ترحيب الرئيس الفلسطيني أبو مازن للتصريحات الإيجابيه التي وردت في خطاب أيهودا أولمرت خطوة في الإتجاه الصحيح لديبلوماسية فلسطينية وليدة تعكس حاجة الشعب الفلسطيني الحقيقية للسلام وتؤكد الرغبة الصادقة لإنهاء الصراع. ولكنها أيضا تؤكد الأزمه الماليه الخانقة التي يعيشها الشعب الفلسطيني والحاجة الفلسطينية الماسة لرفع الحصار المالي.
خطاب أولمرت والذي أجزم بأنه رد فعل لدعوة ديفيد جروسمان الصادقة بالتوجه إلى الشعب الفلسطيني وطرح مبادرة تستند إلى الإعتراف بحقوقه والعمل على إنهاء الإحتلال..... يعكس امرين رئيسيين... الأول أنه وحكومته في أزمة داخلية. لا تنفع معها سياسة الإستمرار في قتل الفلسطينيين.. لأن هذه السياسه فضحت الحكومه الإسرائيلية دوليا وبينت للعديد من مفكري إسرائيل أمثال ديفيد جروسمان.. عكيفا الدار ndash; أميره هاس ndash; جدعون ليفي وعديدون غيرهم.. أن حكومتهم غير راغبة في السلام الحقيقي.. إلى جانب أنها بدأت تفقد التعاطف الشعبي الدولي...
الثاني وهو الأهم حاليا في المعادله الدوليه.. خاصة بعد الحرب الإسرائيليه وفشل إسرائيل في تحقيق الأهداف الرئيسيه وهي التخلص من حزب الله. وتحرير جنودها.. هو..
إما الخوف من إحتمال حصول تقارب يقوم على المصالح المشتركة بأي شكل بين الولايات المتحدة وبين ايران.
أو محاولة الحكومة الإسرائيلية لعزل ايران وتهميش أفكارها الإسلامية الأصولية. وبالتالي التمهيد لضربة إستباقية لمنعها من الإستمرار في عملية تخصيب اليورانيوم وإمتلاك القوة النووية.. وبهذا تتصرف إسرائيل كدولة سياديهة لا تأخذ تعليماتها من الولايات المتحدة بإتخاذها قرارات مصيرية تجاه تصلب ايران في الإستمرار في تخصيب اليورانيوم.
وهو ما ستقوم الولايات المتحده بتأكيد هذا الحق في حال إستخدمته إسرائيل..
كإنسانة.. حريصة على المصلحه الفلسطينيه.. أرحب بخطوة البدء في إنهاء الصراع.. لأن الخاسر الوحيد هو الشعب والإنسان الفلسطيني القابع تحت ذل الإحتلال..
أما بالنسبة لإيران فهو.. ليس خافيا أن ايران لها طموحات تتعدى الحدود الإقليميه لتكون قوة دوليه في مصاف الدول العظمى ولكن الخطر هو كونها تحمل اجنده إسلاميه أحد أهدافها أسلمة العالم وقيادة المنطقه العربيه.. ولهذا تصر على الإستمرار في عملية تخصيب اليورانيوم. هذا ما يخشاه العديد من الدول سواء العربيه أو الإسلاميه أو الغربية.. طموح ايران النووي خطر على الجميع. وبالتالي لن أبرره تحت شعار أنه حق لها أسوة بإسرائيل... لأن حل هذه المعضله يكمن في التعاون مع المنظمات الغربيه التي تدعو إلى التخلص من الأسلحه النوويه.. وبالتالي التحالف معها في الدعوة لأن تصبح المنطقه بأسرها خاليه من أسلحة الدمار الشامل..

الشروط التي وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي.. حقا مؤلمة.. ولكن ليس من المصلحه الفلسطينيه إطلاقا مجرد رفضها لأنها لا تتجاوب مع شروطنا وحقوقنا الأساسية.. بل علينا أن نتفاوض حولها بأسلوب جديد يلتزم الحوار والتعاطف الإنساني.. بدون التلويح بالعنف أو وضع إشتراطات مسبقة..
ثوّار الفصائل الأخرى وبعض الكتاب المغتربين.. الذين يعتمدون لغة التصعيد الخطابي والمبالغه لشحن الشارع بالحقد وبالرفض والآخرين الذين ينفخون في نار القدرة العسكرية.. معظمهم يعيش وأبناؤه خارج الأرض المحتلة. أما البعض الآخر الذي يعيش في الداخل فهو أيضا في أمان غذائي على الأقل. حيث لا يتضور أبناؤه الجوع..
وبالتالي علينا التعامل مع إسرائيل من منطلق ايقاظ الضمير الإنساني للطرفين.. أعلم مسبقا أنني سأجد العديدين الذين سيسخرون من فكري وسيسألونني أين هو الضمير الإسرائيلي... و أجيب بأننا لا يجب أن ننحدر إلى القاع كما إنحدر العديدون من ممثلي الحكومة الإسرائيليه. ولكنني أضيف بأنني أجده في قراءاتي للكتاب الإسرائيليين.. وفي محاولات جادة لليهود في أوروبا وفي أميركا.. الذين لا يتوانوا عن نقد عمليات العسكرة الإسرائيليه.. والخجل منها علنا.. ويؤمنون بالسلام الحقيقي المبني على المساواة في الحقوق.. والتأييد الكامل لحق الفلسطينيون في الدوله في حدود الشرعيه الدوليه.. ورفض الإستيطان.. والخجل من جدار الفصل الذي تقوم الحكومه الإسرائيليه ببنائه... أجدها في محاولاتهم العديده لدعم فكرة العمل المشترك مع العرب والفلسطينيين الذين يؤمنون بالسلام وبالقيم الإنسانيه المشتركه بيننا.. نعم كلنا في مأزق.. إبتداء من حماقات الولايات المتحده وإسرائيل..ولكن لغة التصعيد والتلويح بالحروب فقدت بريقها وعلينا معا أن نعمل على دفنها إلى الأبد.. نعم كلانا لا يكن حبا للآخر.. ولكن هذا لا ينفي مسؤوليتنا كبشر في ايجاد بديل للوضع المأساوي الذي تمر به المنطقه العربيه والإنسان الفلسطيني..

لا العرب ولا المجتمع الدولي قادر في ظل ثورة المعلومات والإتصالات على الإستمرار في خديعة الإنسان الفلسطيني..أو الإعتراف بحقوقه بينما يخلق وضعا مأساويا آخر.. وبالتالي إما التجاوب مع مابقي من رمق في الدول العربيه والمجتمع الدولي للحصول على الحقوق الفلسطينينه.. وإما نخسر إلى الأبد فرصة حتى وإن كانت ضبابية... علينا الإعتراف بان السياسة الإسرائيلية يدفعها الخوف الأعمى من كونها هدفا لأيدلوجية تدعو للقضاء عليها وأن خطابنا السياسي الذي إستند إلى أيدلوجيه متصلبة رفضت حق الآخر.. زرعت الحقد في قلوب الطرفين.. وغذت من فكرة الخوف في الطرفين..
سيدي القارىء.. سيدتي القاةئه... حينما تنقلب العقيدة إلى نار تهدد بحرقنا... فإن من واجبنا الإنساني أن نعمل على إخمادها وذلك اللجوء إلى المنطق والعقل والحكمه وإلا فإننا سنموت بالحريق جميعا..

باحثه وناشطه في حقوق الإنسان ndash; لندن