رغم مايقال من أن الإرهاب لا دين له، وانه شان إنساني عام، إلا أن الوقائع تشير إلا أن منطقتنا تكاد تمثل أهم حواظن الإرهاب على الإطلاق، بل أن الغالبية العظمى من الإرهابيين ينتمون لمنطقتنا، حيث يتوفر الغذاء الفكري والمجتمعي الذي يساعد على نمو ظاهرة الإرهاب واستمرارها واستفحالها، وبالتالي لايمكننا أن ننفي وجود علاقة ما بين نمط حياتنا وظاهرة الإرهاب، فهذه العلاقة تكاد تكون واضحة وملموسة، وليس من المعيب أن نعلن ذلك أو نشعر به أنما المعيب أن نتجاهل هذه الحقيقة، ونحاول أن نتملص منها، سواء جاء ذلك خجلا أو هروبا من عواقبها، وإذا كان الآخرون محرجون من أن ينسبوا لنا ذلك لأي سبب من الأسباب، فليس علينا أن نتبعهم في هذا الأمر، أو أن نتقبل مجاملاتهم ونبني عليها، ففي كل الأحوال نحن مجبرون على أن نواجه هذا الداء الرهيب بأنفسنا، ليس لأنه يشوه اسمنا وسمعتنا لدى الآخرين ويضعنا كخصم أمام العالم المتحضر وحسب، بل ولأننا نشكل أيضا احد أهم أهدافه، انطلاقا من منطق الإرهاب في التلون، ومن وجود ظروف موضوعية تساعد على رواجه وانتشاره، وهي ظروف يمكن أن تجعل من منطقتنا ليس ابرز مصدر للإرهاب وحسب، بل واكبر متضرر منه أيضا.
ومن أن اجل أن نكون مرنين في التعامل مع هذا الخطر الداهم، ونكون قادرين على مواجهته ودحره، لابد أن نقر أولا بوجود أرضية تساعد على نماء الإرهاب، تنطلق من معيننا الثقافي وواقعنا الاجتماعي، وان من الضروري أن ننتبه إلى العوامل والظروف الحاضنة له، حتى نجد السبل التي تمكننا من خلق ظروف وعوامل مضادة، يمكن أن تساعد في تخليصنا منه،
فكل الطاقات يجب أن توجه لهذا الهدف الجبار، وكل الجهود يجب أن تبذل من اجل تهيئة سبل المعركة ومستلزمات نجاحها، ولابد قبل أن ننظم إلى الجهد الدولي لمكافحة الإرهاب من تخليص أنفسنا منه، ووضع كل السبل الممكنة لخدمة هذا الغرض، بدءا من التربية مرورا بالإعلام والتشريعات الضرورية وصولا إلى العمل الأمني، ولابد أن يكون عملنا موجها ويخدم الجهد الدولي لمكافحة الإرهاب.
ولذلك علينا جميعا في هذه المنطقة الموبوءة والمبتلاة بهذا الداء،إعلان البراءة من الإرهاب.. البراءة التي ستجعل هؤلاء منعزلين ويعيشون على الهامش،علينا أن نحرمهم من الشعور بأنهم يحققون هدفا ما، وان هناك من يؤيدهم فيه،علينا أن نثبت للعالم أننا لانقبل أن نكون رهائن بيد الإرهاب أو حاضنة له، بل علينا أن نثبت أننا ألد أعداءه والأكثر من يقاومه ويقف بوجهه، والمطلوب أن نثقف لهذا الهدف وان نعد أنفسنا له، وإذا لم يكن بمستطاعنا تحريك الجماهير لإدانة الإرهاب أو العمليات الإرهابية الحاصلة هنا أو هناك من خلال التظاهرات السلمية، لابد أن نحاربه بوسائل أخرى و في أي مجال أو محفل، نحاربه تربويا من خلال مناهج مناسبة تتجنب التحريض والتطرف وتؤسس للاعتدال والحب، نحاربه إعلاميا من خلال نقل الخبر والمعلومة إلى المشاهد، وعرض تقارير عن بشاعات هؤلاء وما يقومون به من كوارث مهولة وأعمال مشينة، و دينيا من خلال التأكيد على رفض الدين لهذه الأعمال ونبذه لها، وسياسيا من خلال دعم الجهد الدولي العامل على هذا الهدف، وتقديم كل التسهيلات الكفيلة بدعم هذا الجهد، والعمل على إنشاء حلف عالمي لمواجهة المنظمات الإرهابية وضربها حيثما وجدت وكيفما برزت، وقانونيا من خلال تشريع القوانين التي تتصدى للعمل الإرهابي، وتعمل على تجفيف منابع الإرهاب بأي شكل أو وسيلة،وامنيا من خلال المشاركة في بناء منظومة دولية للأمن، مهمتها وقف الإرهاب وضربه أينما كان.
فنحن ملزمين على بذل كل ما نملك من اجل بناء مجتمع أنساني خال من الإرهاب وينبذ العنف والتطرف.
باسم محمد حبيب
التعليقات