يشهد إيجار السيارات السياحية في الجزائر، انتشارا كبيرا خلال الفترة الأخيرة، في تحول أتى معاكسا لحالة الانحسار الذي ظلّ يطبع هذا النشاط خلال السنوات القليلة الماضية، ما سمح بإنعاش مهنة ظلت تعاني من ركود مزمن.

الجزائر: بعدما ظلّ إيجار السيارات السياحية في الجزائر، مرتبطا هناك بالمغتربين والسياح الأجانب، إضافة إلى ممثلي الشركات الأجنبية في الفترات الأولى لتواجدهم، أخذت الممارسة أبعادا جديدة ولم تعد مقصورة على الفئات المذكورة، إذ أصبح كثيرون من المجتمع المحلي يستخدمونها للتنقل خلال إجازات نهاية الأسبوع وقضاء أوقات مريحة رفقة عوائلهم وأصدقائهم في أماكن بعيدة عن ضوضاء المدن.بشأن مهنة إيجار السيارات، يقول عادل الذي يدير وكالة خاصة بضاحية بابا حسن (18 كلم غرب العاصمة)، إنّه يؤجر السيارات بأسعار متفاوتة بحسب نوعية السيارة و(ماركتها) بين السيارات الآسيوية الصغيرة ونظيراتها الأوروبية، إضافة إلى مدة الايجار وكذا طبيعة الزبون، حيث أنّ القيمة تختلف بين الشركات والأشخاص، وتتراوح قيمة الايجار لليوم الواحد إجمالا بين 2500 دينار (30 دولارا) وعشرة آلاف دينار ( ما يعادل 120 دولارا)، لكنّ القيمة المذكورة تزيد إذا ما تعلق الأمر بشركة وتعدت المدة حدود الـ24 ساعة، فضلا عن حاجة المستأجرين لسائقين أم لا.

وعن حجم المكسب الذي يجنيه المؤجرّ للسيارات، يبدي يزيد الذي يمارس المهنة بضاحية الرغاية الشرقية، ارتياحا لكون العائدات صارت كبيرة قياسا بسنوات خلت، ويعلق:quot;يكفي أن تؤجر سيارتين إلى ثلاثة كل يوم لتضمن ربحا يصل شهريا إلى حدود المائة ألف دينار (ما يزيد عن 1100 دولار)، في حين يلفت عادل إلى أنّ الأرباح تتباين بحسب المواسم ونوعية الزبائن، فهي عادة ما ترفع في موسم الإجازات مع تزايد حركة الوافدين، واستنجاد الشركات والوكالات السياحية بالسيارات المؤجرّة لقضاء مآربها، تماما مثل منظمي الأفراح.

بهذا الصدد، هناك من يلجأ إلى وكالات إيجار السيارات لحل مشكلة نقل الضيوف خلال الأفراح ولا سيما مواكب العرسان، وهي ظاهرة تحظى بزيادة الإقبال على هذه الخدمة التي انتشرت بسرعة مذهلة، وتوفر استنادا إلى يزيد وعادل وزميلهم عثمان حرية اختيار الزبائن لمختلف أنواع السيارات وأحدثها من حيث الطراز.ويرى بشير الذي استأجر الصائفة الماضية سيارتين بمبلغ ثمانية آلاف دينار (ما يعادل 96 دولارا) لأجل زفاف ابنه، أنّ الانخفاض النسبي لأسعار إيجار السيارات أسهم في اتساع اللجوء إلى المؤجرين، خصوصا في ظلّ عدم امتلاك الكثير من العوائل لسيارات تغنيهم عن ذلك.

كما يُقبل منظمو الأفراح على استئجار سيارات الليموزين، بعدما كانت العملية مندرجة ضمن (الترف) المقصور على الأثرياء فحسب، أصبحت الظاهرة مُشاعة و(يتعاطاها) الكلّ، وهو ما يؤكده عادل صاحب وكالة لإيجار السيارات الفاخرة بحي بن عكنون، فرغم أنّ سعر استئجار سيارة الليموزين يتعدى سقف الـ40 ألف دينار (في حدود 480 دولارا)، إلا أنّ الموضة والرغبة في التباهي، جعلت التهافت على استئجار هذه السيارة الفخمة، يتسع نطاقه كثيرا.ويوضح فؤاد الذي يدير هو الآخر محلا لإيجار السيارات، أنّ تحديد الأسعار مرتبط بعوامل عديدة بينها المسافة بين منزل عائلة العروس وبيت الزوجية أو قاعة الحفلات، بالإضافة إلى الوقت الذي تتطلبه العملية، وكذا بداية الموسم أو في ذروته ونهاياته، فضلا عن مدى إقحام إكسسوارات داخلية مثل الورود وغيرها، بالإضافة إلى السائق.

وهناك من العوائل من تذهب إلى حد استئجار عشرات السيارات والدرجات النارية لمواكب الزفاف، وهو إجراء يتطلب رصد ميزانية ضخمة، طالما أنّ سعر إيجار سيارة واحدة لمدة 24 ساعة يتراوح ما بين 2500 و4 آلاف دينار باختلاف الوكالة وكذا نوعية السيارات وماركاتها. في سياق متصل، يجد شباب لم تسمح لهم رواتبهم باقتناء سيارات، حلا في السيارات السياحية، وهو مثال حسام، رشدي ورفيق وحسين الذين تعوّدوا على الذهاب إلى منطقتي تيبازة وشرشال الساحليتين، ويستأجر الأربعة سيارة مريحة لقاء ثلاثة آلاف دينار (ما يعادل 36 دولارا)، وتدوم مدة الإيجار 24 ساعة يراها حسام وأصدقاؤه كافية للوفاء بالمطلوب والاستماع بوقتهم.

يشرح رشدي:quot;بما أننا موظفين بسطاء وراتب الواحد منا لا يكفيه لسد حاجياته، فما بالكم بشراء سيارة، لذا نذهب إلى وكالة quot;الأملquot; لإيجار السيارات، حيث توفر لنا الأخيرة سيارة quot;أتوسquot; الصغيرة مقابل ثلاثة آلاف دينار ندفعها مناصفة نحن الأربعة، فلا نشعر بارتفاع قيمتها، فيما تمنحنا السيارة فرصة التنقل بها إلى خارج العاصمة نهاية كل أسبوع، وطالما أنّ السيارة بحوزتنا فلا نضطر إلى مغادرة المكان باكرا خاصة وأن مدة الإيجار 24 ساعةquot;.وحتى الأزواج الجدد وجدوا في استئجار السيارات فرصة للاستمتاع بأوقات الراحة، وهو حال أحمد المتزوج حديثا، الذي أكّد استئجاره لسيارة في ثلاث مرات للتنزه خارج العاصمة.ويذهب الخبير quot;أنيس نواريquot; أنّ ظاهرة إيجار السيارات إيجابية من حيث توفيرها جرعة أمل لشباب عانوا من انعدام سوق محلية فعلية للسيارات، وعدم قدرة غالبية الجزائريين على شراء سيارات جديدة، تبعا لأسعارها العالية وعدم مقدرتهم على تسديد كلفتها.