صدق والله داعية حقوق الإنسان الحاصل على جائزة نوبل للسلام الأسقف ديزموند توتو حين قال ان العرب وحدهم هم الذين يدفعون ثمن الهولوكوست الذي تعرض له اليهود في الحرب العالمية الثانية على يد النازيين!

فأوضاع الفلسطينيين في ظل الاحتلال الإسرائيلي أسوا كثيرا في رأي الرجل من أوضاع السود في جنوب إفريقيا في ظل النظام العنصري السابق. ومن المثير للدهشة ان الغرب الذي يشعر بالعار والندم بسبب المحرقة اليهودية لا يشعر بعقدة الذنب تجاه معاناة الفلسطينيين.

وما قاله الأسقف الجنوب إفريقي ديزموند توتو كان قمة الصراحة والواقعية فالغرب مسئول بصمته عن معاناة الشعب الفلسطيني بنفس الدرجة التي يتحمل بها في الماضي مسئولية الهولوكوست!

صحيح ان الهولوكوست الذي تعرض له اليهود في المانيا وبولندا ودول أوروبا الخاضعة للحكم النازي خلال الحرب العالمية الثانية ارتكبته حكومة هتلر النازية وحلفائها.

وصحيح انه تسبب في إبادة نحو خمسة ملايين يهودي في معسكرات الإبادة النازية في بولندا التي استخدمت فيها كل اساليب القتل الجماعي ومن بينها غرف الغاز.

ومن المؤكد ان الهولوكوست كان نتاج فكرة (الحل النهائي) التي اعتنقها النازيون وقاموا بموجبها بمحاولة الخلاص من كل من لا يستحقون الحياة من غير أبناء الجنس الآري من أجل خلق مجتمع اكثر ذكاء وانتاجية.

لكن علينا الاعتراف ان الغرب وقف صامتا في ذلك الوقت أمام الإبادة الجماعية ليهود اوروبا على يد النازيين وكأن الخلاص من اليهود كان أمنية الجميع!

كما ان الهولوكوست استُخدم كوسيلة فعالة لتخويف يهود اوروبا وحثهم على مغادرة بلدانهم الاصلية والهجرة الى ارض الميعاد مما يعني ان النازيين لم يكونوا وحدهم المستفيدين منه وإنما الحركة الصهيونية وبعض الحكومات الأوروبية.

بل إن إبادة اليهود لم تكن حالة فريدة من نوعها في التاريخ فهناك الكثير من حالات الابادة الجماعية التي استهدفت شعوبا وطوائف على اساس قومي او عرقي او ديني او سياسي.

خذ عندك إبادة سكان امريكا الأصليين من الهنود الحمر والمجازر الفرنسية في الجزائر من 1830 الى 1962 والإبادة الارمنية والأوكرانية والكمبودية والرواندية ومجازر البوسنة وعمليات الانفال وقبل ذلك إبادة هيروشيما ونجازاكي بالقنابل الذرية.

لكن اليهود نجحوا في تذكير الغرب بالهولوكوست الخاص بهم وحدهم لدرجة أن انكاره أصبح جريمة يعاقب عليها القانون في المانيا وفرنسا وبلجيكا وبولندا واستراليا ولوكسمبرج واسبانيا والبرتغال ورومانيا وسويسرا واسرائيل.

وفي المقابل تجاهل الغرب باقي ضحايا حملات الابادة الجماعية التي ارتكبها النازيون في الحرب العالمية الثانية من السلافيين والهنود والباكستانيين والشيوعيين والمثليين والمعاقين والمعارضين السياسيين والغجر والذين تجاوز عددهم سبعة ملايين من المدنيين.

هذا الموقف الغربي لا يختلف كثيرا عن تجاهل الغرب الآن لمعاناة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الاسرائيلي رغم ان الحل معروف وهو تحقيق السلام الشامل والعادل والاعتراف بالحقوق الإنسانية والسياسية للجميع.

وصدق الأسقف توتو فالعرب وحدهم هم الذين يدفعون ثمن المحرقة اليهودية في الحرب العالمية الثانية رغم ان المجرم الحقيقي فيها هم النازيون والغربيون الصامتون!