دعى خبير نفطي اليوم إلى الإستثمار في الغاز بسبب سياسة التيسير الكمي التي أعلنتها الولايات المتحدة.


الدمام: وصف المدير التنفيذي لشركة نفط الهلال بدر جعفر أسعار النفط خلال العام الماضي بانها شهدت فترة من الاستقرار لم تنعم بها خلال السنوات السابقة، إلا أن هذا الثبات في أسعار النفط قد لا يدوم طويلا جراء سياسة التيسير الكمي التي أعلنتها الولايات المتحدة الأميركية، والتي سيكون لها تداعيات على الأوضاع الاقتصادية في الشرق الأوسط وعلى صناعات النفط في المنطقة، و قد تعرض هذا الاستقرار إلى التهديد، مؤكدا بأن التحول نحو الغاز قد يمثل الاستجابة المثلى لهذه التحديات.

وأوضح جعفر في بيان حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه انالارتفاع الأخير في أسعار النفط قد يكون ناجم عن الخطوة التي اتخذها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مؤخرا بالإعلان عن إجراءات التيسير الكمي الثانية، وتأثيرات هذه الإجراءات على أسعار الأصول وقيمة الدولار أمام العملات الأخرى المنافسة، حيث سيطال هذا التأثير القيمة الأسمية ولن يؤثر على القيمة الحقيقية. وقد أدى الإعلان عن خطة التيسير الكمي الثانية إلى ارتفاع حاد في أسعار الأصول، امتد ليطال أسواق الأسهم الغربية في بلدان تصارع للنمو، بما يشير وبوضوح إلى أن تراجع سعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى قد أدى إلى ارتفاع الأسعار الأسمية بدلا من الأسعار الحقيقية لقائمة واسعة من الأصول حول العالم.

وقال جعفر أن النطاق السعري الذي تم التوصل إليه خلال فترة العام والنصف الماضية قد بات ملائما لشرائح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، مضيفاً أن التقلبات المفاجئة في أسعار النفط في الفترة ما بين عامي 2007 و2009 أدت إلى تصاعد حدت التوتر والنزاع في العلاقة بين المنتجين والمستهلكين، وإلى عزوف المستثمرين كنتيجة لذلك، وذلك نظرا لعدم إمكانية إنتهاج خطط إستثمارية بعيدة المدى في ظل حالة التذبذب وعدم اليقين التي كانت تسيطر على هذه الصناعة.

ومع استقرار أسعار النفط عند مستويات 70-80 دولار للبرميل، فقد بات بمقدور البلدان الغنية بمصادر النفط الإستثمار بثقة في مشاريع إستكشاف وإنتاج، بعد التيقن من مدى جدوى هذه الإستثمارات وربحيتها، بالإضافة إلى السعي إلى الإستثمار في مشاريع التنمية الإقتصادية وتنويع مصادر الدخل، بعد التيقن من عدم إمكانية إنحسار إيرادات النفط. حيث أكد مسؤولين كبار من المملكة العربية السعودية في العديد من المناسبات بأن ثبات سعر النفط عند حدود 70- 80 دولار للبرميل أمرا مقبولا. وفي المقابل بدأت الدول المستهلكة للنفط تشعر بنوع من الثقة والطمأنينة حيث أن استقرار أسعار النفط مادون 80 دولار للبرميل يساعد على تحقيق النمو الإقتصادي المستدام، وهذا ما أكدت عليه وكالة الطاقة الدولية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تصريحاتها.

وقال جعفر أنه ومع ارتفاع أسعار النفط مؤخرا إلى ما فوق 85 دولار واقترابها من مستوى 90 دولار للبرميل، فإن هذا الإرتفاع يتجاوز النطاق السابق، والمستوى الذي كان يبعث الطمأنينة لدى المنتجين والمستهلكين، معتقداً بأن هذا الإرتفاع قد يشير إلى إمكانية تجاوز أسعار النفط نطاقها التاريخي في سيناريو مشابه لما حدث في العام 2007، عندما كسرت أسعار النفط حاجز 60-70 دولار للبرميل، وهذا ما قد يعني بأننا في الطريق نحو فترة مماثلة من عدم استقرار أسعار النفط.

ولا يمكن تحديد مدى تداعيات هذا الإرتفاع الأخير في أسعار النفط إلا بعد تمييز نوع هذا الإرتفاع، فيما إذا كان ارتفاعا في القيمة الحقيقية أو القيمة الأسمية. فقد يكون الإرتفاع الحقيقي في تكلفة استخراج النفط أكثر نفعا للاقتصاد العالمي من الارتفاع الأسمي. ولا شك بأن النمو في الطلب في أسواق البلدان الناشئة في العالم يؤكد بأن الإرتفاع قد يكون مرده قوانين العرض والطلب في سوق النفط، والتي أدت إلى صعود السعر الحقيقي للنفط. فعلى سبيل المثال فقد تصاعد الطلب على النفط في الصين بنحو 8.3% خلال العام الحالي، بما يضيف نحو 0.7 مليون برميل يوميا إلى حجم الطلب العالمي وفقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.

وسيؤدي ارتفاع القيمة الأسمية للنفط، على الأرجح، إلى إحداث تأثيرات واضحة على محفزات وسلوك السوق، سواء كان هذا الارتفاع ناجم عن تراجع أسعار صرف الدولار بشكل جزئي أو كلي، حيث ستزداد حدة ضغوط زيادة الإنتاج على المنتجين، لاسيما أعضاء (أوبك)، الذين قد يقررون زيادة حصصهم، في خطوة قد تبدو نوعا من المجازفة في حالة التحقق من أن زيادة الأسعار ليست ارتفاعا في القيمة الحقيقية بل في القيمة الأسمية. وبالتالي فإن القرار الذي ستتخذه (أوبك) سيحتاج إلى المزيد من الوقت.

وتبدو هناك طريقة أخرى تلاءم البلدان الرئيسية المُصدرة للنفط بشكل عام، ودول منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، تتمثل في الإستفادة في ارتفاع الأسعار وحماية التنافسية الاقتصادية في حالة التأكد من أن هذا الارتفاع وهميا، وتتمثل هذه الطريقة بزيادة صادرات النفط العالية القيمة من خلال تقليص مبيعات النفط المحلية التي تدعمها الدولة، والتحول إلى الغاز كوقود بديل.

ويضمن التحول إلى وقود الغاز تعظيم التنافسية الاقتصادية للمنطقة، فبينما تشهد أسعار النفط ارتفاعا هائلا، فإن الغاز الطبيعي تبدو السلعة العالمية الوحيدة التي لم تشهد ارتفاعا كبيرا في أسعارها. فقد حافظت الأسعار في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا على انخفاضها، فيما تبدو منطقة الشرق الأوسط، بما تزخر به من موارد الغاز، في وضع مثالي يضمن لها إمدادات طويلة الأمد من الوقود الزهيد التكلفة.

وتبدو إمكانية استبدال النفط بالغاز كوقود في منطقة الشرق الأوسط كبيرة جدا، حيث كشفت إحصائيات العام 2008 بأن ما نسبته 40 بالمائة من الطاقة الكهربائية المستهلكة في دول مجلس التعاون الخليجي يتم توليدها بوقود النفط، حيث تستهلك هذه الدول مجتمعة نحو 0.6 مليون برميل من النفط يوميا لتوليد الكهرباء، مقارنة مع ما نسبته 3.5 بالمائة من الطاقة الكهربائية تم توليدها بوقود النفط في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال العام ذاته، حيث تم تحويل معظم محطات توليد الطاقة الكهربائية إلى وقود الغاز منذ السبعينات من القرن الماضي.

وقال جعفر إن السياسة الأفضل التي ينبغي على بلدان الشرق الأوسط إتباعها بهدف تعزيز أوضاعهم الاقتصادية في مواجهة حالة عدم اليقين والتقلبات التي تسيطر على أسعار النفط في مواصلة تكمن في تنويع مصادر الوقود، ويبدو الغاز الخيار الطبيعي الأفضل نظرا لما تزخر به المنطقة من احتياطيات هائلة من الغاز، مؤكداً بإن إيجاد وتطوير فرص في قطاعات الاستكشاف والإنتاج والنقل والتسويق ستمثل أمرا حاسما لتحقيق هذا الهدف.

يذكر بأن أسعار النفط شهدت فترة من الاستقرار منذ النصف الثاني من العام 2009، تم خلالها تداول النفط في حدود 65-85 دولار للبرميل، مقارنة مع ما شهدته أسعار النفط من تبادلات خلال الفترة ما بين أوائل العام 2007 وحتى منتصف العام 2009، حيث تضاعفت أسعار النفط، قبل أن ترتفع أربعة أضعاف، وتعود إلى الهبوط لتبلغ الضعف مقارنة مع السنوات السابقة ، حيث كان من المرجح أن تقوم شركات النفط العالمية الكبرى، ومؤسسات التداول المستقلة ووحدات تداول النفط في المؤسسات المالية الكبرى بدراسة إمكانية العودة إلى أنشطة المتاجرة بالنفط، بعد ملاحظة انخفاض مستوى التذبذب، حيث أعلنت شركة النفط البريطانية العملاقة بريتش بتروليوم مؤخرا عن عزمها العودة إلى تداول النفط وذلك استجابة لما تشهده أسعار النفط من استقرار.