ولد الاسلام حراً لا سنياً ولا شيعياً، والمولود يبقى على ولادته الصحيحة دون تغيير ولا احد يستطيع تغيره الا بنصٍ قرآني مكتوب.ان من يتمسك بالخلفاء الراشدين، من السُنة والشيعة اليوم في الخلاف والاختلاف نقول:أنهم عاشوا سوية وفي بيت واحد ولم نسمع منهم خلاف او أختلاف،فمن اين جاء الخلاف والاختلاف، ألم تكن ام كلثوم بنت الرسول محمد(ص) زوجة لعثمان،ألم تكن أم كلثوم بنت علي بن ابي طالب زوجة لعمر بن الخطاب،الم تكن قريبة ابي بكر الصديق اللح زوجة لمحمد ابن الحنفية ابن علي بن ابي طالب،فاين الخلاف والاختلاف. نعم الخلاف والاختلاف في قصص اوردها المؤرخون زورا وبهتانا وزرعوها في افكارنا الفقهاء المتفيهقون الى اليوم فهل من مزيد.؟. الراشدون أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب رضوان الله عليهم جميعأ.لم يكونوا على خلاف لا في الخلافة ولا في تفاصيل الاسلام،فكل الخلافات والاختلافات من صنع فقهاء السلطة الذين عينوا لهذا الغرض اللئيم. وممن دخلوا الاسلام رهبة لا رغبة.فظلت نفوسهم تكن العداء للعرب والمسلمين.

افتراقات حصلت في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان ردمها الامام على وانتهى الامر.الخلافات والاختلافات كانت من ابتكار الامويين والعباسيين،ومن رافقهم من ذووي السلطان الاكبر اصحاب الامبراطوريات المالية التي سرقوها من اموال العرب والمسلمين ليسودوا بها الناس بحكم السيف والذهب الاصفر وهم عن ربهم معرضون.

ما فتحت كتاباً من كتب التاريخ الاسلامي المعنية بحوادث القرن الاول والثاني الهجريين الا اعترتني دهشة بالغة الاثر شديدة الوقع،وانا أقرا الخلاف والاختلاف بين علي وعمر،بين الردة والمرتدين،بين الرجم والمرجومين،فلم اجد من رأي متفق ولا من موضوع متسق،بل وكأنك تقرأ مقصودا للفُرقة متعمد مكتوب.مما حرره المؤيدون والمعارضون،ما كتب بطريق الرواية،وما أعتمد منهج النقد،ما ألفه المشاهير وما لم يشتهر مؤلفه.ان النظرة الفاحصة على كل هذه الكتب والروايات على اختلافها لن تعطينا الا نتيجة واحدة هي الاختلاف،لكن بماذا الاختلاف؟ولا شيء؟.

الكل مختلفون في الردة والرجم والشهادة والتسبيل والزواج والطلاق والارث والوصية والقوامة والميثاق اي في كل حقوق المرأة التي أنصفها الاسلام وظلمها فقهاء السلطان.،ولا خلاف في العقيدة او الشريعة ابدا لانهم لا يستطيعون ان يتجاسروا عليها،ومن يدعي فليظهرها لنا لنعلم ما يقول.واليوم سوف نعرج على مسألة مسألة ومن لديه الاعتراض فليعترض بحدود ادب الحوار ونحن له مستعدون.
الردة والرجم
--------------
كلمة الردة تعني :الرجوع او الاتداد الى الوراء،وشرعاً تعني :تكفير المسلم بقول او فعل يخرجه عن الاسلام.فهل الردة في الاسلام جريمة والله منح الناس حرية الرأي فيمن أسلم من عدمه.يقول الحق:( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين نارا،الكهف 29)ولم يقل للكافرين ناراً،فالاية أقامت علاقة جدلية بين الكفر والايمان،وبما ان الكفر ظلم للنفس البشرية من الناحية العقائدية،وقد يرتكب من غير الكافر ايضاً،فقد وسع القرآن الكريم العقوبة فاصبحت تشمل الجميع،والقرآن وكلماته المقدسة لا تقبل الترادف اللغوي ابدا.

وجاء سبحانه وتعالى بآية اخرى تدعم الاولى،وجاءت عامة لكل الناس(لا اكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي،البقرة 256). فهي آية الحرية المقدسة عند الله منحها للانسان هبة من عنده،وليست هبة من احد.هنا الدليل القرآني يدعم حرية التصرف والاعتقاد ولا دخل للفقهاء ورجال الدين فيها مطلقا. وليس من حق الحكومات الاسلامية ان تثبت اي نص قانوني يتعارض مع حرية الرأي والاعتقاد.فهي منحة الله للناس التي لا تناقش.

اعتاد الناس على ان حكم المرتد عن الدين الاسلامي هو القتل، وفي الزنا هو الرجم،كما في حديث نقله لنا السيوطي في شرحه نقلا عن سُنن النسائي يقول فيه:(لا يحل دم أمرىء مسلم الا بأحدى ثلاث :رجل زنى بعد أحصانه فعليه الرجم،او قتل عمدا فعليه القود،او أرتد فعليه القتل،النسائي ج7ص104.
.وحين نستعرض ايات الردة في سورة البقرةآية 217،109،وفي سورة آل عمران آية 149،100 وفي سورة المائدة آية 54 لا نجد تطابقاً مع نص الحديث، يقول الحق ( يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه.قل قتال فيه كبير.........ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر )ولم يقل يقتل.وبقية الايات المذكورة كلها من هذا التوجه الالهي الرحيم.

وحين نستعرض أقوال الفرق الاسلامية جميعها الشيعية منها والسنية نخلص على انها تجمع على ان المرتد عن الدين،هو من رغب عن الاسلام وكفر بما أنزل على محمد (ص) بعد أسلامه ولم تقل يقتل. واليك البيان:

-الشيعة الامامية : تحدد الردة بالكفر بالبينة والاستهزاء بالدين ولن تقل يقتل،الفرق بين الفرق للنوبختي.
-الشافعية: تحدد الردة بالتلفظ وتحليل المحرمات ولن تقل يقتل. الرسالة للشافعي.
-الحنابلة :تحدد الردة بالشرك والكفر والسب وانكار الحلال ولم تقل يقتل.
-الزيدية :تحد د الردة بالكفر والفعل والسجود لغير الله ولم تقل يقتل.
-الاحناف :-تعتمد الاحناف على حديث البخاري (من بدل دينه فأقتلوه) لكن المذهب الحنفي يؤمن يالاستتابة وقالوا من حج وارتد عليه ان يؤدي الفريضة ثانية ليرفع عنه حكم المرتد. لكن لانص عندهم في القتل،لأن الامام ابا حنيقة يأخذ بالقياس في الحكم الشرعي.
يقول الامام محمد الباقر (ع) في وسائل الشيعة جزء 18 ص 544،ان المرتد هو من رغب عن الاسلام وكفر بما انزل على محمد بعد اسلامه،ولم يقل يقتل.
نحن نوجه سؤالنا الى كل فقهاء السنُة والشيعة ونقبل اي جواب منهم، ان جاؤا لنا بدليل واحد من القرآن الكريم بتحليل قتل المرتد،سوى ما نقل عن أحاديث أحادية ضعيفة،فاين الخلاف والاختلاف؟

والردة جاءت في الطبري بنص مبهم،أنظر ما ذا يقول الطبري في كتابة الرسل والملوك( وقد ارتدت العرب اما عامة واما خاصة،في كل قبيلة،ونجم النفاق،وأشرأبت اليهود والنصارى والمسلمون كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية لفقدهم نبيهم(ص) وقلتهم وكثرة عدوهم 2/225). والسؤال موجه للمؤرخين،يقول الطبري المتوفى بعد 299 سنة على وفاة الرسول (ص)،يقول: أرتدت العرب، ولم يقل لماذا ارتدت العرب؟والاسلام كان حديث عهد بالجاهلية،واذاكانت الافواج القبلية جاءت راغبة بالاسلام ( اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك وأستغفره انه كان توابا،النصر). فلا يعني ان القبائل هي التي اسلمت بل شيوخها القلة ومرافقيهم من العرب.امور غامضة بحاجة الى دليل؟ أبهذه الامور الغامضة بنينا كل قصور الرمال في الخلاف والاختلاف؟امر بحاجة الى تحليل؟. أضف اليها الظروف الصعبة التي واجهتها الخلافة خوفاً من ضياع الاسلام والدعوة معاً.فأذا حصل اجراء العنف المضاد فقد كان أجراءً أحترازيا لا أكثر ولا أقل،اي لم يكن مقصودا ابداً.

أما كلمة الرجم :

----------------
،لم تأتِ أصلاً الا في ثلاث آيات قرآنية كريمة هي سورة الشعراء آية 116، وسورة ياسين آية 18، وسورة هود آية 9،وللتدليل ننقل لكم ما اوردته سورة الشعراء المكرمة :(قالوا لأن لم تنتهِ يا نوح لتكونن من المرجومين)وهي جاءت تحذير لنوح على لسان قومه من الخارجين على الملة،اي جاءت بمقصد اخر بعيداعن القصد الذي اورده الفقهاء في التفسير،وكل الايات الاخرى جاءت على نفس التوجه الرباني العظيم.

أما أحاديث الزنا فقد حملت أكثر من طاقتها وظلمت فيها المرأة ونقل فيها التشريع الى تقليد جاهلي صرف،حين قتلت المرأة على التهمة لا على الواقع،يقول الحق :(والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء فأجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون،النور4).

لقد وضعت للزنا معايير تعجيزية لا تخترق قد يستحيل على المرأ أثباتها لان الاية الكريمة أدركت ان التعامل مع الجنس يحتاج الى غاية الحذر والحساسية في تطبيق النص.لا سيما وان العملية الجنسية لا يمكن ممارستها علناً وتحت نظر الاخرين،فهي عملية سايكولوجية بحتة،ومرفوضة العلن حتى عند بعض الفصائل الحيواني كالجمال مثلاً،لذا فالحديث يجانبه الصواب،ولا يمكن الاخذ به،ومن هنا لابد من تأويل جديد للنص يتماشى مع التطور وأنسانية الانسان التي احترمها الله لكل البشرية دون تمييز. لنخلص العامة مما علق بالاذهان من عادات وتقاليد بالية مرفوضة بحق حرية الانسان المكفولة ربانياً ومن وزر التفسير الفقهي اللغوي الترادفي للنص الديني.

ان من يتصدر لتفسير النص القرآني عليه ان يكون ملتزما بمنهج التفسير العلمي الذي ينص على:
قيام الدليل والبرهان على صحة النص،ولا تقوم الحالة الا بالتمحيص الداخلي للنص تمحيصا ًتظهر فيه وبشكل منهجي جوانب القوة والضعف،بحيث لا يعوز الباحثين سلامة الدليل عليه،والاخرى تنهض على الفحص الخارجي،فأذا تعذرت الحجة قيام الثانية،فيعتمد عندئذ النص المقابل له ظاهرأ وباطناً،ولاخراج الدليل الحقيقي للنص لا بد من اثبات الاصل ببطلان النقيض،واذا لم تتحقق هذه الموازنة العلمية في النص يبقى النص في موضع الشك والريبة. والفقهاء والمفسرون لن يكن يدركوا هذه القاعدة العلمية أنذاك.لذا جاءت تفاسيرهم احادية صرفة بحاجة الى تعديل.

من هنا نقول ان النص التاريخي والديني بحاجة دائمة لاعادة نظر،،والنظرة النقدية للنص تحتم على الباحثين سُنة وشيعة تفحص الثوابت حتى في مواجهة الشخصيات الكبيرة كالخلفاء الراشدين(رض)والاحداث الكبرى،كقضية الفتوح والفتنة والاختلاف المذهبي البغيض الذي زرعوه في افكارنا ظلماً وعدواناً ومزقوا به دولة الاسلام والمسلمين.

وهذه القراءة الجديدة لا تهدف الى التقليل من شأن هذا وذاك أوهذه وتلك بقدر ما تهدف الى أعادة ترتيب التاريخ وتفسير النص تفسيراً يتلائم والتطور الزمني والحضاري. وسنطلعكم على كل كتب الفقه للشيعة الامامية المعتمدة والسنية المعتمدة لنريكم ان كل ما جاء به الفقهاء من خلاف واختلاف محض أفتراء لخدمة السلطة القائمة بعيدا عن خدمة الاسلام والمسلمين.
والله من وراء القصد.

د.عبد الجبار العبيدي
[email protected]