بفضل إجراءات اقتصادية خاطئة وأفكار حكومية مشوشة يبدو للخبراء السويسريين أن اقتصاديات الدول المتقدمة ذاهبة إلى مرحلة طويلة من النمو الضعيف، الذي قد يواكبنا في الأعوام 10 القادمة، في موازاة ارتفاع معدلات البطالة وتراجع نسب الفوائد.


برن: بالنسبة لاقتصاديات الدول النامية فان وضعها اليوم أفضل من أي وقت مضى, اذ تسعى هذه الدول الى عرض أفضل ما لديها من فرص استثمارية، على أراضيها، بصورة تحسدها عليه جميع الدول الصناعية من دون استثناء. كما نجحت الدول النامية في تفادي شراء كميات ضخمة من السندات، بالعملات الأجنبية، وتمكنت من خزن احتياطات نقدية ذات ثقل دولي.

ومع أن البرازيل بدأت تثير شهية الشركات السويسرية الا أن المحللين ينصحون مديري هذه الشركات التريث قليلاً قبل الاقدام على استثمار ملايين الدولارات هناك. فالريال البرازيلي، الذي توطدت قيمته على نحو لافت في الآونة الأخيرة، جلب معه أعراض جانبية غير متوقعة على الاقتصاد البرازيلي. لذلك، فان الريال البرازيلي قد يسبب مشكلة يقسمها المحللون المحليون الى نقطتين. ترتبط النقطة الأولى في القوة الحالية للريال البرازيلي التي ينجم عنها تراجع في طلبات شراء السلع البرازيلية، ومن بينها القهوة. كما أن قوة الريال البرازيلي من شأنها تعزيز الواردات وتضعيف الصادرات. ما يجعل الديون تتراكم على حكومتها.

في هذا الصدد، يشير الخبير الاقتصادي السويسري كريستوف غوبسر الى أن انعدام التوازن بين حركتي الصادرات والواردات، في البرازيل، يمكن تعويضه عن طريق تخفيض نسب الفوائد هناك. لكن، وفي حال لم تصل استراتيجية قطع نسب الفوائد الى أهدافها فان كافة الدول النامية قد تدخل الى مستنقع حقن أسواقها بجرعات مفرطة من الأموال الطازجة على غرار ما يفعله الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الآن، بغية مواصلة تخدير الأسواق المالية الأميركية. وستتفاقم ظاهرة اغراق أسواق الدول النامية، وفق رأي هذا الخبير، في أنهر من الأموال لا سيما ان واصلت رؤوس الأموال تدفقها من الخارج.

أما النقطة الثانية، التي تزيد من انتقادات المحللين السويسريين، فهي تتركز على مخاطر الافراط في الادخار، حول العالم. هنا، يرى الخبير غوبسر أن السبب الرئيسي للافراط في التدخير يعود الى الفائض التجاري، الذي حققته الدول النامية، المشتبه بضلوعه في تسبيب الفقاعة العقارية التي قضت على مصارف أميركية عدة. علاوة على ذلك، ينوه الخبير السويسري بأن الدول النامية سجلت، في الماضي، عجزاً تجارياً ازاء الاقتصاديات الغربية لكونها اشترت، من الدول الصناعية، سلة من السلع الضرورية لنموها التجاري، ومن ضمنها الماكينات. في تسعينيات القرن الماضي، بدأت بعض الاقتصاديات النامية تحقيق فوائض تجارية ضخمة مع الدول الغنية.

ما حضها، وفق رأي الخبير غوبسر، على خزن احتياطات نقدية، بالعملات الأجنبية، لحماية نفسها من الأزمات المالية. لذلك، قامت الدول النامية بشراء كميات، لا تُحصى ولا تعد، من السندات والأصول التابعة لدول عدة، كما الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا واسبانيا. أوتوماتيكياً، فان تدفق رؤوس أموال الدول النامية، نحو الدول المتقدمة، ساهم في قطع نسب الفوائد، طويلة الأمد، في كل من أميركا وأوروبا، الى أدنى مستوياتها. أما أسعار المنازل، في العالم الغربي، فانها ارتفعت الى مستويات خيالية آلت الى توليد الفقاعة العقارية الأخيرة.في الوقت الحاضر، يرى الخبير غوبسر أن موجة الاقبال على الادخار، المُبالغ به، في الدول النامية، قد تسبب، بمساعدة طلبات الشراء الضعيفة في شمال العالم، فقاعة قد تتحول الى زلزال مدمر سيبلع كل ما حصدته الاقتصاديات النامية من انتعاش في الأعوام العشرين الأخيرة.