لندن ـ سان بطرسبرغ: كثفت وكالة الطاقة الدولية الضغط على منظمة أوبك لرفع الانتاج بتوقع نمو حاد في الطلب على النفط في وقت لاحق هذا العام وتوقع أن يستمر الضغط على الامدادات في المدى المتوسط. وفي تقريرها الشهري رفعت الوكالة التي تقدم المشورة إلى 28 دولة صناعية توقعاتها للطلب على نفط أوبك هذا العام بواقع 400 ألف برميل يوميا إلى 30.1 مليون برميل يوميا.وسبق ان أشارت بيانات أوبك أيضا إلى الحاجة لمزيد من النفط في النصف الثاني من العام الحالي.لكن المنظمة فشلت خلال اجتماعها في فيينا الاسبوع الماضي في الاتفاق على زيادة الانتاج واعترض الأمين العام لأوبك على تصريحات علنية لوكالة الطاقة قالت فيها إنها ستسحب من احتياطيات الطوارئ النفطية اذا استدعى الأمر. وقال عبد الله البدري لقمة رويترز العالمية للطاقة والمناخ هذه الاسبوع 'ينبغي أن تترك الاحتياطيات الاستراتيجية للغرض منها لا أن تستخدم كسلاح ضد أوبك'.


وفي توقعاتها الخمسية الصادرة بالتزامن مع التقرير الشهري توقعت الوكالة ألا يعود الانتاج الليبي لمستويات ما قبل الازمة قبل 2014.وقال ديفيد فايف رئيس قطاع النفط وأسواقه في الوكالة لرويترز 'فقدنا 1.5 مليون برميل يوميا من الطاقة الانتاجية من ليبيا والطلب الاساسي مرتفع والطاقة الفائضة تراجعت'. وأضاف 'أعتقد أن السوق تبدو اكثر شحا بين 2010 و2012 مما كنا نعتقد قبل ستة أشهر'. ورفعت الوكالة توقعاتها للطلب العالمي على النفط في خمس سنوات بمتوسط 700 ألف برميل يوميا مقارنة مع توقعها في التقرير السابق في كانون الاول/ديسمبر. وقالت الوكالة إن نقص المعروض في سوق النفط يعني أن العوامل الأساسية تبرر الموجة الصعودية منذ أواخر 2010. وشهدت السوق انشطة مضاربة اقل مما شهدته في 2008 حينما سجلت سوق النفط أعلى مستوياتها على الاطلاق عند 147 دولارا للبرميل من الخام الاميركي الخفيف.


وحتى الآن هذا العام بلغ مزيج برنت ذروته عند أعلى قليلا من 127 دولارا.وقالت الوكالة إن الصعود شجع الاستثمارات خاصة في الدول خارج أوبك بينما تعطلت خطط أوبك للتوسع 'نتيجة الافتقار للاستثمارات وتأجيل مشروعات'.ومن المتوقع أن ترتفع الامدادات الاجمالية من النفط من 93.8 مليون برميل يوميا إلى 100.6 مليون برميل يوميا بحلول 2016 ليبلغ متوسط الزيادة الصافية 1.1 مليون برميل يوميا سنويا لكنه أقل من متوسط نمو الطلب البالغ 1.2 مليون برميل يوميا.ومن المتوقع نمو الطاقة الانتاجية لمنظمة أوبك بشكل ملحوظ بفعل المشروعات المشتركة في العراق وانجولا والامارات العربية المتحدة ومع نمو طفيف في نيجيريا وفنزويلا.


لكن الوكالة توقعت أن تواجه إيران التي عانت على مدى سنوات من العقوبات صعوبة لزيادة امداداتها وقالت إن طاقتها الانتاجية ستتراجع عن طاقة انتاج العراق. وأضافت 'إلا أن المناخ غير المواتي للاستثمار سيؤدي إلى تراجع الطاقة الانتاجية الايرانية من الخام بواقع 0.8 مليون برميل يوميا إلى 3.1 مليون برميل يوميا لتنزل دون طاقة انتاج العراق بحلول 2014'. وفي حين لا تواكب زيادة الامدادات نمو الطلب فإن هامش الفائض في الطاقة الانتاجية لأوبك الذي يمكن ضخه سريعا في السوق إذا استدعى الامر بلغ مستوى 'ضئيلا بصورة مقلقة' عند نحو 3.3 مليون برميل يوميا.


ويخشى كثير من المحللين من تقلص الفائض في الطاقة الانتاجية عقب زيادة الانتاج من السعودية التي تتحكم بمفردها تقريبا في الطاقة الانتاجية الفائضة في العالم.وقالت المملكة إنها ستنتج كميات النفط التي تحتاجها السوق حتى إذا لم تتفق أوبك على زيادة الانتاج لكن وكالة الطاقة الدولية تقول إن ذلك قد لا يكون كافيا إذ أن النفط السعودي ليس في جودة النفط الليبي.وسيأتي الطلب الاضافي على الوقود كله من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وتشكل الصين وحدها اكثر من 40 بالمئة من الطلب الجديد.من جهته قال نوبو تاناكا المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية امس الخميس إن الوكالة مستعدة للافراج عن احتياطياتها الاستراتيجية من النفط الخام لضمان وصول امدادات كافية للسوق ودعم الاقتصاد العالمي. وقال في مؤتمر صحافي في مدينة سان بطرسبرج الروسية 'نحن مستعدون للتدخل في أي وقت إذا استدعى الأمر'.


ويحوز اعضاء وكالة الطاقة الدولية من العالم المتقدم 1.5 مليار برميل من المخزونات النفطية الاستراتيجية يمكنهم استغلالها إذا فشلت السعودية أكبر منتج داخل أوبك في زيادة امداداتها بالسرعة الكافية لاحداث توازن في الاسواق.وقال تاناكا إن السؤال المهم هو 'ما حجم (الزيادة) ومدى السرعة' التي تستطيع بها السعودية ضخ مزيد من النفط في السوق.وقالت وسائل اعلامية إن الرياض سترفع انتاجها إلى عشرة ملايين برميل يوميا من 8.8 مليون برميل يوميا في أيار/مايو بعدما انتهى اجتماع أوبك في فيينا الاسبوع الماضي دون الاتفاق على رفع حصص الانتاج. وقال تاناكا 'قلقون بشأن سرعة أوبك في ضخ (مزيد من النفط) بالسوق... نصدق ما يقولون لكن بأي سرعة وبأي حجم؟' وأضاف أن سعر النفط الحالي عند 120 دولارا للبرميل يضر النمو الاقتصادي العالمي وإن أي زيادة أخرى في السعر ستزيد احتمال حدوث تراجع اقتصادي.


وتابع أن من شأن مثل هذه النتيجة أن تكون أقل حدة من انهيار الاقتصاد في 2008 و2009 والذي أعقب صعود أسعار النفط إلى نحو 150 دولارا للبرميل.وكان فاتح بيرول كبير الخبراء الاقتصاديين بوكالة الطاقة الدولية قد قال امس الاول ان اسعار النفط عند مستوياتها الحالية القريبة من 120 دولارا للبرميل تشكل خطرا لأن ينزلق العالم إلي الركود مرة اخرى، مشيرا الى ان الوكالة تراقب ميزان العرض والطلب بشكل يومي لتقدير الحاجة الي السحب من المخزونات الاستراتيجية.ولم تصل الاسعار بعد الي المستوى القياسي البالغ اكثر من 147 دولارا للبرميل الذي سجلته في 2008، لكن بيرول اشار الى ان متوسط الاسعار في الفترة المنقضية من العام الحالي مرتفع بالفعل عن المتوسط في 2008 وان الاقتصاد العالمي أكثر هشاشة.وقال 'إذا نظرت الى متوسط الاسعار في 2008 فانه كان حوالي 90 دولارا للبرميل وهو منخفض كثيرا عن اسعار امس. الانباء السيئة انه حتى اذا كان المتوسط 100 دولار فان فاتورة استيراد النفط للدول الرئيسية المستهلكة ستكون عند نفس المستوى الذي كانت عنده في 2008 '.


واضاف ان متوسطا لاسعار النفط قدره 100 دولار للبرميل سيعني ان فواتير استيراد الوقود ستعادل 2.3 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي وانه عند المستويات الحالية للاسعار فان التكلفة ستقترب من 3 بالمئة.وقال بيرول ان الامدادات الاضافية المتوقعة من النفط السعودي 'موضع ترحيب كبير' لكنها ربما لن تكون كافية للتعويض عن فقدان النفط الليبي العالي الجودة.وقال انه لا يتوقع ان يعود النفط الليبي الي الاسواق هذا العام وان غيابه لفترة طويلة قد يستدعي السحب من المخزونات الاستراتيجية لدى الدول الثماني والعشرين الاعضاء في وكالة الطاقة الدولية. واضاف قائلا 'اننا نغري تقييما كل يوم لميزان العرض والطلب... نحن جاهزون في اي وقت'. ومنذ انشائها لجأت الوكالة الي السحب من المخزونات الاستراتيجية مرتين اثناء حرب الخليج الاولى في 1991 ثم في عام 2005 بعد الاضرار الشديدة التي الحقها الاعصار كاترينا بمصافي التكرير في منطقة ساحل الخليج الامريكي.