هل كان من الضروري أن يضحي أهل لبنان في أقل من ثلاثة أيام بأرواح ما يقرب من سبعين قتيلا من أبنائهم، وأقول قتيلا لا شهيدا، لأن للشهادة شروط أخرى يتلاعب بها فقهاء الدين السياسي الذين تحركهم أطماعهم ومآربهم الشخصية والحزبية. وهل كان من الضروري أن تترمل نساء هؤلاء الضحايا، وتتيتم أطفالهم، وتُثكل أمهاتهم، لكي يكتشف الزعماء اللبنانيون أن لا سبيل أمامهم سوى الحوار، لحل الخلافات فيما بينهم؟
وهل كان من الضروري لكي يقتنع ويقبل الزعماء اللبنانيون بالحوار فيما بينهم، أن يعاني الشعب اللبناني خلال ثمانية عشر شهرا كل هذه المعاناة المريرة، وأن يصل الآن إلى حافة الهاوية، لا بل إلى أبواب الجحيم، وأن تتجند كل هذه الآلات الإعلامية، وتحشد كل هذه الطاقات والمهارات لاستنفار الغرائز الدينية، واستحضار الصراعات التاريخية المذهبية، لحقن العروق بالدماء الطائفية السوداء، في مجتمعات يحركها ويسيّرها الجهل والثأر والخرافة، وذوي اللحى والعمامات؟
وهل كان من الضروري إشاعة كل هذا القدر من الخراب والكراهية والرصاص وتخريب وتدمير المراكز والمؤسسات والممتلكات والمتاجر والسيارات، ونشر كل هذا الخوف والرعب والتحسب في نفوس النساء والرجال والشيوخ والأطفال، كي يقتنع الزعماء اللبنانيون، بأن التي أحسن وأسلم هي الوسيلة الفضلى التي تُحل بها المشكلات والخلافات. وأن الحوار، ولا شيء غير الحوار قادر على حل المعضلات بين أبناء الوطن الواحد.
لقد وصل اللبنانيون إلى حالة من التدهور، بحيث أنهم يريدون اتفاقا وحلا بأي ثمن، لأن المأزق اللبناني مأزق قديم العهد. والحروب الأهلية اللبنانية يزيد عمرها على مائة وخمسين عاما. واللبنانيون بالرغم مما خلفته تلك الحروب فيهم من مصائب وويلات، لم يستطيعوا تجنبها والإفلات منها. كما لم يستطيعوا منذ مئة وخمسين عاما حل خلافاتهم، والتفاهم فيما بينهم، وداخل وطنهم، دون وسيط أجنبي. مما يعني أنه لا توجد شخصية أو مجموعة لبنانية حيادية يثق بها اللبنانيون ويحتكمون إليها في الأزمات. ففي كل مرة تنشب فيها الصراعات المسلحة، كان الأمر يتطلب تدخلا خارجيا لإنهاء هذه الخلافات. وقد ظن الجميع أن مؤتمر الطائف سيكون آخرها، لكنهم ها هم يجتمعون الآن في الدوحة.
بالرغم من كل التعليقات والتصريحات المتشائمة التي صدرت عن بعض الأطراف العربية في بداية انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة، للتدارس فيما يمكن عمله بخصوص لبنان. فإن اللجنة الوزارية التي انبثقت عن الجامعة العربية، ما كان لها أن تتشكل، وتتدخل، وتحقق اختراقا في الجدار اللبناني الأصم، فتوقف الصراع المسلح الذي هدد بحرب أهلية لا تبقي ولا تذر، وتفتح الطرقات والمرفأ والمطار، وتعيد الأحوال إلى ما كانت عليه قبل السابع من أيار، وتجمع المتخاصمين حول طاولة واحدة في الدوحة، لولا الرغبة الصادقة للأطراف المتنازعة، ولولا المباركة الضمنية للأطراف العربية المهتمة بالشأن اللبناني، وخاصة سوريا والسعودية، ورغبة جميع الأطراف في تهدئة الوضع الذي أرخى بثقله على العلاقات العربية العربية، والعربية الإيرانية. وهدد بأضرار أفدح مما هي عليه.
كما إن الأطراف الإقليمية، والأمريكية، والأوروبية (بشكل خاص فرنسا) قد باركت هذه اللجنة، وساهمت بشكل من الأشكال في أنجاح مهمتها لوقف هذا النزيف اللبناني. ولا ننسى أن أمريكا وأوروبا قد بقيتا عدة أيام تؤجلان اتخاذ أي قرار في مجلس الأمن، بانتظار ما سيسفر عنه عمل اللجنة الوزارية العربية التي كما يبدو قد تفاهمت أيضا مع أوروبا وأمريكا وإيران على إنهاء هذه الأزمة. كما لا ننسى أن حديث الرئيس بوش في المقابلة التي أجرتها معه قناة العربية، كان بخلاف المعهود عنه حين يتكلم عن حزب الله.
لقد وُفقت الجامعة العربية باختيار قطر رئيسا للجنة الوزارية المكلفة بأزمة لبنان. ووُفقت أيضا في تسمية الدوحة مكانا لمؤتمر المصالحة بين اللبنانيين. فدولة قطر على علاقة جيدة مع كل من سوريا وإيران، وقد طبّعت مؤخرا علاقاتها مع السعودية. كما إنها على علاقة ممتازة مع فرنسا توطدت أكثر بعد تولي الرئيس ساركوزي الذي قيل إنه على صداقة مع وزير الخارجية القطري. كما إن قطر على علاقة طيبة بالولايات المتحدة التي تقيم على أراضيها قاعدة عسكرية كبيرة، إضافة إلى العلاقات المعروفة بين قطر وإسرائيل.
إن ما يأمله الجميع أن تنتهي هذه الأزمة، وتعود المياه إلى مجاريها بين اللبنانيين أولا، وبين الدول العربية ثانيا. فمن مصلحة العرب جميعا المحافظة على استقرار لبنان وتوطيد السلم الأهلي بين أبناءه، لأن أي تخلخل فيه سينعكس سلبا على الدول العربية. والضمانة الأقوى لاستقرار لبنان هم العرب أنفسهم، إضافة لإدراك لبنان حاجة جميع طوائفه، وإقامة علاقات طيبة مع الأشقاء العرب، والأطراف الإقليمية والدولية التي تريد الخير للبنان.
[email protected]
وهل كان من الضروري لكي يقتنع ويقبل الزعماء اللبنانيون بالحوار فيما بينهم، أن يعاني الشعب اللبناني خلال ثمانية عشر شهرا كل هذه المعاناة المريرة، وأن يصل الآن إلى حافة الهاوية، لا بل إلى أبواب الجحيم، وأن تتجند كل هذه الآلات الإعلامية، وتحشد كل هذه الطاقات والمهارات لاستنفار الغرائز الدينية، واستحضار الصراعات التاريخية المذهبية، لحقن العروق بالدماء الطائفية السوداء، في مجتمعات يحركها ويسيّرها الجهل والثأر والخرافة، وذوي اللحى والعمامات؟
وهل كان من الضروري إشاعة كل هذا القدر من الخراب والكراهية والرصاص وتخريب وتدمير المراكز والمؤسسات والممتلكات والمتاجر والسيارات، ونشر كل هذا الخوف والرعب والتحسب في نفوس النساء والرجال والشيوخ والأطفال، كي يقتنع الزعماء اللبنانيون، بأن التي أحسن وأسلم هي الوسيلة الفضلى التي تُحل بها المشكلات والخلافات. وأن الحوار، ولا شيء غير الحوار قادر على حل المعضلات بين أبناء الوطن الواحد.
لقد وصل اللبنانيون إلى حالة من التدهور، بحيث أنهم يريدون اتفاقا وحلا بأي ثمن، لأن المأزق اللبناني مأزق قديم العهد. والحروب الأهلية اللبنانية يزيد عمرها على مائة وخمسين عاما. واللبنانيون بالرغم مما خلفته تلك الحروب فيهم من مصائب وويلات، لم يستطيعوا تجنبها والإفلات منها. كما لم يستطيعوا منذ مئة وخمسين عاما حل خلافاتهم، والتفاهم فيما بينهم، وداخل وطنهم، دون وسيط أجنبي. مما يعني أنه لا توجد شخصية أو مجموعة لبنانية حيادية يثق بها اللبنانيون ويحتكمون إليها في الأزمات. ففي كل مرة تنشب فيها الصراعات المسلحة، كان الأمر يتطلب تدخلا خارجيا لإنهاء هذه الخلافات. وقد ظن الجميع أن مؤتمر الطائف سيكون آخرها، لكنهم ها هم يجتمعون الآن في الدوحة.
بالرغم من كل التعليقات والتصريحات المتشائمة التي صدرت عن بعض الأطراف العربية في بداية انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة، للتدارس فيما يمكن عمله بخصوص لبنان. فإن اللجنة الوزارية التي انبثقت عن الجامعة العربية، ما كان لها أن تتشكل، وتتدخل، وتحقق اختراقا في الجدار اللبناني الأصم، فتوقف الصراع المسلح الذي هدد بحرب أهلية لا تبقي ولا تذر، وتفتح الطرقات والمرفأ والمطار، وتعيد الأحوال إلى ما كانت عليه قبل السابع من أيار، وتجمع المتخاصمين حول طاولة واحدة في الدوحة، لولا الرغبة الصادقة للأطراف المتنازعة، ولولا المباركة الضمنية للأطراف العربية المهتمة بالشأن اللبناني، وخاصة سوريا والسعودية، ورغبة جميع الأطراف في تهدئة الوضع الذي أرخى بثقله على العلاقات العربية العربية، والعربية الإيرانية. وهدد بأضرار أفدح مما هي عليه.
كما إن الأطراف الإقليمية، والأمريكية، والأوروبية (بشكل خاص فرنسا) قد باركت هذه اللجنة، وساهمت بشكل من الأشكال في أنجاح مهمتها لوقف هذا النزيف اللبناني. ولا ننسى أن أمريكا وأوروبا قد بقيتا عدة أيام تؤجلان اتخاذ أي قرار في مجلس الأمن، بانتظار ما سيسفر عنه عمل اللجنة الوزارية العربية التي كما يبدو قد تفاهمت أيضا مع أوروبا وأمريكا وإيران على إنهاء هذه الأزمة. كما لا ننسى أن حديث الرئيس بوش في المقابلة التي أجرتها معه قناة العربية، كان بخلاف المعهود عنه حين يتكلم عن حزب الله.
لقد وُفقت الجامعة العربية باختيار قطر رئيسا للجنة الوزارية المكلفة بأزمة لبنان. ووُفقت أيضا في تسمية الدوحة مكانا لمؤتمر المصالحة بين اللبنانيين. فدولة قطر على علاقة جيدة مع كل من سوريا وإيران، وقد طبّعت مؤخرا علاقاتها مع السعودية. كما إنها على علاقة ممتازة مع فرنسا توطدت أكثر بعد تولي الرئيس ساركوزي الذي قيل إنه على صداقة مع وزير الخارجية القطري. كما إن قطر على علاقة طيبة بالولايات المتحدة التي تقيم على أراضيها قاعدة عسكرية كبيرة، إضافة إلى العلاقات المعروفة بين قطر وإسرائيل.
إن ما يأمله الجميع أن تنتهي هذه الأزمة، وتعود المياه إلى مجاريها بين اللبنانيين أولا، وبين الدول العربية ثانيا. فمن مصلحة العرب جميعا المحافظة على استقرار لبنان وتوطيد السلم الأهلي بين أبناءه، لأن أي تخلخل فيه سينعكس سلبا على الدول العربية. والضمانة الأقوى لاستقرار لبنان هم العرب أنفسهم، إضافة لإدراك لبنان حاجة جميع طوائفه، وإقامة علاقات طيبة مع الأشقاء العرب، والأطراف الإقليمية والدولية التي تريد الخير للبنان.
[email protected]
التعليقات