. اول الرابحين..هو حماس والفصائل الوطنية والإسلامية المقاومة الأخرى.
اولا: كسبوا الشرعية الوطنية عبر التضحيات والقتال الجريء بأبسط الأسلحة، ونزعوا عن ابو مازن وصحبه اي شرعية وطنية إذ وقف مع العدو ضد شعبه.


ثانيا: اربعة اسابيع لم تندحر فيها حماس وحلفاؤها، لم تسقط سلطتها على غزّة وفي قلوب الناس، إرتفع رصيدها في الداخل والخارج بشكل منقطع النضير.. كسبت قلوب الملايين في العالم كلّه بصبرها وثباتها وشجاعتها.
وثاني الرابحين هي الشعوب.. شعوب العالم كله وبينها شعوبنا العربية التي كسرت حاجز الخوف وخرجت بالملايين وفي كل مدن العرب تعلن وقوفها مع غزّة وتنديدها بتخاذل الحكام..!

وثالث الرابحين دول الممانعة التي نجحت في أن تعقد قمّة بنصاب شبه كامل ونجحت في أن تعري الجناح الآخر وتفضحه، ونجحت في أن تحرك الشارع العربي وأن تناصر المقاومة إعلاميا وسياسيا وتشدّ من ازرها وهذا جلّ ما كانوا ينتظرون في هذه المرحلة.
ورابع الرابحين شعب غزّة الذي فرض حضوره على الساحة العالمية بشهداءه وتضحياته الكبيرة وعرّى وبقوة تيار التخاذل الهزيل وسبب لهم الحرج امام انفسهم وشعوبهم وعلى الساحة العالمية.


-2-

اول الخاسرين كان إسرائيل.. إسرائيل التي هزمت العرب مجتمعين في خمسة ايام، ها هي للمرة الثانية أو الثالثة تعجز عن كسر شوكة فتية لا يملكون إلا دمائهم وقلوبهم وضمائرهم وسلاح متواضع بالكاد يثبت حضوره ويثير الهلع في قلوب الصهاينة.
خسرت إسرائيل الديموقراطية معركتها غير المتكافئة، خسرتها قيميا وإخلاقيا حين قتلت الأطفال وضربت المدارس والمستشفيات وأستعملت السموم في قتل الأبرياء.


خسرت الإعتبار والإحترام الذي كانت تناله في العالم، بإعتبارها دولة ديموقراطية مسالمة تريد العيش بسلام في هذا الإقليم المتخلف بدكتاتورياته القبلية والعسكرية، وأفتضحت حقيقتها كدولة عنصرية متطرفة دينيا ولها اجندة توسعية عدائية وهي الد اعداء السلام والتعايش.


خسرت حين لم تستطع إنهاء حماس ولم تفرج عن شاليط ولم تُعد شريكها ابو مازن إلى غزّة، وسببت الحرج الشديد للنظام العربي المتحالف معها حين لم تستطع الإيفاء بإلتزاماتها لهم بإخضاع غزّة وإعادة الشرطي الفلسطيني (ابو مازن) إلى غزّة للهيمنة على المعابر وإعادة إلحاق غزّة باسطبل السلطة الوطنية المزعومة.


وكان اكبر الحرج للمصريين لجوءها ( إسرائيل ) إلى امريكا طالبة الخدمة العاجلة في وضع ترتيبات إغلاق منافذ التهريب وكأن مصر دولة بلا سيادة وما على إسرائيل إلا أن تتحاور مع حامل مفاتيح سيادتها (امريكا ).
ابرز الخاسرين بعد إسرائيل أو ربما قبلها حتى هو السيد عباس الذي وقع في مأزق ما بعده مأزق وأحترقت اوراقه كلها وما اظنه قادر بعد اليوم أن يعيد اللحمة لشعبه وأن يكسب إحترام وثقة الناس حتى الفتحاويين منهم حيث اظهر عجزا وتخاذلا وعدوانية نحو شعبه والفصائل المقاومة من هذا الشعب وأجتهد كل الإجتهاد في تسفيه نضالات الناس وتضحياتهم.
لقد خسر الرجل كل شيء.. كل شيء.

3
الغريب أن هذا الرجل ذو خلفية نضالية وقد اوصلته إلى السلطة اصوات الناس وحجارة اطفال فلسطين وإنتفاضاتهم المتكررة، بعكس رفاقه العرب من أسطبل الإعتدال البائس إذ أن أنظمتهم ذات خلفيات تأسيس إستعمارية اصلا ولا يلامون إذا كانوا مشدودين كما ثيران السواقي لعجلة الغرب، لأن استمرارهم في الحكم معتمد كل الإعتماد على رضا هذا (الغرب) في المقام الأول.
ثالث الخاسرين هو العالم المتحضر الذي افتضح زيف ديموقراطيته وإهتمامه بحقوق الإنسان إذ صمت طويلا على المجزرة وحين تحرك تحرك حسب لمساعدة إسرائيل وإخراجها من ورطتها الإخلاقية العويصة.
أما رابعهم فهم الحكام العرب الذين وقفوا ضد الفلسطينيين، وتعاونوا مع المحتل في تعزيز الحصار على أهل غزّة، وحركوا آلتهم الإعلامية ضد الناس كبعض القنوات التي يذكر الناس جميعا كيف كانت تُعنى بالنشاط الإرهابي في العراق وكيف إعتمدت الإثارة والتحريض إبان الأزمة التي نشبت بين حزب الله وجماعة المستقبل.


في حرب غزّة وقفت وبقوة مع الطرف الذي وقف معه معسكر الإعتدال الذليل ونشطت للدفاع عن وجهة نظر هؤلاء وأعتمدت في مقابلاتها على طرف واحد فقط هو طرف التحريض على حماس وتحويل الأنظار عن إسرائيل صوب إيران وسوريا وكأن هؤلاء هم من يطحنون الغزاويين بالفسفور الأبيض.


-4-

لا نشك في أن حرب غزّة لن تنتهي ككل حروب العرب السابقة بحملات تمويل خليجية لإعادة إعمار ما تهدم.. حسب.
بل ستتبعها آثار سياسية وإقتصادية وإجتماعية كبيرة..!
حرب غزّة كسرت حواجز كثيرة في نفوس الناس وقلوبهم وعقولهم.. حطمت حاجز الخوف لدى الناس، أنتجت زعماء جدد ودماء جديدة وفكر جديد..!


حطمت للمرة الثانية إسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.
أعادت ثانية إلى الواجهة حلم التحرير الشامل لفلسطين، أكدت إمكانية تحقيق هذا الحلم، رفعت سقف المطالب الفلسطينية إلى قمم جديدة لم ينجح المرحوم عرفات ومنظمة التحرير وعرب الإعتدال من الإرتقاء إليها.
حرب غزّة لم تنتهي البتة.. بل بدأت.. حقيقة لقد بدأت الآن بعد الفشل الإسرائيلي والعربي الذريع في الإجهاز على المقاومة..!

كامل السعدون