كثيرة هي التيارات والاحزاب الموجودة في الساحة العراقية بشكل خاص والعربية بشكل عام التي ادمنت ظاهرة تثير الاشمئزاز وتستحق الاشفاق، والمقصود بتلك الظاهرة: هو رفع الشعارات من اجل انتاج وتكريس ما لها من اضداد وبالتالي ينتج من جميع ذلك تسمية للاشياء بمسميات نقائضها.
ان ابطال تلك الجبهة ( وهم كثيرون ) رفعوا من قبل شعار الوحدة فانتجوا التجزئة وتقلدوا شعارات الحرية فانتهت بهم الى نماذج اشد غطرسة وطغيانا على مستوى العالم.
ان ذلك الفهم المقلوب للحقائق المحاط بدوامة من التخلف التي تقف على ارضية من الامية تصل الى 70 مليون في العالم العربي ناتج بالضرورة لشعارات التقدم والازدهار التي رفعتها قياداتنا الحكيمة ( يحفظها الله ).
ان هذه الظاهرة السرطانية ليس غريبا عن ادبياتها ان لا تترك لقبا يشير الى الانتصار الا وتطلقه على هزيمة كارثية تعرض لها العراق في حرب الخليج الثانية على سبيل المثال لا الحصر فاصبحت تلك الكارثة نصرا مبجلا لام المعارك بقيادة فارس قريش!
جوقة المطبلين للعمليات المسلحة تسمي ما حل في العراق من هزيمة وانهيار هو النصر بعينه مع ان العراق لازال حتى هذه اللحظة يدفع فاتورة التعويضات للعدو والصديق!
اما اليوم فعلى مرأى ومسمع الجميع ترفع الجماعات المسلحة ( ما يسمى بالمقاومة ) شعارات تدعو لطرد المحتل... ولكنها في ذات الوقت توجه فوهات البنادق الى المدنيين العراقيين بالدرجة الاولى ! من اجل افساد ترتيبات الانسحاب الامريكي من المدن العراقية والذي يفترض بتلك الجماعات ان تشجع عليه لو كانت فعلا تعمل من اجل الصالح العام.
ولانها مدافع تطلق الى الخلف فقد كرست الاحتلال في المناطق التي تنشط فيها بشكل واضح، خصوصا بعد التصريحات الاخيرة للمسؤولين الامريكان حول الانسحاب التدريجي من الموصل وديالى مراعاة لعامل الاستقرار والتهدئة في تلك المناطق، وبموازاة ذلك هناك توجه امريكي يسعى لزيادة القوات العسكرية في مناطق التوتر وهي مناطق معروفة للجميع.
ان ما تقدم يثير علامات الاستفهام حول جدوى رفع السلاح اصلا ! ناهيك عن الاضرار الناجمة عن توجيه السلاح الى ابناء الوطن الواحد وهو ما تقوم به اغلب تلك الحركات ( المقاومة ! ).
اذن لازال المنطق الذي يحرك دعاة رفع السلاح في العراق ذات المنطق الذي يحكم اهداف واليات العديد من التيارات البائسة في منطقتنا المريضة والممتلئة بالدخان، انها يافطات ملئت الخافقين ضجيجا لتمجيد وتلميع ممارسات التخريب التي لم تكرس الا مزيدا من الاحتلال.
انها لعبة السياسة التي لا تنجح الا اذا كانت بعيدة عن العواطف، ولكن العاطفة لازالت هي سيد الموقف للاسف الشديد عند الكثير من تلك الجماعات.
جمال الخرسان
كاتب عراقي
[email protected]
التعليقات