قامت الصين برفع معدل الفائدة لديها، وتراجع التركيزعلى سياسة التيسير الكمي الأميركية، مما أدى إلى وقف الدولار عن التقهقر، وتراجع أسعار المعادن.

إيلاف: قامت الصين هذا الأسبوع برفع معدل الفائدة الرئيسي لديها، وتراجَعَ التركيز ولو لفترة وجيزة عن سياسة التيسير الكمي quantitative easing الأميركية وآثارها الأوسع نطاقاً.

وأدت هذه الحركة مبدئياً إلى توقف تقهقر الدولار الأمر الذي أدى ببعض السلع للإنتكاس نتيجة لذلك.

فالذهب على وشك تسجيل أول أسبوع كامل من التراجع في أسعاره منذ ثلاثة أشهر تقريباً فيما تواصل أسعار التداول في قطاع الطاقة مراوحتها مكانها مع بعض الميل للانحدار.

ولم يشهد مؤشر رويتر جيفريز سي آر بي الذي يتعقب تحركات 19 سلعة رئيسية تغييرات ملحوظة، مع وجود تباينات كبيرة بين الأسواق.

أما المناطق الزراعية بشكل عام فما تزال تحت وطأة أحوال الطقس والعواصف التي اجتاحت مناطق شاسعة في أنحاء العالم على مدى الأشهر القليلة المنصرمة.

فقد سبب هذا الوضع اضطراباً واسع النطاق في الإنتاج الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع مؤشرات السلع الزراعية بشكل حاد.

ويمكن مشاهدة درجة هذه الحدة من خلال الرسم البياني التالي الخاص بالقطاعات المأخوذ من مؤشر داو جونز يو بي إس للسلع. ويلاحظ أن الأداء العام للمؤشر يظهر زيادة سنوية حتى الآن مقادرها 4 بالمئة ومرد ذلك بالدرجة الأولى إلى الأداء الضعيف لقطاع الطاقة المهم في هذا المؤشر حيث يمثل ما يزيد على 30 بالمئة من القيمة الإجمالية للمؤشر.

وشهدنا مؤخراً ارتفاع معامل الارتباط بين قوة الذهب وضعف الدولار. ففي أعقاب الدفعة المنعشة التي تلقاها الدولار عشية اجتماع مجموعة العشرين في جنوب كوريا نهاية هذا الأسبوع رضخ الدولار لبعض الضغوط مما تمخض عنها انخفاض أسعاره لمدة أسبوع لأول مرة منذ ثلاثة أشهر.

ومن الجدير بالتنويه إلى أن اختبار القوة الحقيقية للسوق يتم خلال مرحلة تصحيحية وهي الحالة التي نشهدها الآن.

فالأسبوعان القادمان يمكن أن يحددا ما إذا كنا قد شهدنا سلفاً ذروة قوة السوق لعام 2010 أم أن هذه الحركة التصحيحية ستجتذب مشترين جدداً كانوا محجمين في انتظار فرصة كهذه.

وكالعادة يشهد أداء الفضة تراجعاً خلال مرحلة التصحيح بنفس القدر الذي كان أداؤها فيه قوياً خلال مرحلة ارتفاع الأسعار الأخيرة. ويمكن أن نرى مستوى الدعم منخفضاً عند النقطتين 22.18 و 21.34 وهما مستويات التصحيح في مقياس فيبوناتشي خلال الارتفاع الأخير.

أما مستويات التصحيح المكافئة بالنسبة للذهب فنراها عند النقطتين 1300 و 1272 كما يجدر ملاحظة اتجاه خط الدعم عند النقطة 1,311. فالعودة للارتفاع فوق 1,350 يمكن أن تنبئ باستئناف الاتجاه الصعودي نحو العتبة الكبيرة التالية وهي 1,400.

أما خام غرب تكساس الوسيط WTI فما زال يراوح في نطاق ضيق بين 80 و 85 دولاراً.

فالزيادة المفاجئة لمعدل الفائدة في الصين خلال هذا الأسبوع أحبطت محاولة أخرى لصعوده فوق هذا النطاق اعتماداً على الدعم الذي كان يتوخاه من تحسن وضع الدولار.

من جهة أخرى شهدت مراكز المضاربة الطويلة التي يحتلها مدراء الأموال كصناديق التحوط ارتفاعاً قارب الأرقام القياسية الأسبوع الماضي وهو أمر سيكون مدعاة للقلق. فالنزول دون 80 دولاراً يمكن أن يسبب بعض عمليات التسييل الطويلة التي يمكن أن تؤدي إلى حركة تصحيح أكثر عمقاً.

بيد أن الفشل في التوصل إلى صفقة لإنهاء اضطراب العملات العالمية في لقاء مجموعة العشرين في جنوب كوريا قد ينظر إليه باعتباره داعماً للنفط والسلع الأخرى في ظل استئناف مخاطر الدولار لاتجاهها الهبوطي الأخير.

وشهد الغاز الطبيعي هبوطاً بنسبة أربعة بالمئة هذا الأسبوع في ظل ما أظهرته بيانات المخازن الأسبوعية من تواصل ارتفاع المخزونات الأمريكية بإيقاع أعلى من المتوقع.

ومع عدم توقع زيادة الذروة في الطلب خلال الشتاء عن العرض لبضعة أسابيع قادمة، يمكن أن تصل المخزونات إلى مستوى الأرقام القياسية التي شهدناها العام الماضي. وهذا يزيد من مخاوف زيادة العرض التي أبقت الأسعار تحت الضغط لعدة أشهر خلت وأدت لانخفاض أسعار الغاز بنسبة أربعين في المئة هذه السنة حتى الآن.

ويعتبر مدى الفرق في نسبة مركز النفط الطويل إلى مركز الغاز القصير (الذي يعرف من تقسيم سعر خام غرب تكساس الوسيط على سعر الغاز الطبيعي) تجارة ذات قيمة محبذة لدى الكثير من صناديق التحوط ولن يعيد الدعم إلى هذه السوق المحاصرة إلا حصول تغيير كبير في اتجاه هذا الفرق الذي أظهر تفوقاً للخام على الغاز الطبيعي بنسبة 70 بالمئة منذ شهر يونيو.

وبالتحول إلى القطاع الزراعي فقد شهدنا مستويات أداء قوية في سلعة القهوة حيث ارتفع سعر الباوند من البن العربي إلى أكثر من دولارين لأول مرة منذ 13 سنة. وقد جاء هذا الارتفاع وسط مخاوف من أن تؤدي أحوال الطقس السيئة التي شهدتها مناطق زراعة البن الرئيسية في أميركا الجنوبية إلى انخفاضات أخرى في كميات العرض.

وبالفعل فقد ذكرت كولومبيا التي تعتبر ثاني أكبر منتج للبن العربي أن نوعاً من الطحالب أتلف الكثير من مزروعاتها ويمكن أن يخفض انتاجها لعام 2011.

إذ كان من المتوقع أن تنتج كولومبيا 10.5 مليون كيس من البن خلال موسم 2010/2011 لكن المراجعات الأخيرة تظهر انخفاضاً بنسبة 10 بالمئة في هذه التوقعات. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار انخفاض إنتاج البرازيل التي تعد المنتج الكبر على مستوى العالم، فإن المحللين يتوقعون أن يفوق الطلبُ العرضَ على مدى الأشهر الاثني عشر القادمة بمقدار 1.3 مليون كيس.

وفي ضوء الارتفاع القوي الذي شهدته الأسعار منذ شهر يونيو، يمكن لسعرها الذي بلغ دولارين هذا الأسبوع أن يوفر بعض المقاومة على المدى القريب لكن حجم الطلب من معامل تحميص القهوة قد يبقي هذا الدعم مع احتمال حصول ردة عكسية.

وكذلك تواصل ارتفاع أسعار الأرز الأمر الذي زاد من التركيز على هذه السلعة من الحبوب التي تعد الغذاء الأساسي لأكثر من 3 مليارات إنسان في قارة آسيا.

هذا وقد يشهد المحصول الرئيسي في تايلند انخفاضاً بنسبة 20 بالمئة بعد أسوأ فياضانات تضرب مناطق زراعة الأرز منذ أربع سنوات. وقد أدى هذا بسعر تصدير الأرز من تايلند، الذي يعد معياراً للأسواق الآسيوية، إلى الارتفاع بنسبة عشرة بالمئة عن السعر الذي كان في شهر يوليو وقد يرتفع عشرة أخرى قبل نهاية العام مع تدافع الدول المستوردة للأرز لتأمين احتياجاتها منه.

لكن لحسن الحظ ما زال من المستبعد جداً حصول أزمة غذائية كتلك التي شهدناها عام 2008 حيث مازال المعيار التايلاندي لللتداول عند نصف المستوى الذي بلغه آنذاك. ومن المهم ان تتم مراقبة تطورات الطقس المتواصلة مراقبة دقيقة لأن المخاوف الفعلية بشأن العرض، أكثر من مجرد المضاربات، كانت المحرك الأساسي وراء حركة الأسواق مؤخراً.

ووصل سعر عقود الأرز القاسي الآجلة المتداولة في شيكاغو في شهر يناير إلى 14.59 دولار للهندردويت هذا الأسبوع ومع الارتفاع االموسمي المألوف للطلب، يتوقع بعض المحللين مزيداً من ارتفاع الأسعار وصولاً إلى مستوى الستة عشر دولاراً الذي شهدناه السنة الماضية في شهر ديسمبر.