يقول الدستور أن مجلس النواب يتكون من اعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف إنسان من أهل العراق، ويتم انتخاب أعضاء المجلس بطريق الاقتراع العام والسري المباشر، ويراعي في التمثيل سائر مكونات الشعب العراقي.
كما أكد الدستور على شروط يتوجب أن تتوفر في المرشح، وبعد كل هذا يؤدي العضو يمينا بالله العلي العظيم أن يؤدي مهمته ومسؤوليته القانونية بتفان وإخلاص وأن يحافظ على استقلال العراق وسيادته، وان يرعى مصالح شعبه، وأن يسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي، وان يعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة، واستقلال القضاء، ويلتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد، وان الله شهيد على كل ما ورد في نص القسم.
مهمة ليست بالسهلة، وتكليف وطني كبير يقع على عاتق أعضاء مجلس النواب، وكل هؤلاء يمثلون العراق، وبصرف النظر عما يمثلون من قوائم واتجاهات، وبصرف النظر عما إذا كان ولائهم للقائمة أو للقائد أو للمذهب، وبصرف النظر عما إذا كانوا متفاعلين مع وضع العراق والعراقيين أم أنهم يتخشبون من اجل مغانم العضوية ومكاسب مادية باتوا يحلمون بها في زمن تردت فيه القيم في العراق.
ومع اليمين القانونية التي أداها كل عضو، هناك الالتزام الضميري، وشئنا أم أبينا فهولاء من تم انتخابهم لتمثيلنا، وهؤلاء من يقرر سياستنا ومصالحنا، فهل هم ممثلين حقيقيين للعراق بعد هذا التقسيم؟ وهل هم مؤهلين لأن يكونوا ممثلين لهذا العراق وفي هذا الظرف العصيب بالذات؟ هل هم يستطيعون إن يتغلبوا على مذهبيتهم وعنصريتهم وحزبيتهم ويصونوا العراق باعتبارهم من يمثل شعب العراق؟ هل يقدر هؤلاء فعلاً على أداء مسؤولياتهم البرلمانية وأن يترجموا وعودهم الانتخابية التي طرحوها للناس في أن يسهروا على مصلحة العراقيين ويجنبونهم الحرب الأهلية ومخاطر التشرذم الطائفي المقيت؟ هل يمكن لهؤلاء إن يعبروا عن كل مناطق العراق باعتبار إن عضو المجلس هو ممثل عن كل منطقة من مناطق العراق بغض النظر عن منطقته الانتخابية.
وأمام تظاهرة ديمقراطية تخللتها بعض الخروقات والسلبيات مارس شعب العراق ولأول مرة خياره في انتخاب من يعتقد انه المؤهل لتمثيله برلمانيا في العراق، في زمن ما بعد الدكتاتوريات والأنظمة الرجعية، هل راجع أحدكم ضميره في خلوته؟ هل كان حقاً يستحق إن يكون ممثلاً للعراق؟ الى أين تسيرون أيها النواب ومتى تدركون حجم الخراب الذي حل بالعراق؟
متى تترجمون كلمات القسم التي حلفتموه إمام الله من إنكم جميعا ودون استثناء ترعون مصالح شعب العراق وترعون الحريات العامة وتتزاحمون من اجل الحفاظ على ثرواته ونظامه الاتحادي الديمقراطي؟
هل يعقل إن يكون بينكم من يريد تهديم صرح اللبنات الأولى لبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي؟ وهل يعقل إن يكون بينكم من يحنث باليمين فيصير طرفاً في تخريب مصالح العراق وأن يعتمد القتل والذبح والتحريض والاصطفاف من اجل خراب العراق؟
في أي زمان انتم تقفون وعلى ماذا ستستقر سفائنكم؟
من منكم يعرف إن النيابة تكليف وليس تشريف، وانكم حينما اختارتكم الجماهير العراقية على أساس إن تكونوا خدم للشعب لاأسياده والطبقة التي تترهل على حساب جراحاته ودماء أبناءه.
أين اختفت عراقيتكم؟ وكيف تقلصت مفاهيم الوطنية في نفوسكم فطغت علينا العشائرية والمذهبية والحزبية حتى باتت هي اللغة التي بها تتعاملون، وصارت الاتهامات القاموس الذي بت تتقاذفون، فأين صار الإنسان في العراق من مسؤوليتكم ومن حرصكم على تمثيله وشرفكم الذي أقسمتم به إمام الله والشعب.
أين صارت اعداد الشهداء الذين نحرهم الدكتاتور في زمن البغي والظلم من مجلسكم؟ وكيف لكم لم تتذكروا فقراء العراق ومعدميه ممن يبيت دون طعام أو مأوى؟ وأين صار الكورد الفيلية الذين أوغل الطاغية في عذاباتهم؟ هل فكرتم بإعادة بيت مسلوب أو مال محجوز لعراقي مظلوم؟ وأين صارت اعداد المفصولين السياسيين والمدد التي عبرت ربع قرن على فصلهم وعذابات عوائلهم وانتظارهم لحظة سقوط الصنم؟ أين صارت إيرادات العراق الخيالية من النفط والثروات المعدنية من شوارعنا المخربة وقرآنا التي لم تزل من مجاهل القصبات ، وأين صار الماء والكهرباء والمجاري والقطارات والمطارات؟ وأين صار الإنسان والآمان منكم؟ ماذا حققتم خلال الفترة التي مرت علينا؟ كيف لكم إن تراجعوا القرارات التي أصدرتم والتشريعات التي اقررتم؟ وكيف لكم إن تستذكروا التنابز والاتهامات والعبارات التي لاتليق بالعراق التي تداولتموها في مجلسكم؟ فهل انتم من تمثلون العراق؟
هل تفقدتم مواطنيكم الذين انتخبوكم وفوضوكم تمثيلهم في مجلس النواب؟ هل عرفتم كيف تعيش اعداد المتسولين في العراق؟ وماذا قدمتم للقضاء ليس فقط على الإرهاب والإرهابيين، وإنما على المخدرات وتجار السموم الدخيلة التي تدخل العراق بيسر وسهولة؟ هل عرفتم من يقود العصابات الإجرامية ومن يحرضها؟ ولماذا لم تكشفوا الأسماء وأنتم ممثلينا في المجلس؟ وكيف قبلتم التستر على الأسماء والمساهمة في أن تستمر تلك العصابات في قتل إخوتنا واحبتنا؟ هل بقيتم دون مخصصات أو رواتب شهرا واحداً؟ هل حاسبتم الوزراء عن أخطاؤهم وعن سلبيات عملهم؟ بل هل حاسبتم من يستخف بمجلسكم من الأعضاء فلا يحضر الاجتماعات ودون إن يبدي عذراً مشروعاً؟ هل فكرتم في قطع مخصصاته وراتبه عن مدة الغياب؟ هل تكاتفتم من اجل مصلحة عراقية دون إن تصطفوا مع أحزابكم أو طوائفكم أو قوائمكم أو مصالحكم؟ هل كان حقاً العراق امام ضمائركم وعملكم في المجلس؟ هل وضعتم المصالح الشخصية والمكاسب الانية والفردية وتغليب الأقرباء والأصدقاء على مصلحة العلماء والمختصين في العراق؟ هل فكرتم بطريقة تعيد العلماء والاختصاصيين للعراق؟ بل هل فكرتم لماذا يتم استهداف العلماء والفنيين في العراق ومن هي الجهة التي تستهدفهم؟ ولماذا يتم افراغ العراق من فلذات اكباده؟
هل أنتم من يمثل شعب العراق وأنتم بهذه الفرقة وهذا التمزق؟ هل انتم تمثلون العراق وقنوات فضائية صفراء تتقاذفكم وتشتمكم وتنعتكم بشتى الاتهامات وتتراكضون للجلوس إمام شاشتها؟ أين صارت وعودكم وبرامج قوائمكم ومقابلاتكم في التلفزيون وحرصكم على العمل وصون حريات الناس الذين يخافون السير في الشوارع، ويخشون إن يتعدى عليهم أحد باسم الدين تارة وباسم الوطنية تارة أخرى؟ هل عرفتم بموت الحلاقين في العراق وموت الخبازين في العراق؟ هل سمعتم ايها السادة بموت عمال المساطر الفقراء الذين يتجمعون في أماكن العمل فجرا قبل إن يطل عليكم الصباح الجميل بتفجير حزام ناسف أو بانفجار مفخخة؟ هل عرفتم بالذبح الشرعي بالسكين أو بالحراب أو بالموت غدرا أو بالرصاص؟ هل عرفتم بأن لاحماية تحمي المواطن العراقي حيث فوض أمره الى الله؟
هل عرفتم وانتم تمثلون العراق بأن سلاح الجيش العراقي كله وبكل أصنافه موجود في بيوت العراقيين، وربما ستجدون يوما ما طائرات حربية أو دبابات بانتظار الإشارة؟
هل انتم تمثلون العراق وعجزتم إن تجدوا غير علم صدام تجلسون تحته، وتستمتعون بنشيده الوطني؟
نصرخ فيكم وانتم تمثلوننا عربا أو كوردا أو تركمانا أو كلداناً أو آشوريين، مسلمين أو مسيحيين أو ايزيديين أو مندائيين أبعدتموهم وهم طينة العراق الحرة ، مهما كانت طائفتكم أو مذهبكم أو حزبكم، ومهما كان مشروعكم ورغباتكم الدفينة، نصرخ فيكم أن كنتم حقا من طينة اهل العراق ونهيب بكم إن تكونوا مرة واحدة للعراق، للقسم الذي أديتموه جميعا، وان تجربوا مرة واحدة أن تتفقوا لمصلحة العراقيين في قضية واحدة ومشروع واحد يهدف الى حقن دماء الناس وحفظ أرواحهم وشرفهم، وان تجسدوا مرة واحدة الشروط التي توجبت إن تكونوا عليها، وان تكونوا بحق من يصن حياة العراقيين ويصون حرياتهم العامة.
وتذكروا أن كل واحد منكم يمثل مائة الف إنسان، مائة الف ضمير ينتظر منه إن يصون حياته وعياله، وان يسهر على كرامته وحريته، وان يرعى مصلحة العراق، كل واحد منكم مسؤول إمام الله والتاريخ والعراق على إن يكون ابنا باراً للعراق، فهل انتم أبناءه البررة؟