أي مصالحة مع رجل يتباهى بأنه quot;عميد الحكام العربquot;، جاثما على شعبه، مبعثرا ثروات بلاده على مدى أربعين سنه؟ أي سمعة عالميه يتحدث عنها هذا الرجل الذي يبدو أنه من كوكب آخر؟ وأي مصالحة معه؟ لقد اختصم وحارب وصالح ثم خاصم القريب والبعيد، ولعل أهم ضحايا نزواته المجنونه هو الشعب الليبي المغلوب على أمره. ومن هم ملوك أفريقيا الذين نصبوه ملكا عليهم؟ وهل هم بنفس quot;رجعيةquot; ملوك العرب، كما كنت تسميهم؟
ومن قال أن المصالحات بين القيادات العربيه مهمه؟ دعهم يتخاصمون، مادام انهم لم يتصالحوا مع شعوبهم في المقام الأول. انظمة شمولية يتشابه معظمها من حيث التكوين الجيني، وتختلف فقط في درجات القمع والفساد، ولعل الإمبراطور الجديد quot;القذافيquot; يقف في أعلى درجات سلم الفساد والقمع تلك.
على اولئك القادة أن يصلحوا بيوتهم اولا بعد ان اتخمونا بالحديث البيزنطي عن الوحدة العربيه ستة عقود. الوحدة تبدأ اولا داخل كل بلد عربي على حده، من خلال خلق أنظمة وقوانين تطبق على الجميع، وعلى رأس الأنظمة نظام محاسبة ومساءلة لكل من تبوأ منصبا عاما، نظام مساءلة يهدف في الأساس الى حفظ المال العام. الوحده تبدأ من شعور أبناء الوطن الواحد أنهم سواسية أمام الفرص الإقتصاديه وامام القانون وداخل صيرورة النظام الإجتماعي/السياسي برمته، داخل بلدهم أولا، قبل أن يحلموا بوطن، او أوطان عربية متحده. الوحدة تبدأ عند توفير الرفاهية الإقتصادية المستدامة والكرامة الإنسانية لكل مواطن دون منة من أحد.
تغيرت معظم دول العالم الثالث خلال العقدين الماضيين وتحولت الى انظمة ديموقراطية مزدهرة إقتصاديا وإجتماعيا، ولم يبق في ذيل القائمة غير العرب والأفارقة، ولعل منصب القذافي الجديد قد دمج الفريقين معا، خاصة أنه سيستضيف المؤتمر القادم بينما هو ينتمي اصلا الى quot;الفضاءquot; الأفريقي منذ بضع سنوات.
وعلى ذكر المؤتمر القادم وانعقاده في ضيافة العقيد، العميد، الملك، الإمام معمر، أتساءل كم ستكون نسبة الحاضرين من القيادات العربيه العام القادم؟ ومن سيصالح من، عندئذ؟ إذا لم يتردد بعض الحكام العرب من الذهاب خوفا من اللحاق بمصير موسى الصدر، فسيقلقهم على الأقل إحتمال تعرضهم للإهانة بشكل من الأشكال على يد عميدهم. ولعل من بين القلقين عمرو موسى الذي لمح القذافي الى رغبته في ان يحوله الى quot;سولاناquot; عربي، ونسي القذافي ماهية المؤسسة الإتحادية التي يمثلها سولانا وماهية تلك القيادات الأوربية التي لا يمكث اصحابها غير بضع سنوات في مناصبهم بعد ان تنتخب الشعوب بديلا لهم. كم عدد القيادات التي مر بها كل بلد اوربي منذ تولي القذافي الحكم عام 1969؟ وكم من رئيس أمريكي منذ ذلك الحين؟ اعتقد ان القذافي لا يستطيع تذكرهم جميعا ولا نصفهم أو حتى ربعهم، لكنني متأكد انه يتذكر تماما الرئيس الأمريكي رونالد ريغان الذي صفع العقيد كفا صغيرا عام 1986 اخفاه من المشهد (الفضاء) الدولي بضع سنين.
محمد العضاضي
كاتب سعودي
[email protected]
التعليقات