بهية مارديني من دمشق:برغم قرع طبول الحرب في المنطقة ،يستعد لأنتاجأول فيلم سينمائي سوري كندي يدعو للتسامح والسلام بعيداً عن السياسة وتجاذباتها الملونة ويقول منتجو الفيلم انه quot;في إطار فتح آلية حضارية للحوار بين الشعوب والمساهمة في نقل الصورة الإنسانية والفكرية الحقيقة للعرب والمسلمين إلى المجتمعات الغربية التي تحاول وسائل الإعلام الصهيوني طمسها وتشويههاquot;، حيث تم الإعلان في دمشق عن إنتاج أول فيلم سينمائي عالمي مشترك بين سورية وكندا بعنوان Girl Left Behind عن رواية الكاتب اللبناني المغترب خضر عواركة بعنوان (المتروكة) ومن إخراج المخرج العربي الأمريكي طارق العريان.

من تظاهرة عربية في كندا

وحول الفيلم كان لنا لقاء مع د. نبيل طعمة رئيس مجلس إدارة أورينت كروب المشاركة في إنتاج الفيلم:
- ما الجديد الذي قدمته هذه التجربة؟
- إن هذه التجربة هي بمثابة بدء علاقة جديدة بين سوريا وكندا من خلال الفن السابع، وأضاف بأن الفن لغة عالمية ووسيلة تواصل حضاري ومن يفهمها يستطيع أن يرتقي، وفي هذا الفيلم نحاول أن نبتعد عن الجبهات الملتهبة وندخل إلى عمق الحياة الإنسانية من خلال حوار ثقافي وفكري جاد هدفه الارتقاء بإنسانية الإنسان كما يحمل الفيلم رؤية مدنية جديدة في الطرح لعملية الصراع الإنساني والصراع العربي ndash; الإسرائيلي، هي الأولى من نوعها في التعبير المجازي للواقع. كما أن إيقاعات الفيلم عبارة عن حوارات درامية إنسانية راقية وأن كل الصور الحضارية ستستعمل في سياق الفيلم ولا يوجد منظر واحد للعنف.
- أين تدور أحداث الفيلم؟
- يصور 45% منه في سوريا و 55% بين باريس وكندا وتبدأ أحداث الفيلم في باريس 1987 حيت تلتقي تظاهرتا دعم المنتفضين الفلسطينيين في ساحة باريسية الأولى يقودها الشاعر والمفكر الأكاديمي رياض دغلس الفلسطيني الأصل والثانية تقودها الشاعرة والأكاديمية الإسرائيلية التي رفضت جنسيتها الإسرائيلية وتركت إسرائيل وذهبت للعيش في باريس استنكاراً للظلم اللاحق بالشعب الفلسطيني وهي تعلن بالفم الملآن بأنها فلسطينية يهودية لا أكثر ولا أقل، المسيرتان تنتهيان بقصيدة يلقيها الشاعر رياض بالجماهير ثم تلقي ميا ديغال اليهودية كلمة بالفرنسية أيضاً تحث فيها المشاركين على كسر الطوق الإعلامي من حول الفلسطينيين وإخبار العالم ولو فرداً لفرد عما يحدث من ظلم بحق الشعب الفلسطيني.
- عن سيناريو الفيلم يقول:
- تبدأ قصة حب سريعة بين ميا ورياض تنتهي بالزواج ولكن عرسهم لا يحضره أحد من أقاربهما لأنها يهودية وهو مسلم، فيذهبان سوياً إلى حيث المرشدين ليحتفلوا بالعرس معهم بطريقة توحي بتشريد الشعب الفلسطيني. تناضل ميا ورياض بالكلمة والحوار الإعلامي وبعد أن ينجبا طفلة يقتلا بطريقة بشعة ويأتي جدا الطفلة اليهوديان ويستلمان الطفلة بحسب القوانين الإسرائيلية ويهاجران بها إلى كندا هرباً من الحرب وخوفاً من أن يأتي يوم وتعرف الصغيرة من هو أبوها فتموت مثله، وتكبر الفتاة وهي تعرف بأنها يهودية الأب والأم ولا تعرف أي شيء عن نضال أمها وأبيها ولا عن تاريخهما، الجد اليهودي يتعب كثيراً في تربية حفيدته الفلسطينية ويتعذب في شيخوخته لأن المهاجرين إلى كندا يعانون في بداية هجرتهم لإيجاد عمل لائق نظراً لأن الكنديين لا يقبلون شهادات الجامعات غير الكندية. يقارن الفيلم بين طفولة ومراهقة كارول ابنة رياض وميا في كندا وبين المراهقة والطفولة التي تعيشها ثلاث شخصيات فلسطينية في الفيلم هي غياث وعمار وسلمى والثلاثة يعيشون في الضفة ويكبرون على مأساة تلو الأخرى بينما تكبر كارول بطريقة طبيعية وتعيش بسلام وأمن وطمأنينة، يسافر الثلاثي الفلسطيني إلى كندا للدراسة في جامعة (دراسات عليا) وهم ثلاثة أنواع.. عمار الشاعر المناضل والمحاور الذي يستغل فرصة وجوده في كندا للتعرف والاختلاط بالمجتمع الكندي بكل تفاصيله وينتج عن ذلك علاقة صداقة بينه وبين الإعلامي الشهير جاك الذي يفتح له أبواب الإعلام الكندي والإطلاع على الرأي العام من برنامج تلفزيوني كبير يساهم في صناعة الرأي العام الكندي بينما غياث يريد الانتقام من مآسيه بالعيش في الملذات والسكر والعربدة والقمار والسرقة والمافيات ثم ينتهي في السجن ولكن ليس بسبب نضاله وإنما بسبب حقارة أهدافه وسلوكه، سلمى مناضلة ولكنها تريد تغيير الناس بالقوة والتكسير والأعمال البطولية التي لا تنفع في الغرب فتيأس وتفكر بالتقوقع والعودة لأن الشعب الكندي لا يسمع لها كما يجب. في الفيلم أيضاً هدى الأطرش الطالبة السورية التي أتت من الجولان المحتل بمنحة جامعية وهي أبنة أسير لدى إسرائيل ترفض الهوية الإسرائيلية والجواز الإسرائيلي وتسافر عن طريق دمشق رغم المشقة وحاجتها للتنقل بين الشطر المحرر والمحتل بواسطة سيارة صليب أحمر، وتتعلق في كندا بحب المصري الجبان رغم ثقافته محمد الأنصاري الذي يقر الزواج منها فترفض هي أن يحضر إلى الجولان عن طريق الأراضي المحتلة فيطلب يدها من أعمامها عبر الشريط الشائك بالمكروفونات وتقام حفلة العرس عبر الشطرين الفاصل بينهما شريط شائك وتزف العروس إلى عريسها بالصليب الأحمر وهي رحلتها الأخيرة التي لا تعود بعدها إلى أبداً للجولان، لأن الاحتلال يمنع من ينقل إقامته من العودة يسألها المصري لقد اخترت زوجاً على خسارة أهلك كلهم، فتقول له لقد اخترت وعد الحرية والأمل بالتحرير، تعرف كارول من عمار أصلها وفصلها فتحس بالحقد على جديها لإخفائهما الأمر عنها، ولكن الجد يعلن لها بأنه كان يريد أن يهرب بها من الموت، لأن الموت والمآسي هي مصير كل فلسطيني وأنه لا يريدها أن تقتل مثل أبويها، تعود إلى فلسطين وترى بأم العين وتعيش مع الشعب هناك المآسي والعذاب، وفي نفس الوقت تجتمع بأشخاص من أصحاب أمها يبحثون عن السلام ولكن الموت يلاحقهم أيضاً. المحامية الإسرائيلية التي تدافع عن المساجين الفلسطينيين تقول كارول، خسرت كل شيء في سبيل الدفاع عن الأسرى في سجون إسرائيل ولكن حين أراد فلسطيني ما الانتقام من ظالميه وتدفيعهم الثمن قتلت ابنتي الوحيدة في انفجار لم يقتل غيرها، الجد اليهودي والجدة المريضان الحزينان ليس لهما أحد يداريهما فتعود كارول من فلسطين وبدلاً عن الانتقام منهما تعود إلى منزلهما لترعاهما وتساندهما في مرضهما وتحن عليهما ولا تتخلى عنهما. ثم تبدأ وعمار بإكمال المشوار الذي بدأه رياض وميا من قبل في باريس وتذهب هي مع وفود لمساندة الفلسطينيين ضد الجدار العازل فتصعد على جسدها جرافة وتقتلها، يحمل جسدها إلى مونتريال لتدفن هناك ويقف عمار لينشد شعراً مؤثراً فوق جثمانها وبدلاً عن الصلوات الدينية على جثمانها تتلى الأشعار والأغاني لأن الشيخ في المركز الفلسطيني والحاخام في المركز اليهودي كل يصر على أنها من دينه، هنا يقف عمار ليتلو لها شعراً وسط دموع الكل وغناء نفس الشاعر من نتالي سان بيار وأصالة بالعربية والفرنسية والإنكليزية.

- وحول امكانية الاعلام العربي للوقوف بقوة اضاف طعمة
- إن هذا الفيلم بما يحمله من شهادات ووثائق حية يشكل اختراق حقيقياً للإعلام الغربي ومفاجأة قوية للمجتمعات الغربية. فالفيلم موضوعي جداً اتجاه القضايا الإنسانية ويراعي العقل الغربي ويبعد كل من يريد شن هجوم عليه في الغرب لأنه يظهر يهوداً صالحين ويهوداً أشرار وعرب صالحين وعرب أشرار ويربط الشر بالظلم في الجانب الفلسطيني ولا يدعوا للتطبيع بل يطبع مع يهود يهاجرون إلى الغرب نهائياً أو أنهم يهود غربيون لا يدعمون الظلم وهي إشارة إلى أننا لا نعادي اليهود بل إسرائيل.
الجدير بالذكر أن مجموعة أورينت غروب أنتجت فيلماً سورياً إيطالياً مشتركاً بعنوان ( 7 كم عن القدس) وحصد العديد من الجوائز ، ونال د. نبيل طعمة جائزة السلام للعام 2007 من اليونيسكو