الضغوط الأستراليّة الرسميّة على الإمام تاج الدين الهلالي مفتي أستراليا إلى تصاعد مستمرّ سياسيّاً، وما ذلك إلاّ لتكميمه، فلا يعارض التوجّهات الإلحاقيّة لرئيس الوزراء الفيدرالي جون هاورد بالمشروع الأميركي المحافظ والشرس اتجاه العرب وقضاياهم الكثيرة وفي الطليعة منها القضيّة الفلسطينيّة، واتجاه الإيرانيين وحقّهم في امتلاك التكنولوجيا النوويّة السلميّة وحتى العسكريّة ما دامت إسرائيل تمتلكهما معاً، وعلى رغم ذلك قلّما يلتفت بإدانة نحوها أحد، هذا إذا لم نقل أنّها تلقى الإحتضان والتشجيع من عواصم المركز: واشنطن ولندن وباريس.

وآخر الضغوط على الإمام الهلالي دعوة رئيس الوزراء جون هاورد للحكومة الفيدراليّة أن تنظر في موضوع إسقاط الجنسيّة الأستراليّة عن المفتي، وفي حيثيّات هذه الدعوة أن الهلالي قال في حوار مع صحيفة الأستراليان الثالثة انتشاراً في البلاد بعد صحيفتي الدايلي تلغراف والهيرالد اليوميتين أنّه quot;ينتمي إلى أستراليا أكثر من جون هاوردquot; وأنّه quot;لمن العار لزعيم دولة ديمقراطيّة أن يستهدف جماعة دينيّة بعينها وأن يقوم بممارسات ديكتاتوريّة ربّما تشبه ممارسات صدام حسينquot;. وأضاف أنّه quot;يحترم القيم الأستراليّة على نحو يزيد عن هاورد ذاتهquot;.

ولأن ملّة إسرائيل وأميركا واحدة فقد انضمّت بعض الصحف المحليّة إلى جوقة التحريض على الهلالي بتسليط الأضواء إنحرافيّاً على تصريحات له تقول أن الصحف الإيرانيّة نقلتها عن لسانه ومنها دعوته لمسلمي أستراليا إلى quot;نصرة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في سعيها لامتلاك أسباب القوّةquot; وليس من العجب أن ينضم زعيم المعارضة الفيدراليّة كيفن راد إلى المحرّضين على الهلالي وهو المعروف بانحيازه المشؤوم لإسرائيل وعدائه غير الممبرّر لحزب الله فانتصر لخصمه هاورد وأكّد أن ملاحظات الإمام الهلالي لصالح إيران quot;هي في تعارض مع القوانين الأستراليّة التي تكافح الإرهابquot;!! خصوصاً وأن إيران quot;تدعم التنظيم الإرهابي العالمي المسمّى حزب اللهquot;!! ودعا وزير الهجرة فيليب رادوك صاحب السجل غير الحميد اتجاه اللاجئين وحقوق الإنسان لإعادة النظر في مواطنيّة المفتي.

وليس ما سبق إلاّ عيّنه عن ردّ فعل السياسة الأستراليّة اتجاه كلّ من لا يرضخ لأميركا في منطقة الشرق الأوسط .. ويتحدّثون بعد عن الديموقراطيّة ومعارضة الديكتاتوريّة، أو يتحدّثون عن السلام ومكافحة الإرهاب فيما سيف الإعتقال على الشبهة والظنّ، والسجن وإسقاط الجنسيّة والحقوق المدنيّة، والترحيل اعتباطاً، مسلّط على رقبة مَنْ يعارض الإملاءات، ولا يسير في ركاب اغتصاب فلسطين، واحتلال وتدمير العراق، والتآمر على سوريا، والعبث بمصير لبنان.
[email protected]