في إنتخابات البرلمان الأوربي التي ستنتهي قريبا، ظهرت أحزاب صغيرة وبأ سماء غريبة للتنافس على بعض المقاعد في ذلك البرلمان بالرغم من أنها لا تملك مقاعد في برلماناتها الوطنية.
و كانت عملية ظهورها بسبب إحجام الناخب الأوربي عموما عن المشاركة في تلك الأنتخابات نتيجة الشعور العام بخيبة الأمل من الأحزاب الحاكمة.
والشرط الوحيد هو حصولها على نسبة لا تقل عن 5 بالمئة من الاصوات لتضمن مقعدا على الاقل.
ومن تلك الاحزاب حزب المتقاعدين في ألمانيا والذي رفع شعار 20 مليون متقاعد يحتاجون من يطالب بحقوقهم !
يضم الاتحاد الأوربي 27 دولة، ويتكون البرلمان الأوربي من 785 مقعد، موزعة حسب النسب السكانية في دول الأتحاد،وعدد الناخبين الأوربين حوالي 375 مليون ناخب،سيقررون بتصويتهم في النهاية من هي الأحزاب التي ستحصل على المقاعد في البرلمان الأوربي الجديد الذي يتميز عن سابقه بكون أعضائه سيتمتعون بصلاحيات أوسع في تقرير كثير من القضايا المشتركة المهمة.
وأهم وظائف البرلمان الأوربي هي : أولا،التشريع لما بين 60 الى 90 بالمئة من القوانين الأوربية،وثانيا تقاسم البرلمان مع دول الاتحاد الأشراف على ميزانية الاتحاد الاوربي
وثالثا إشرافه على عمل المؤسسات الهامة، مثل المفوضية الأوربية.
وبعيدا عن طرق الدعاية والاعلان والترويج لأفكار الأحزاب المشاركة وأهدافها المستقبلية، فأن الخطوة الأولى لغالبية المؤسسات الاعلامية والدعائية هي الدعوة للمشاركة في تلك الأنتخابات.
أن قلة المشاركة عموما، يضر بالأحزاب الكبيرة ذات الشعبية الواسعة، لأن مؤيدي الأحزاب الصغيرة الجديدة والذين يكونون عادة مندفعين للتصويت لأحزابهم الفتية،سيشاركون بالتصويت بفعالية ناهيك عن جذبهم لأصوات أصدقائهم ومعارفهم، الممتعضين أصلا من الأحزاب الكبيرة.
أعود الى حال المتقاعدين عموما في أوربا، حيث تمثل السويد نموذج في هذا المجال،إذ يحتسب مقدار التقاعد لكل شخص وفق مثلث مقسم الى 3 أقسام قاعدته وهي القسم الاكبر يشمل التقاعد العام (هذا أضعف الأيمان ) ويضاف إليه الجزء الثاني وهو تقاعد الخدمة الفعلية (سنوات العمل )ويضاف اليه الجزء الثالث التقاعد الخاص (للاشخاص الذين وقعوا إتفاقيات مع شركات خاصة لأستثمار وتشغيل أموال تقاعدهم المتجمعة عبر السنين ).
والخلاصة أن لكل شخص تقاعد معين حتى لو لم يعمل طيلة حياته يوما واحدا (مثل حال كثير من المهاجرين الكبار الذين يأتون في الوقت الضائع ولا يحصلون على عمل معين ).
ويضاف إليه جزء آخر حسب سنوات الخدمة للعاملين.
ويضاف إليه جزء ثالث حسب الاستثمار الذي يقوم به البعض (يكلفهم مصاريف معينة خلال عملهم ).
ومع كل دقة هذا النظام والذي أظن وجود ما يشبهه في باقي دول الاتحاد، فأن المتقاعدين مستائين من ما يسموه تهميشا في المجتمع (أنا لاأفهم أين التهميش ؟مع كل الرحلات التي يقومون بها بعد التقاعد)
لذلك دخل حزب المتقاعدين الالماني الجديد الانتخابات البرلمانية الاوربية لتحسين مستوى حياة المتقاعدين الألمان..شوف إزاي !
ولكي لا يصاب المتقاعدون العرب في بلداننا العربية بخيبة أمل أو حسرة، أو يتشائموا من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في معظم بلداننا العربية، أقول لهم أن التشائم العربي أصبح حالة بل ظاهرة إجتماعية واضحة للعيان حسب إستطلاع مؤسسة غالوب الاميركية للبحوث الذي جرى مع 150 ألف مواطن في 140 دولة في العالم،حسب برنامج شارك برأيك الذي يقدمه المبدع سمير فرح من البي بي سي، والذي تبين منه أن المصريين هم الاكثر تشاؤما ومثلهم سكان بلغاريا وهايتي، بينما الأكثرتفاؤلا هم سكان
الدانمارك وإيرلندا والبرازيل (طبعا يكفي البرازيليين فريقهم لكرة القدم لتوفير كل التفاؤل المطلوب).
تصوروا، الشعب المصري الطيب الصبور المرح المنكت،الذي يسمي بلده المحروسة وأم الدنيا وهي كذلك فعلا،لكن ما الذي حصل لنسمع هذه النتيجة ؟؟
هل هي حالة إحباط واسع ؟ غير تلك التي عالجها عادل إمام في أحد أفلامه ؟
هل هي بسبب إخفاقات الحكومة لمعالجة المشكلات الكبيرة الناتجة عن إزدياد السكان السريع؟
وقلة فرص العمل والعشوائيات والفروق الطبقية الكبيرة ومشاكل السلطة والمال ؟
هل هي بسبب أخونة المجتمع المصري (على غرار أدلجة)، والذي نتج عنه كل هذا التزمت في الحجاب والنقاب وكبت الشباب والتحرش الجنسي ورفض الآخر المختلف في الدين أو الرأي ؟
بلد مثل مصر التي انجبت كل عمالقة الفكر والادب والفن، ومازالت تنجب المزيد، كيف يتشائم شبابها هكذا؟
لم أتابع موقع العراق في سلم التشائم، أكيد يشبه موقعه في سلم الفساد، بفضل الأحزاب الدينية
وتجار السياسة الجدد.
أليس المتقاعدين الاوربيين بطرانيين على نعمتهم؟؟
رعد الحافظ
التعليقات