بالتأكيد غياب الرئيس مبارك عن قمة الدوحة لم يكن مفاجئة في ظل التوتر القائم في العلاقات المصرية القطرية، ولكن المفاجئة كانت في تكليف quot;وزير دولةquot; وليس رئيس وزراء أو وزير خارجية برئاسة وفد مصر المشارك في القمة، ويبدو ان القاهرة أرادت بهذا الإجراء إرسال رسالة واضحة وصريحة تؤكد عمق خلافاتها مع الدوحة!
ليس صحيحا أن قناة الجزيرة هي السبب الوحيد في الأزمة المصرية القطرية، وليس صحيحا انها اختلافات وجهات النظر بشأن حرب إسرائيل على لبنان وغزة، ولكن القاهرة تنظر إلى تحركات قطر في المنطقة باعتبارها ndash;وهذا هو الأهم- تصب في خدمة المصالح الإيرانية.
فالدوحة تحاول أن تكون لاعبا مؤثرا في شئون المنطقة، اعتمادا على ما لديها من علاقات إقليمية ودولية، وعلى مدخولها الهائل من الغاز،وهذا في حد ذاته لا يمثل مشكلة إذا تكاملت الأدوار وكان هناك تنسيق عربي مشترك، ولكن المشكلة حدثت حين اختلفت وجهات نظر الدوحة مع القاهرة وعواصم عربية أخرى وتطابقت بشكل كامل مع طهران!
ففي سعيها لممارسة دور إقليمي اتفقت الرؤى والأهداف بين الدوحة وطهران، حتى أن الأجندة السياسية للبلدين أصبحت متقاربة إلى حد بعيد، وهذا ما أثار قلق وإنزعاج القاهرة، كما أثار قلق وإنزعاج عواصم عربية أخرى، فإيران لا تخفى رغبتها في نشر المذهب الشيعي في البلدان العربية السنية، كما لا تخفي سعيها للهيمنة على المنطقة!
وفي محاولتها للصلح بين فتح وحماس بدا واضحا أن الدوحة تحاول ضرب الدور المصري لصالح إيران، وفي المصالحة بين الفصائل في دارفور كان باديا للعيان أنها حدثت بدون التنسيق مع مصر التي تعتبر السودان جزءا من أمنها القومي، وفي الحرب الإسرائيلية على غزة زايدت الدوحة مع طهران على القاهرة والعواصم العربية الأخرى بشكل اثار أكثر من علامة استفهام!
وفي قمة الدوحة الحالية حاولت قطر دعوة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد للمشاركة في القمة، وحين هددت غالبية الدول العربية بالمقاطعة اضطرت الدوحة وطهران للتراجع في آخر لحظة!
بل إن تحركات قطر الإقليمية لم تستهدف مصر وحدها، وإنما استهدفت دولا عربية كبرى، بهدف النيل من مكانتها، وتهديد مناطق نفوذها التقليدية، وكان ذلك كله لمصلحة إيران التي تتحرك الآن لتثبيت مواقعها في العراق ولبنان وسوريا والسودان والصومال واليمن وقطاع غزة وموريتانيا والجزائر والمغرب. وليس سرا أن قطر تلعب الآن دور الوسيط بين إيران والإدارة الأمريكية الجديدة!
عموما لا أحد يعترض على حق قطر في أن يكون لها دور في المنطقة،فهي في النهاية دولة عربية مستقلة وذات سيادة، لكن عندما يتطابق سعيها مع خطط إيران للهيمنة، وعندما يكون ذلك على حساب أدوار الدول العربية الأخرى، فمن الطبيعي أن يكون هناك اعتراض من كل من يشعر بخطورة التهديد الإيراني!
غياب مبارك عن قمة الدوحة ليس موجها إلى القمة، ولا علاقة له بجهود المصالحة العربية،ولكنه رسالة مصرية لمن يهمهم الامر في الدوحة وطهران!
عبد العزيز محمود
التعليقات