قيمة التقرير Militants Show New Boldness in Cities of Iraq الذي نشرته صحيفة النيويورك تايمز يوم 1 rlm;نيسانrlm;rlm; rlm; أبريل 2009، يكمن في تفسير مغزاه على صعيد الوضع الأمني في العراق.

أخذتُ خلاصة تقرير الصحفية أليسا روبين Elissa Rubin الذي كتبتْهُ ميدانياً من محافظة بغداد و قرى ديالى والانبار، مأخذ الجدية التامة، ليس بسبب كون حرية العمل السياسي لا تلتقي مع حرية حَمَلة سلاح التخريب والأجرام ولا بسبب أن حَملة شعارات التحزب لدين، مذهب، أو قومية لايقيمون وزناً لأي تطلع عراقي بملامح عراقية أصيلة، وأنما بسبب خروجه بأستنتاجات صحيحة عن زُمر وعصابات أصبحت حجر عثرة لتقدم العراق ومستقبل أجياله.


تذكر الصحفية بداية تجمع زمر متخلفة دون أي خوف أو وجل في مناطق تبدو وكأنها تمتثل لهم. فبينما تتهيأ القوات الأمريكية لمغادرة المدن العراقية والأنسحاب من المناطق الامنة، يوضح التقرير بأن قوات الأمن العراقية والأمريكية بدأت تلاحظ أنضمام وتجمع زمر قتال (جهادية وتنظيمات للبعث) في مجموعات صغيرة أستعداداً للقيام بأعمال تخريب وقتل جديدة. ويتسائل التقرير عن أمكانية ومستوى العنف الذي تستطيع هذه الزمر القيام به، وفيما أذا كانت الحكومة العراقية في مَغفل عن تحركاتها أو ضلوع بعض منتسبي الاجهزة الأمنية (من جديد) في تزويد هذه الزمر بمعلومات أستخبارية. وعن مجمل ماتعودت عليه هذه الزُمر في أعمالها الأجرامية، فأنها تسعى الى تدريب صبية بأعمار 13- 16 سنة على أنواع مستحدثة من الأسلحة بالأضافة الى تفجير السيارات، وبالاخص RKG-3 وهو قاذف قنابل يدوية، روسي الصنع، قليل الكلفة (القنبلة الواحدة في حدود 10 دولار) وهو سهل الحمل والأستعمال ضد ناقلات الجنود الثقيلة التُدريع.


والحقيقة لايستطيع الكثير من العراقيين أن تَفهم مَن يسند مثل هذه البؤر المجرمة التي تجاوزوها الزمن بمراحل وأتضحتْ أساليبها التخريبية في داخل العراق وخارجه بعد أتضاح تحجر تفكيرها السياسي وترويج أقامة شرع الله بنفس الطريقة العفنة التي من خلالها نالتْ من شعب العراق قتلاً وتنكيلاً وغدراً في السنوات القليلة الماضية. فماهو المُبرر الأخلاقي الجديد لدعم أعمال شائنة من هذا النوع؟ لقد سبقَ وأن قامت الدول المُحيطة بالعراق بتحليل ودراسة الطرق الخبيثة لهذه الزمر الأجرامية في تجنيد الصبية الشباب وتسميم أفكارهم في وقت هم في أمس الحاجة للتعليم والتوجيه والتربية. ولم تُساوم معها بل عمدت الى القضاء عليها وضربها بقسوة وحزم لأحلال الأمن والطمأنينة لمواطنيها.


أن النبض الأول المُحرِك لهذه الزُمر المتحجرة التفكير هو البطالة المُزمنة وأنعدام الثقافة العامة وسوء المناهج التعليمية والتدريس والتربية البيتية. فلابد من معالجة هذه العلل المُزمنة من الأساس.
وللتعرف على هذه الزمر والعصابات وأساليبها الأجرامية،لابد من ملاحظة الأمور التالية :
1. عدم ألتزامها بمبادئ خُلقية و قيّم أجتماعية متعارف عليها بين الناس، وأغلبها تتصرف بدافع الحاجة للمال، مع أنها تقوم لتبرير أنتماءاتها الوطنية حباً بالجهاد.
2. تبني وتنشر مبادئ تفرقة المسلمين وأشعال الفتن ومحاربة مذاهب دينية لاتمتثل الى مشيئتها. وتطغي على القادة منهم غيوم سوداء تلف عقول من لايفهمون الحياة البشرية.
3. تَعرضُ حلول فقهية وآيات قرأنية وتعاليم دينية على المجتمع عند تشخيصها لمشاكل حياتية يومية. وتتمثل أعمالها بالقسوة والعدوانية والدمار عندما لا تمتثل أجهزة الدولة والمجتمع لأارادتها وعصيانها.
4. تختبئ وراء تعاليم دينية مشوهة وأقوال الصحابة لشن حرب جهادية هدفها أستعباد أبناء أوطانهم.
5. ليس لها أعمال خيرية أنسانية وتفتقد الى سجل وطني يُثبت ماتقدمه الى المواطنين والطبقات الشعبية الفقيرة. ويفتقد منتسبوها من الشباب المُغرر بهم، التبشير بالعلم وحب الخير والمساعدة والتفائل وأبتسامة الأمل في أي مستقبل مشرق. وتأخذ دعواتها طابع غيمة سوداء، تُفضل التذكير بالمأسي والاحزان والفواجع واليأس والموت والخلاص.
لقد أخذتْ مثل هذه الحملات في عدائيتها مأخذ تنمية الكراهية وأرتكاب الجريمة واستنفذت، في السنوات الأخيرة مُعظم موارد الميزانيات المالية لدول عديدة، ومازالت هناك حكومات أبتلت بهذه الأفة وتُخصص مبالغ طائلة للتخلص منها. والصفة العامة التي تتصف بها هذه القوى هي الوصول الى أغتصاب السلطة وسرقتها عن طريق الأرهاب والأبتزاز ونشر الخوف، ويمكن القول على أنها صفة رافقت النظام العراقي منذ أكثر من 40 عاماً.


يدرك المسؤولون ما أصاب هذه القوى من التحجرالسياسي والتخشب الفكري في الداخل والخارج وأرجعت العراق سنوات من البناء والتقدم.


ورغماً عن الجميع، كانت بطاقة الوطنية محصورة بيد المُروجين لهذه الزُمر وتُباع للأتباع من المتاجرين بتربة العراق من عصابات متخلفة تشبعتْ بأفكار التشنج القومي والأجرام الأسلامي المُخجل تحت راية الجهاد في سبيل إقامة شرع الله وقسمتْ الولاء والطاعة بالطريقة التي ترتأيها. ولاينبغي على أجهزة الدولة التعثر مرتين بالحجر نفسه. فهذه الزمر ومادونته دول ومؤسسات ورأي عام عن تصرفاتها الهمجية، أوضحت بما لايقبل الشك، أنها تبصق في البئر الذي تشرب منه، وأنها كانت الطاحونة التي قتلتْ روحية العراقي وكَفّرته في وطنه، وأستخدمها سابقاً، فرعون العصر ومخابراته من حوله بأسلوب همجي وعنصري بشع لتشريد الملايين من الناس. لم يكن عبثاً ماكتبتُهُ في أيلاف سابقاً عن ( رواج نظرية المؤامرة ) في مُخيلة بعض القادة الذين فقدوا صوابهم وتقمصتهم روح الشر والأجرام.


والآن، فيما يحاول العراق أن يستعيد عافيته ويعود سكانه الى حياتهم الطبيعية حيث تلوح في الأفق فرصة تاريخية لتعديل المسار وتغيير الهوية الطائفية بالهوية العراقية الوطنية، تعتقد هذه الزمر المريضة أن بأمكانها أرجاع عقارب الساعة بتحالفات جديدة وتسريب أفكار عقارب القاعدة وأجرامها ونشر تعاليم مُغرضة لكسب الشباب وتعميم الأعتقاد ( أن سبب المصائب التي حلّتْ بنا هو أبتعادنا عن الدين ونجاح اليهود في تشويه القرآن ) ويقول أخرون منهم أننا ( أصبحنا امة على هامش الامم لتركنا فروض الأسلام)، مفتعلة المخاطر لتوريط العراق في نزاع أقليمي جديد بنشر الكراهية والأنتقام وأنتقاص تمسّك العراقيين بالقيم السماوية والأنسانية.
أن التأكيد على الجهات الأمنية وقوات الصحوة التي أنضمت الى القوات المسلحة مؤخراً، على ضرورة quot; سد الثغرات والأيمان بالعلم والولاء للعراقquot; هو تأكيد على عنصر أساسي ومقياس حقيقي للتربية الوطنية عند خروج القوات الأجنبية والأعتماد على الأكتاف العراقية. الأيمان الذي يقوم على تثقيف القوات وتعليم المنتسبين منهم الأجهزة الأمنية الى تفضيل الخدمة العامة والنظام قبل تفضيل النفس والمصلحة الخاصة.


وأن فقدان الأيمان بالعلم والنظام هو تبني وجهة نظر أجنبية غير عراقية وتسليم أمور الدولة الى زمر سوقية وفق الأعتقاد المشوه الذي تبثه عناصرها التي بدأت بالتجمع من جديد بأنها تهتم بشؤون العراق ومستقبله أكثر من الذين هم في المسؤولية حالياً ووصلوا أليها بأرادة الأنتخاب الشعبية.
بكلمة أخرى quot; قل ربي زدني علماً quot; فلقد حان الوقت لأن نُظهِر للعالم بأننا أمة ماضية في طريق التقدم الحضاري والعلمي، أمة كانت قد أستوعبت دروس عقارب القاعدة وما تمخض من أعمالها التخريبية ضد العراق.

ضياء الحكيم
[email protected]

ملاحظة : لأسباب تتعلق بأصول النشر، يرجى عدم الأقتباس دون الرجوع الى الكاتب.