النداء الذي أطلقه الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق و نائب رئيس دولة الوحدة المنتهية صلاحيتها السيد علي سالم البيض لأبناء الجنوب اليمني في جيش الدولة بالإمتناع عن مقاتلة الحوثيين و أبناء صعدة و عمران و القبائل المتحالفة و المتقاتلة فيما بينها، ليس هو في تقديري دعوة للعصيان و التمرد و تخريب الدولة اليمنية، بل هو مسؤولية أخلاقية كبرى و مساهمة أدبية متميزة وموقف إنساني في محاولة إيقاف عجلة آلة الحرب العدوانية العسكرية عن الدوران وهي تطحن عظام الشعب اليمني الفقير، وتمارس أساليب فاشية معروفة عن الطغمة العسكرية التي تعتقد بأن السلاح و الإفراط في القتل و التدمير و سحق إرادة الأبرياء و المدنيين من النساء و الأطفال هو قمة النصر المبين..!
لقد آن لتلك المحرقة اليمنية العابثة الحقود العجفاء أن تتوقف فورا، فمن حق الشعب اليمني الكامل أن يؤخذ رأيه في الحرب و السلام وما يحصل من معارك طاحنة بين جيش الدولة و قسم من شعبها لم يعد مسألة تمرد كما يشاع وهو ليس محاولة لخلق دولة طائفية كما يردد البعض بل هو حرب أهلية طاحنة لن تبقي أو تذر، وهي حرب إستزاف رهيبة لا جدوى منها أبدا و لن يخرج أي طرف بأي إنتصار وحتى لو إنتصر طرف على طرف وسحق إرادته و سلب حقوقه فإنه سيكون إنتصار مر بحجم الهزيمة و لربما أشنع، فمن سينتصر على من ؟ لقد تعطلت عجلة الدولة و لم تحترم دماء الشعب المسلم في شهر رمضان الفضيل، و لم تحترم المقدسات أو الإتفاقيات بل لجأ النظام اليمني لسلاح فاشل وهو سلاح الإستئصال و الإفراط في ممارسة العنف و القسوة و القتل، و أي نظام يبتغي حل الخلافات من خلال القوة هو نظام فاشل فاقد لشرعيته رغم إتكائه الواضح على شعار الحفاظ على وحدة الدولة و الشعب!
وهو شعار فضفاض و فاشل لم يرتق أبدا لأن يكون ناجحا في إدارة ملفات الصراع الداخلي المعقد المستند لتوافقات سياسية و إحترام لإرادات الآخرين مع الحرص على حرمة دماء الشعب، ما يجري اليوم هو محرقة وطنية حقيقية كما أنه تهديم واضح لكل أسس المواطنة اليمنية الحقة، وفي ظل التشابكات القائمة يكون من حق أبناء الشعب و الجماهير في جنوب اليمن بأن يطالبوا مطالبة واضحة وصريحة و معلنة من خلال القيادات التاريخية للجنوب بحقهم الإنساني الكامل في تقرير المصير و الإنفكاك عن النظام الذي لا يمتلك أي وسيلة للحوار سوى القوة العسكرية المفرطة و التي هي في النهاية خيار الخائبين و الفاشلين، ومع تعقد النزاع في صعدة وعمران و إصرار النظام على تطبيق سياسة الإستئصال يكون لزاما على القيادات اليمنية الجنوبية التي خاضت حروب الإستقلال وفرض الشخصية الدولية و الإعتبارية لجنوب اليمن التحرك الدولي و الإقليمي الفاعل من أجل إعادة الحياة لجمهورية جنوب اليمن التي فقدت حريتها في مغامرة مستعجلة لم تكن مبررة وقتذاك و أتسمت بالإستعجال، فالوحدة لا تتحقق بشكل حقيقي إلا إذا قامت على أسس مصلحية و تنموية في ظل قيم الحرية و التطور و ليس في ظل الطغيان وحكم العائلة و العشيرة و مداهنة فرق الموت و التخلف وفرض وصايتها على جموع الشعب، الطريق معبدة اليوم أكثر من أي وقت مضى لجماهير الشعب اليمني في الجنوب ومن خلال قياداتها التاريخية للمطالبة السلمية و الحضارية بعودة الحياة لجمهورية جنوب اليمن و تعويض سنوات التخلف و الفوضى و الفساد و الإقطاع السياسي و العائلي من خلال دستور حضاري ديمقراطي يكون الأساس المكين لحفظ حقوق الشعب و لتمهيد الأرضية الحقيقية و الصلبة لبناء الوحدة اليمنية الستراتيجية وليست الإنفعالية المستعجلة، جمهورية جنوب اليمن على موعد مع التاريخ، ودماء الشعب المجانية المسفوكة هباءا فوق روابي صعدة وعمران هي كل الحصيلة التي حصدها الشعب اليمني من سياسة السلطة المغرمة بأساليب الفاشيين والمنقرضين... في عودة جمهورية جنوب اليمن للحياة حفظ للسلام الإقليمي و الدولي في جنوب الجزيرة العربية وحصانة أكيدة تمنع تسلل الإرهابيين و أهل الفكر الظلامي المتطرف، و إرادة ألأحرار لن يقمعها الفاشيون مهما أمتلكوا من أسلحة الموت و الدمار، فشعب جنوب اليمن سيجدد لا محالة التاريخ النضالي الحر.؟
التعليقات