تشير التطورات الأخيرة المتصلة بالقضية الكردية في الشرق الأوسط أن المرحلة الأكثر حسما في تاريخ هذه القضية تمر بها هذه الأيام، وهذه الفترة قريبة جدا من فترة نهاية الحرب العالمية الأولى التي طرحت الخارطة القومية المعروفة حاليا في المنطقة.

وكي لا نخوض في المقدمات كثيرا، لنبدأ بالموقف الأخير للرئيس جلال الطالباني ورئيس حكومة إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني بدعوتهما حزب العمال الكردستاني إليقاء السلاح لأن زمن الكفاح المسلح مضى ولم يعد صالحا اليوم على حد قول الطالباني. دعوة الطالباني وجدت مؤيدين ومعارضين لها في الوسط الثقافي والسياسي الكردي، في الوقت الذي تجري فيها استعدادات في جنوب كوردستان للتحضير للمؤتمر القومي الكوردي الذي يبدو انه يتجه لتحقيق هدف تركيا في حصر حزب العمال الكوردستاني، وبناء على هذه المعطيات وملحقاتها المعروفة أدلي بوجهة نظري كاحد المعنيين بمستقبل القومية الكردية في الشرق الأوسط.

أولاً: دعوة الرئيس طالباني حزب العمال الكوردستاني إلقاء السلاح غير مضمونة النتائج في حال استجاب العمال الكوردستاني لذلك. لذا أدعو مراد قريلان وباهوز أردال ورفاقهم لإصدار موقف يضمن عدم تحول هذه الخطوة وبالا على حركة التحرر الكوردستانية، والتضحية بدماء خمسة وعشرين عاما في اجتهاد مشكوك للطالباني الذي سيكون له أجر واحد على كما يبدو لاجتهاده مع مليون شهيد آخر. المطلوب من جلال الطالباني ان يثبت ان إلقاء السلاح والخوض في العملية السياسية كما يطالب هو التوجه الأمثل في الوقت الحالي ومستقبلا، وطريقة الاثبات الوحيدة ان يقدم على خطوة حسن نية للعالم اجمع أن السلاح لم يعد له أية فائدة، وأن يأمر البيشمركة بإلقاء سلاحكم. إلقاء سلاح البيشمركة مقابل إلقاء سلاح حزب العمال الكوردستاني. وان يقوموا بتسليم أسلحتهم للجيش العراقي، والاكتفاء بالمفاوضات السياسية مع حكومة المالكي او الحكومات العراقية القادمة.

ثانيا : دعوة حكومة الاقليم لمشروع وساطة بين الحكومة التركية وحزب العمال لا يمكن قبولها من الشعب الكردي، لأن حكومة الاقليم طرف أساسي في المشكلة وغير مؤهل للتحول إلى وسيط.

ثالثا : المؤتمر القومي الكردي كما تشير المعطيات المتوفرة ستتبنى وجهة نظر الطالباني. هذا يعني إعلان الحرب على العمال الكوردستاني. المطلوب في هذه النقطة موقف موحد من الفاعلين في الثقافة في المجتمع الكردي إعلان صوت بعيدا عن العقد النفسية القديمة التي تنتمي إلى مرحلة الحرب الباردة. الحرب الباردة انتهت، ويجب ان تنتهي معها الاصطفافات خلف مصطلحات الآبوجية والبارزانية وغيرها. نحن في مرحلة الكردايتية الموحدة، او هكذا ينبغي. إلعان الحرب على العمال الكوردستاني من طرف كوردي يعني ممارسة الانتحار. الأفضل خروج الطالباني من حالة الاكتئاب التي يعيشها سياسيا وتجنيب الكورد الانتحار.

رابعا : من وجهة نظر استراتيجية، تسعى تركيا ومعها الولايات المتحدة الاميركية ممارسة اخطر فكرة ضد القومية الكوردية من خلال إقصاء المركز الكوردستاني (آمد) من معادلات تسوية القضية الكوردية.

خامسا : المطلوب خروج الرئيس مسعود البارزاني بموقف وعدم الانزواء في الخلف لأننا اعتدنا على رؤيته في الصف الأمامي، ويحظى بمصداقية أكبر من نيجيرفان والطالباني حتى في اوساط حزب العمال الكوردستاني.

سادسا : دعم الطالباني للعشائر الموالية لحزب العدالة والتنمية في شمالي كوردستان في الانتخابات البلدية التي ستجري بعد أيام يضع نقطة استفهام غير مفهومة مرة أخرى. هل النقشبندية ما زالت احد مراكز الثقل السياسي في عموم كوردستان؟ المعطيات الخيرة كلها تشير إلى توجه قادة اكراد العراق للتحالف مع تركيا ضد شمالي كوردستان، لكن مع تاكيدنا انهم لن يكونوا طرفا أساسيا معرتفا به من قبل تركيا إلا في حال عملهم وفق الرغبة التركية. أي كلما عملت ضد الاكراد كلنا أصبحت حليفا لنا. إنها أخطر مرحلة في تاريخ الحركة القومية الكوردية. الطالباني يأخذنا إلى الجحيم. لكن لو كنت قائدا في حزب العمال الكوردستاني لرسمت توجهاتي بحيث يكون الطالباني شريكا في الجحيم.

سابعا : المواقف الفردية التي تصدر من بعض المثقفين الكورد يدعون فيها حزل العمال إلى إلقاء السلاح : أدعوهم اولا كل من يملك قطعة سلاح شخصية أن يسلمها للجهات الرسمية في الدولة. وعند الحاجة إلى سلاح ليلجؤوا إلى صنع quot;مقلاعquot;.

حسين جمو