هناك تفاؤل بمستقبل المغرب الاقتصادي، الذي يراهن على الإستقرار لجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

الرباط: فيما تتواصل الاحتجاجات بالمغرب، ما زالت آلة الاقتصاد تدور بوتيرتها العادية، في انتظار البحث عن آفاق واعدة قد تتأتى عبر جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو ما يحاول ستة وزراء مغاربة بلوغه من خلال زيارتهم للعاصمة الفرنسية، حيث يسعون إلى إنجاح مهمتهم المتمثلة في حشد المزيد من انخراط السلطات العمومية الفرنسية والمستثمرين الخواص لإنجاح ورش الإصلاحات من خلال دعم النمو الاقتصادي.

وقال الدكتور رضوان زهرو، الخبير الاقتصادي المغربي، إن quot;الحركات الاحتجاجية وما واكبها من حالات عدم استقرار اجتماعي وسياسي في الكثير من الدول العربية اليوم، ستؤدي من دون شك إلى تدهور في الوضعية الاقتصادية داخل هذه الدول، على الأقل في المديين القصير والمتوسط.

ما سيضطر، حسب ما أكده المحلل الاقتصادي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;هذه الدول إلى نهج سياسة واستراتيجية منغلقة، ستنكب على إيجاد حلول مناسبة لهذه الوضعيةquot;، مشيرا إلى أن quot;هناك حالات معروفة، سيما مصر، وتونس وليبيا، وإلى حد ما سوريا واليمن والبحرينquot;.

بالنسبة للمغرب، يشرح أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بالمحمدية، quot;هناك حراك اجتماعي ودينامية في الحركة الاجتماعية منذ 20 شباط (فبراير)، ثم ما جاء بعدها من مسيرة 20 آذار (مارس)، لكن هناك في المقابل خطاب ملكي مهم جدا لـ 9 مارس، الذي أعلن عن أوراش إصلاحية، وأعطى مجموعة من التوجهات والمرتكزات، التي سيكون لها وقع، ليس فقط على المستوى السياسي، والدستوري، والحقوقي، ولكن كذلك على المستويين الاقتصادي والاجتماعيquot;.

وأضاف رضوان زهرو quot;إذن، هذا الحراك والدينامية الاجتماعيين لم تكونا، كما هو معروف في المغرب، بالشكل ولا بالقوة التي عرفتها مجموعة من الدول. لذلك أعتقد أن الوضع الاقتصادي لن يتأثر بشكل كبير في بلدنا، فالأمور عادية على الأقل حاليا وفي الأجل المنظورquot;.

وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن quot;الاحتجاج سلمي في المملكة، ويمر في ظروف جيدة لا تدعوا إلى القلقquot;، موضحا أن quot;هناك استقرار سياسي واقتصادي، وهناك عمل دائم وطبيعي للمؤسسات، بالإضافة إلى وجود استمرارية في تحقيق مجموعة من الأوراش والمشاريع المسطرة من دون أدنى مشكل، آخرها هو المشروع الذي جرى تدشينه في مدينة طنجة (شمال المغرب)، حيث دشن مركز من طرف شركة (رونو نيسان) خاص بالتكوين المستمرquot;.

كما أكد رضوان زهرو أن quot;هناك جولات، آخرها جولة لخمس وزراء مغاربة، يتقدمهم وزير المالية والاقتصاد، إلى فرنسا، للتعريف بما يوفره المغرب من حوافز وتشجيعات، وظروف مستقرة كقبلة للاستثمار، خاصة الفرنسيquot;.

وتحدث أيضا عن زيارة وزير الخارجية، الطيب الفاسي الفهري، إلى الولايات المتحدة الأميركية، وquot;ما عبرت عنه واشنطن في شخص وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، من إشادة بالنموذج المغربي، الذي يجب أن يأخذ كمثال يحتذى به في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسطquot;.

وأضاف أستاذ الاقتصاد في جامعة المحمدية quot;يمكن أن أقول إن الاقتصاد المغربي سيكون المستفيد الأكبر من هذه الوضعية، فإذا رأينا خريطة العالم العربي، فسيتبين لنا، بكل موضوعية، أن المغرب الأقل توترا واحتقانا الآنquot;.

وذكر رضوان زهرو أنه quot;لا شك أنه سيشكل جاذبية، خاصة في قطاعات السياحة، والاستثمار الأجنبي المباشر، وقد ينظر للمغرب كوجهة مفضلة للعديد من الدول، ليست فقط الغربية، بل كذلك بعض الدول التي لا شك أنها ستغير وجهتها من مصر وتونس، خاصة إذا علمنا أن هذه الدول ذات الاقتصاديات المشابهة للمغرب، كانت تشكل ولا زالت منافسة، لكون أنها تتميز ببنيات متقاربة ومشابهة، إذا أضفنا إليها بطبيعة الحال الأردنquot;.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن quot;المغرب يتمتع بوضعية جيدة، وهذا راجع، بطبيعة الحال، إلى مجموعة من الأسباب، أولها أن المملكة أصبحت منذ سنوات تتوفر على مناعة تأهلها للعب دور متميز، خاصة مع الشريك الاستراتيجي للمغرب، ألا وهو الاتحاد الأوروبي، ومع الولايات المتحدة الأميركية، في إطار اتفاقية التبادل الحر، التي تجمع بين الطرفينquot;.

وأضاف quot;أعتقد أن المغرب أصبح لديه إطار مؤسساتي وقانوني جيد، كما أصبحت هناك بنيات تحتية مهمة، وهناك أيضا الاستقرار، وهذا شيء مهم بالنسبة للاستثمار الأجنبي المباشر، ثم توجد مسألة الثقة، في المجال المالي والاستثمار المباشر، خاصة الآن مع الخطاب الملكي، الذي جاء بمجموعة من المرتكزات، منها سمو القانون، وترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتمكين المرأة، والجهوية الموسعة، التي ربما قد تفتح آفاق واعدة للمستثمر. إذن هذه الإشارات الإيجابية نحو الدمقرطة، وترسيخ دولة الحق القانون تعطي الثقة للمستثمر. وأعتقد أن المستقبل واعد بالنسبة لبلادنا، على الأقل في المديين القريب والمتوسطquot;.