على حين غرة، وبعد ملاحم نظام البعث السوري النضالية في قمع أحرار سوريا وفي تخريب أجواء (ربيع دمشق)، وحماسة أجهزة مخابراته في تتبع وإستئصال وتشويه سمعة كل الأصوات الحرة وكل المناضلين السوريين، إستفاقت دمشق فجأة وهي المتعودة تاريخيا على المفاجآت على أصوات إطلاق الرصاص وعلى بيانات النظام وما أكثرها عبر تاريخ القمع الدموي والصراع الأسري على السلطة تنبيء الشعب السوري بمعارك قد حدثت في (خرابة) خلف مبنى التلفزيون العربي السوري مع إرهابيين تحولوا من (الصوفية) للسلفية المقاتلة!! أي أن البيان يريد أن يوحي بشكل تأكيدي من أن السلطة تعرف نوايا وإتجاهات الناس الفكرية والسلوكية في الماضي القريب؟ ولكنهم لم يوضحوا كيف تمكن أولئك الإرهابيون من التسلل لخرابات منطقة الجمرك ! أو كيف يستطيع عدد قليل من الكوماندوس وعددهم عشرة أفراد من الهيمنة والسيطرة على منشأة حيوية لها دور ستراتيجي في عملية الإنقلابات العسكرية المتوقعة في أية لحظة!! وبما يوفر حماية أمنية وعسكرية لا تستطيع فرقة من عشرة أفراد مهما بلغت مهارتهم التعبوية وقدراتهم الطرزانية التغلب عليها؟ إذن أي مؤامرة؟ وأي هجوم؟ وأي إرهاب؟ وأي تحولات فكرية مفاجئة دفعت تلكم الجماعة للتسلح بالرشاشات الأمريكية والقنابل المحلية الصنع قد دفعتهم للهجوم؟

من الواضح إن ماحصل بالأمس القريب وما حصل قبلها وما سيحصل خلال الأيام القادمة!! ما هو إلا جزء من سيناريو مخابراتي وخيال أمني واسع المدى ومبرمج بطريقة إعلامية ذكية تحاول تخفبف الإدانات الدولية على توحش نظام دمشق وهمجية أجهزة مخابراته ضد أصحاب الرأي الحر من المسالمين والأحرار والمناضلين من أجل عودة سوريه لألقها الحر، وإعادة الأمل للشعب السوري الذي ضاع وتبددت موارده ويعيش كل أحوال الأزمة الدائمة والمستمرة منذ عقود !، نعم هنالك تيارات أصولية معروفة في الواقع السوري، كما أن هنالك جماعات إرهابية تنتظر فرصة تضعضع نظام البعث بالكامل لكي تضرب ضربتها أسوة بما حصل في العراق وتصرفات النظام السوري المعادية لربيع الديمقراطية والتي تحاول إستئصال الأصوات الوطنية الحرة توفر كل المداخل والمقدمات الموضوعية والمجالات الحيوية لتمدد عمل تلكم الخلايا الإرهابية بعد وصول نظام البعث لنهاية الطريق المسدود والذي سيتوج بالإنهيار الحتمي لأن إفلاس البعث وخروجه من قاطرة التاريخ هو الحقيقة المؤكدة مهما بدت الظواهر معاكسة لتلك الحقيقة الخالدة، ونظام البعث السوري عن طريق الإيغال في عرض المخاطر الإرهابية بريد إرسال رسائل واضحة لمن يهمهم الأمر تتلخص في أن نهاية البعث السوري تعني بداية بوابات الجحيم الأصولية وإن (الزرقاوي) السوري يقف على أبواب دمشق؟ وإن (دولة المخابرات) وتكميم الأفواه المتفاهمة تاريخيا وستراتيجيا مع الدول الكواسر هي الحل التطميني الأفضل لمستقبل بعيد عن الإرهاب!!.

والطريف أن النظام السوري وهو يرسل رسائله المفخخة والإستعراضية يتغاضى عن حقيقة الجماعات الإرهابية التي تتلقى الدعم من مخابراته بدءا من جماعات الجهاد السلفية المقاتلة مرورا بعصابات إيران وحزب الله وليس إنتهاءا بعصابات (قيادة قطر العراق) للإرهابي الرفيق (فوزي الراوي) وزمرته من جماعات ما يسمى بالمقاومة العراقية!! وليس أفضل من النظام السوري في لعبة خلط الأوراق، وتصدير الأزمات، ولفت إنتباه الرأي العام !، فالقوة الفاعلة الوحيدة التي يمتلكها النظام تتمثل في أجهزته المخابراتية، فحماية النفس والعرش هو المهم أما حماية البلد والشعب وإسترداد الكرامة وتحرير المحتل من الأرض فتلك آخر خيارات النظام الذي إحترف فبركة السيناريوهات ونقل الأزمات، والتكيف مع الظروف، وإنتظار الحلول القدرية... ولكن الشيء المؤكد إن اللعبة قد إنتهت، وإن فجر الحرية لن تعوق إنطلاقته ألعاب الإرهاب التلفزيوني... سوريه أمام منعطف تاريخي حاسم سيرسم نهاية حتمية لدولة القمع والإرهاب.

[email protected]