إيلاف: صدر عن دار الشؤون الثقافية الجزء الأول من كتاب إخوة يوسف (الإدانة في الثقافة العربية، أزمة هوية إشكالية وطن) لـ د.أثير محمد شهاب، وهو كتاب ضم بين طياته كل المقالات التي كتبتعن الشاعر يوسف الصائغ بعد رحيله بين نقد ومدح وذم، أضف إلى ذلك المقدمة التي الإشكالية مع الحزب الشيوعي العراقي (مقدمة لقصيدة عن حب فاشل)... مع تحليل لبنية الثقافة العراقية في ظل راهن الإدانة.
كتاب (إخوة يوسف) يقدم صورة الثقافة العراقية واشكالياتها عبر قرن كامل، وما تعرضت له من اخفاقات افضت الى ممارسة الادانة بين اطرافها واقطابها، ولعل تجربة يوسف الصائغ تحمل من الاشكاليات ما يجعلنا امام جدل ثقافي حاد يحتاج الى اعادة نظر وتقييم وربما تقويم.
هذا الكتاب يؤشر اشكالية الشاعر واهميته في الثقافة العراقية، وأن الثقافة العربية لم تهتم بمبدع بعد رحيله، مثلما كتب عن الصائغ.
يأتي هذا الكتاب للاحتفاء بتجربة شاعر راحل، حاولت الاوساط الثقافية في العراق والوطن العربي ان تتغافل تأبينه على نحو قصدي، بسبب تغليب الموقف السياسي على الابداعي، لذلك نجد ان الصحف والمجلات اغلبها التي تناولت تجربته لم تستطع التخلص من عقدة الادانة السياسية، وهي في الوقت ذاته لا تمتلك الدوافع والاسباب التي جعلت الصائغ يقبل على هذا في تجربة وطن ضاع ابناؤه بين بطل وخائن، بين مجرم وبريء، وطن يزدهر بالثنائيات ويقدسها، بحيث انعكست على اخلاقيات الثقافة، واعتقد ان الثنائيات التي خلّقت جاءت بعد فقدان الطبقة الوسطى البرجوازية في العراق، وظهور احزاب سعت الى السيطرة على مقاليد الحكم بوصفها الممثل الشرعي للمواطن، على الرغم من أن المواطن- بعد ضياع الطبقة البرجوازية-لم يعد فردا بسبب انصهار الذات بالكل، وتحول الانسان الى كائن يحترم الانتماءات ويقدس الذات الحاكمة للحزب.
كتابنا هذا هو تجربة اربع سنوات من البحث، حاولنا فيها الحصول على المقالات والبحوث واللقاءات اغلبها من اجل ان تأخذ مكانها فيه، فقد سعيت جهد الامكان من اجل ألا اغفل اية مادة نشرت بعد رحيله، ولكنني-مع هذا الحرص-وجدت ان بعض المقالات في بعض الصحف التي تناولت الصائغ قد غابت عنا، ومن بين ذلك مقالة القاص شوقي كريم التي كانت المفتاح الاول لمجموعة من المقالات الهجومية من الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق.
الكتاب ثمرة جهد الكتاب الذين اسهموا في تقييم الصائغ بين قدحٍ ومدحٍ، ومع هذا كله اعتقد ان ما قدمته من تحليل في مقدمة الكتاب يكفي لنقل صورة واضحة عن وضع ثقافي كامل يمجد للذات الكلية ويلغي الفرد، وهو ارباك منطقي لصورة دولة بوليسية تهتم بالملاحقة والاعتقال والتعذيب، واحسب ان الميزة الثانية التي تسجل للكتاب هو اعادة نشر مقدمة لقصيدة عن حب فاشل ومحاولة قراءتها، فضلا عن التعليق الثاني للمقدمة في زهرة العقل والقلب والضمير.
فصول الكتاب جاءت على اقسام عدة، ابتدأنا بتحليل ظاهرة المثقف الاشكالي والمنتمي، في حين اهتمت الفصول الاخرى بتقسيم المقالات الى ضد ومع، فضلا عن بعض المقالات التي تهتم بالجوانب الابداعية، ثم هناك فصل عن اللقاءات والاخبار التي تناولت رحيله، بعد ذلك الحوارات وجانب من بعض مقالاته واشعاره.
انطولوجيا الصائغ بما تضمنته من شتم ومدح تعرف القارىء العربي بمستوى الانهيار الثقافي الروحي والاخلاقي والنفسي والاجتماعي الذي عاشه المثقف العراقي والعربي في ظل سيادة سلطة الأب القمعية.