ثمة فرق شاسع بين كيفية التعاطي مع الحروب، في أربعينيات القرن الماضي واليوم. اذ بعدما كان ضباط السلاح الجوي، ينامون في الخيم ابان الحرب العالمية الأولى والثانية(التي ازدحمت بطائرات مقاتلة سارت كالنمل في سماء مصر وليبيا في أربعينيات القرن 20)، هاهم يريدون اليوم النوم في الفنادق الفاخرة قبل الانطلاق في مهامهم العسكرية، بمباركة النابوليون ساركوزي، نحو ليبيا، لقصفها.


برن: أول ما يسترعي انتباه الخبراء السويسريين الحكوميين، الماليين والعسكريين، هو رغبة الطيارين العسكريين الأوروبيين، المشرفين على تطبيق الحظر الجوي بليبيا، سوية مع ضباط الفرق التقنية المشرفة على صيانة الطائرات وادارة الأمور اللوجستية، في الأكل والنوم في أفضل الفنادق(أربعة نجوم على الأقل) الموجودة، جغرافياً، في تلك الدول التي تعتبر القواعد العسكرية لكافة الطلعات الجوية الحربية الى ليبيا، كما ايطاليا واليونان وفرنسا واسبانيا. ويقدر هؤلاء الخبراء ما تخوضه وزارات الدفاع الأوروبية من نفقات يومية، تضمن حياة، مصنفة خمسة نجوم، لهؤلاء الضباط، بما لا يقل عن 2 بليون فرنك سويسري. وهذا أمر غير معقول اطلاقاً بما أن موازنات الدول الأوروبية، لا سيما تلك المحيطية، لا تترك أي هامش للقيام بمناورات واسعة تبتعد عن عمليات التقشف الحكومية. في الحقيقة، تستهدف الانتقادات السويسرية ما يجري من عمليات انفاق، ببلايين اليورو يومياً، لضمان راحة الضباط الايطاليين وغير، في ايطاليا التي تعتبر قاعدة عسكرية استراتيجية لمواصلة الحرب على ليبيا.

ويشير المحلل جان أندريا غاياني الى أن ابتعاد سويسرا عن أي دعم، مباشر أو غير مباشر، للحرب على ليبيا، عقلاني للغاية. والا فان الأمر قد ينعكس سلباً على حكومة برن التي تسعى الى تحريك شيء ما، غير واضح بعد، لانعاش الصادرات الوطنية وحركة السياحة الداخلية. علاوة على ذلك، ينوه هذا الخبير بأن البذخ الأوروبي على الحروب لا يشمل ضمان حياة مريحة للضباط، خارج مناطق القتال، لا بل انه يشمل منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. هنا، يعود المحلل غاياني بذاكرتنا الى ما يجري بامارة أبو ظبي التي تستضيف فريق من ضباط سلاح الجو الايطالي المسؤول، منذ سنوات، عن تنظيم انتقال فرق من الجيوش الايطالية والفرنسية وغيرها الى العراق وأفغاستان.

اضافة الى تأمين اقامة هؤلاء الضباط في أفخم فنادق أبو ظبي، فان معاشاتهم تتراوح بين 400 وألف دولار، يومياً، وفق التصنيف الشخصي والمسؤوليات الموكلة الى كل واحد منهم. ما يعني أن زمن التضحيات والنوم في الخيم، بالنسبة للجنود والضباط الغربيين، قد ولى وفات.