حينما صرح رئيس النظام الإيراني ( المزورة ولايته الثانية ) الآغا محمود أحمدي نجاد عن نية نظامه بملأ الفراغ الأمني الذي قد ينجم عن الإنسحاب العسكري الأمريكي من العراق ، فإنه لم يكن يمزح أو يحرث في الهواء! بقدر ما كان يكشف عن ستراتيجية إيرانية مدروسة ومدبرة و معدة منذ زمن ليس بالقصير، ستراتيجية عمادها الأساس و محورها الرئيس هو بلورة سياسة تسلطية إيرانية واسعة المدى للتمدد في اقليم الخليجي و للهيمنة على شؤون المنطقة و المساهمة الفاعلة في إضعاف الكيانات الإقليمية و أهمها العراق الذي حقق الأمريكان بقوتهم العسكرية الجيارة ما عجزت عن تحقيقه جحافل الباسداران و الحرس الثوري و الجيش الإيراني خلال حرب الخليج الأولى التي إنتهت عام 1988 دون أن تحقق أيا من الأهداف الإيرانية المرسومة و المعلنة و أهمها قيام الكيان الإسلامي الطائفي العراقي المرتبط بالنظام الإيراني!!

وهو ما تحقق فعلا بعد عقد و نيف من السنين بجهود القوات الأمريكية التي أجهزت بالكامل على الكيان العراقي و هشمته بالمطلق و فتحت البوابات العراقية للخيارات التدميرية و الطائفية من خلال تحويل العراق بأسره لمصيدة لفئران القاعدة و أخواتها و لحقول قتل مجانية للجماعات التكفيرية و لمزرعة يرتع بها عملاء و أذناب النظام الإيراني الذين نجحوا جزئيا في تحقيق الطموحات الإيرانية في العراق ، لذلك ليس غريبا بالمرة أن تتكاتف الجهود الأمريكية العسكرية لتحقق الأهداف الإيرانية ، و ليس غريبا أيضا أن تبرز العضلات العسكرية الإيرانية بصفاقة في الساحة العراقية ، فقبل عامين و نيف مثلا تمكنت القوات الإيرانية من أسر دورية بريطانية في نهر شط العرب! و لم يجد الإيرانيون ردا سوى عبر المجاملات الدبلوماسية التي إحتةت الموقف!!

كما كانت الإستعراضات البهلوانية الإيرانية لزوارق الحرس الثوري المطاطية في الخليج العربي مستمرة و دائمة و تتصاعد كلما إحتقن الوضع الإيراني الداخلي و حيث لا يملك النظام الإيراني سوى لغة الإستعراضات و التخويف و التهويل بالمناورات العسكرية و بإستعراض الأسلحة الإيرانية الفتاكة!! التي لن يجود بمثلها الزمان و بالغواصات و بالصواريخ!! و بغيرها من العدة الحربية و في أسلوب ركيك و مثير للسخرية!!

و مؤخرا تفرعن الإيرانيون أكثر و أكثر و مارسوا بلطجة عسكرية واسعة النطاق، و تقدموا لإحتلال حقول نفطية عراقية محاذية للحدود و على مسافة 400 كلم من مدينة البصرة تصدى الجيش العراقي الحالي لها و اجبر القوات الإيرانية على الإنسحاب! وقد حدث ذلك في ظل صمت حكومي مريب و عدم إصدار وزارة الدفاع العراقية و لا القوات ألأمريكية التي تحمي العراق لأية بيانات توضيحية حول ما حدث! وهو تطور خطير و نوعي يلقي الأضواء على طبيعة النوايا و ألأطماع ( الإسلامية ) الإيرانية!!

قد نعذر الحكومة العراقية لعدم إصدارها البيان التوضيحي لكون الأحزاب الرئيسية المكونة لها هي من أصدقاء النظام الإيراني في الساحة العراقية، فأحزاب الدعوة و المجلس الإيراني الأعلى و غيرها هي أحزاب إيرانية الولاء و التأسيس و الأفكار و المنطلقات!!

فلا يلام الذئب في عدوانه، إن يك الراعي عدو الغنم!!

و لكن ماذا عن قوات التحالف؟ هل إعتنقت هي الأخرى عقيدة ولاية الفقيه؟ و هل خاف الرئيس عبد الحسين أوباما من مرجعية السيد علي خامنئي ( فأشكل ) عليه إصدار توضيح لما تم !؟ أسئلة حائرة تبحث عن جواب لن تجده أبدا في ظل الشورية العراقية الراهنة!!

و يبدو أن الإيرانيين لا يتركون الأمور تجري مصادفة، فلربما يجهل الرأي العام العراقي أو العربي و حتى الدولي من أن القوات الإيرانية التي تخصصت في قضم الأراضي العراقية كانت قد إحتلت مساحات واسعة جدا من حقل مجنون النفطي العراقي سابقا و إليكم القصة:

الإحتلال الإيراني لحقول نفط مجنون

في عز مرحلة حرب إسقاط النظام العراقي السابق و إحتلال بغداد عام 2003 تقدمت القوات الإيرانية مستغلة تدهور خطوط الدفاع العسكري العراقي يوم 4 / 4/ 2003 أي قبل خمسة أيام من إحتلال العاصمة العراقية بغداد و احتلت ما نسبته 72% من مجموع أراضي حقل مجنون النفطي العراقي الشهير الذي شهد جولات صراع دموية رهيبة خلال الحرب العراقية / الإيرانية، و لمن يريد التأكد من الخرائط النفطية الخاصة بالحقول النفطية العراقية عليه العودة لرئيس شركة توتال النفطية الفرنسية الدولية الكبيرة السيد كريستوفر الذي عمل في العراق لأكثر من ستة أعوام كمدير لمشروع إستخراج نفط حقول مجنون و هو خبير نفطي دولي و يمتلك كل الخرائط الخاصة بالموضوع!

كما أن إيران تحتل حقولا نفطية عراقية أخرى كحقل بازركان و مواقع نفطية أخرى على إمتداد الحدود الدولية، لذلك فإن العدوان الأخير على حقول البصرة هو إمتداد لسياسة القضم الإيرانية التي لن تنتهي إلا بقيام الشعب العراقي بإبعاد عملاء النظام الإيراني عن الواجهة و بالعودة الحقيقية للمشروع الوطني العراقي المتخلص من أدران الطائفية و التخلف و العشائرية.. و بعكس هذا ستبتلع إيران العراق و ما حواليه أيضا!!.. فالخطر داهم ، و حكومة الطائفيين كأنهم و الماء من حولهم ، قوم نيام حولهم ماء..!

داود البصري

[email protected]