قبل رحيله، حذر مجددا، من أن laquo;التعددية الثقافيةraquo; ستدمر الولايات المتحدة. وحجته: أن الأعراق المتباينة، التي لم تنصهر في البوتقة الأمريكية، ستحولها في غضون عقود قليلة إلى laquo;أمم متحدةraquo;... فما يخشاه هو صعود العرقية في أمريكا.
هذا الرأي سبق وأن صرح به في كتابه: laquo; من نحن؟raquo; who are we: The Challenges to Americarsquo;s National Identity الصادر بالولايات المتحدة عام 2004. والذي يؤكد فيه على تغيير الهوية داخل الولايات المتحدة نتيجة للانفجار الديموجرافي لأهالي دولة المسكيك، وهو ما يعرف بـ laquo;مكسكةraquo; Mexicanization أمريكا، والتي أفرزت ثقافة ثنائية اللغة - Bilingual education ستتحول مع الأيام إلى نظام سياسي وسلطة ثنائية.
وهو ما يتناقض مع ما قاله قبل سنوات في كتابه laquo;الموجة الثالثةraquo; الذي دعا فيه إلى laquo;التعددية والديمقراطيةraquo;، فالتعددية ndash; حسب تعبيره - جاءت لتبقى في الولايات المتحدة، وانتصارها مؤكدا.
ورغم أنه كان قلقا ومترددا، يغير ويطور أفكاره دائما، وأحيانا ينتقل من النقيض إلي النقيض، فإن قيمة أطروحاته يشكل عام، تكمن أساسًا في أنها ألقت الضوء على أهمية العوامل الثقافية والدينية في العلاقات الدولية، وأن الثقافة ( بالمعني الواسع ) قد تكون سبباً فى التعصب والحروب وليس مقوماً للتسامح والسلام، كما هو شائع.
أشتهر quot; quot;صمويل هنتنجتون S.Huntington، الذي رحل عن عالمنا قبل أيام، بصياغته المدروسة لـ quot;صدام الحضاراتquot; The clash of civilizations ، والتي نشرها عام 1993 فى مجلة (شئون خارجية) Foreign Affairs، و طورها فى كتاب يحمل نفس الإسم فيما بعد.
وقد أقدم هنتنجتون، الخبير السابق فى إدارة quot;ليندون جونسونquot; لمحاربة التمرد فى فيتنام، ومن ثم مدير مؤسسة الدراسات الاستراتيجية فى هارفارد، على نشر دراسته سالفة الذكر، رداً على المنظر المنافس فى وزارة الخارجية الأمريكية، الأمريكى من أصل يابانى quot;فرانسيس فوكوياماquot; صاحب أطروحة quot;نهاية التاريخquot;.
وبالنسبة إلى هنتنجتون، فقد وضعت هزيمة الاتحاد السوفيتى حداً لجميع الخلافات الإيديولوجية لكنها لم تنه التاريخ، كما يردد quot; فوكو ياما quot;. فالثقافة وليست السياسة أو الاقتصاد، هى التى سوف تحكم العالم. والعالم ليس واحداً. الحضارات توحد العالم وتقسمه.. الدم والإيمان، هذا ما يؤمن به الناس ويقاتلون ويموتون من أجلهquot;(1).
والنزاعات بين الحضارات هى المرحلة الأخيرة من النزاعات فى العالم الحديث. ففى العالم الغربى كانت النزاعات، بعد معاهدة quot;ويست فالياquot; عام 1648، قائمة بين الأمراء والملوك والأباطرة. وبعد الثورة الفرنسية عام 1789، وقعت النزاعات بين الأمم. ونشبت فى القرن العشرين بين الايديولوجيات (الشيوعية، والاشتراكية القومية، والديموقراطيات الليبرالية). وكانت الحربان العالميتان ( 191 ndash; 1945 ) حروباً أهلية غربية، وكذلك الحرب الباردة التي انتهت عام 1989. وحلت اليوم المواجهات بين الحضارات. والحضارة هوية ثقافية تحددها عناصر موضوعية (اللغة والدين والتاريخ والعادات.. الخ)، وعامل ذاتى، ألا وهو الهوية التى يقررها الأفراد لأنفسهم.
وخلال تطوره الطويل لم يصبح الإنسان جزءًا من الدولة فقط، بل هو ينتمي قبل كل شيء إلى ثقافة وديانة محددتين، وهنا يكمن المفتاح لأي حل دائم لتعدد الثقافات واختلافها. إن الصفة الكونية للثقافة لا تعبر عن نفسها من خلال البحث عن laquo;المطلقraquo; بل عبر الانفتاح على العالم فإن ثقافتي متواجهة على الدوام مع ثقافة الآخرين، والآخر هو أنا أيضًا، إذ لا توجد laquo;هويةraquo; عمياء تقوم في غياب الآخر.
هذا الرأي سبق وأن صرح به في كتابه: laquo; من نحن؟raquo; who are we: The Challenges to Americarsquo;s National Identity الصادر بالولايات المتحدة عام 2004. والذي يؤكد فيه على تغيير الهوية داخل الولايات المتحدة نتيجة للانفجار الديموجرافي لأهالي دولة المسكيك، وهو ما يعرف بـ laquo;مكسكةraquo; Mexicanization أمريكا، والتي أفرزت ثقافة ثنائية اللغة - Bilingual education ستتحول مع الأيام إلى نظام سياسي وسلطة ثنائية.
وهو ما يتناقض مع ما قاله قبل سنوات في كتابه laquo;الموجة الثالثةraquo; الذي دعا فيه إلى laquo;التعددية والديمقراطيةraquo;، فالتعددية ndash; حسب تعبيره - جاءت لتبقى في الولايات المتحدة، وانتصارها مؤكدا.
هنتنجتون يتخلى عن بوشrlm;!rlm; |
أشتهر quot; quot;صمويل هنتنجتون S.Huntington، الذي رحل عن عالمنا قبل أيام، بصياغته المدروسة لـ quot;صدام الحضاراتquot; The clash of civilizations ، والتي نشرها عام 1993 فى مجلة (شئون خارجية) Foreign Affairs، و طورها فى كتاب يحمل نفس الإسم فيما بعد.
وقد أقدم هنتنجتون، الخبير السابق فى إدارة quot;ليندون جونسونquot; لمحاربة التمرد فى فيتنام، ومن ثم مدير مؤسسة الدراسات الاستراتيجية فى هارفارد، على نشر دراسته سالفة الذكر، رداً على المنظر المنافس فى وزارة الخارجية الأمريكية، الأمريكى من أصل يابانى quot;فرانسيس فوكوياماquot; صاحب أطروحة quot;نهاية التاريخquot;.
وبالنسبة إلى هنتنجتون، فقد وضعت هزيمة الاتحاد السوفيتى حداً لجميع الخلافات الإيديولوجية لكنها لم تنه التاريخ، كما يردد quot; فوكو ياما quot;. فالثقافة وليست السياسة أو الاقتصاد، هى التى سوف تحكم العالم. والعالم ليس واحداً. الحضارات توحد العالم وتقسمه.. الدم والإيمان، هذا ما يؤمن به الناس ويقاتلون ويموتون من أجلهquot;(1).
والنزاعات بين الحضارات هى المرحلة الأخيرة من النزاعات فى العالم الحديث. ففى العالم الغربى كانت النزاعات، بعد معاهدة quot;ويست فالياquot; عام 1648، قائمة بين الأمراء والملوك والأباطرة. وبعد الثورة الفرنسية عام 1789، وقعت النزاعات بين الأمم. ونشبت فى القرن العشرين بين الايديولوجيات (الشيوعية، والاشتراكية القومية، والديموقراطيات الليبرالية). وكانت الحربان العالميتان ( 191 ndash; 1945 ) حروباً أهلية غربية، وكذلك الحرب الباردة التي انتهت عام 1989. وحلت اليوم المواجهات بين الحضارات. والحضارة هوية ثقافية تحددها عناصر موضوعية (اللغة والدين والتاريخ والعادات.. الخ)، وعامل ذاتى، ألا وهو الهوية التى يقررها الأفراد لأنفسهم.
وخلال تطوره الطويل لم يصبح الإنسان جزءًا من الدولة فقط، بل هو ينتمي قبل كل شيء إلى ثقافة وديانة محددتين، وهنا يكمن المفتاح لأي حل دائم لتعدد الثقافات واختلافها. إن الصفة الكونية للثقافة لا تعبر عن نفسها من خلال البحث عن laquo;المطلقraquo; بل عبر الانفتاح على العالم فإن ثقافتي متواجهة على الدوام مع ثقافة الآخرين، والآخر هو أنا أيضًا، إذ لا توجد laquo;هويةraquo; عمياء تقوم في غياب الآخر.
غير أن أخطر ما تطرحه أطروحة هنتنجتون هو: إذا كان السؤال المطروح فى النزاعات الايديولوجية: quot;مع أى جانب تقف؟quot;، ومن ثم كان بوسع الناس اختيار معسكرهم وتعديله، فإنه فى النزاعات بين الحضارات يكون السؤال quot; من أنت ؟ quot;، وعندئذ لا يكون التغيير ممكناً! من هنا رأى البعض أن أطروحة هنتنجتون لم تكن تشخيصاً لواقع بقدر ما كانت تحريضاً لتقزيم الحضارات الأخرى غير الحضارة الغربية ndash; الأمريكية. (2).
وهذه النظرية الغربية (العنصرية جداً) كغيرها من النظريات الفاشية والنازية، ترفض الآخر وتدعو إلى محاربته، ومن ثم تطلق التعصب والعنف من عقاله وتنسف التسامح من أساسه.
فوفقاً لآراء هنتنجتون فإن المحور المركزى للسياسة العالمية فى المستقبل سيكون على الأرجح المواجهة بين العالم الغربى من جهة وبقية العالم من جهة أخرى، وموقف ذلك العالم إزاء قوة الغرب وقيمه.
ولعل سر ذيوع وانتشار أفكار هنتنجتون عن quot; صدام الحضارات quot; منذ العام 1993، رغم كل ما قيل عنها وما سيقال بعد رحيله، هو أن جميع أطراف الصدام أو الصراع، كانت ndash; وما تزال - راغبة فى تصديق هذه النبؤة التى حققت نفسها بنفسها! ولديهاquot; قناعة راسخة quot; بتحقيقها إلي اليوم!
وهذه النظرية الغربية (العنصرية جداً) كغيرها من النظريات الفاشية والنازية، ترفض الآخر وتدعو إلى محاربته، ومن ثم تطلق التعصب والعنف من عقاله وتنسف التسامح من أساسه.
فوفقاً لآراء هنتنجتون فإن المحور المركزى للسياسة العالمية فى المستقبل سيكون على الأرجح المواجهة بين العالم الغربى من جهة وبقية العالم من جهة أخرى، وموقف ذلك العالم إزاء قوة الغرب وقيمه.
ولعل سر ذيوع وانتشار أفكار هنتنجتون عن quot; صدام الحضارات quot; منذ العام 1993، رغم كل ما قيل عنها وما سيقال بعد رحيله، هو أن جميع أطراف الصدام أو الصراع، كانت ndash; وما تزال - راغبة فى تصديق هذه النبؤة التى حققت نفسها بنفسها! ولديهاquot; قناعة راسخة quot; بتحقيقها إلي اليوم!
الهوامش:
1- Samuel Huntington: ldquo;The Clash of Civilizationrdquo;, Foreign Affairs. U.S.A., Summer 1993, p. 22-49.
2- باسكال بونيفاس: إرادة العجز، ترجمة: حليم طوسون، كتاب العالم الثالث، دار العالم الثالث، القاهرة 1996، ص 22، 25.
2- باسكال بونيفاس: إرادة العجز، ترجمة: حليم طوسون، كتاب العالم الثالث، دار العالم الثالث، القاهرة 1996، ص 22، 25.
التعليقات