بالنسبة لي ومجايليّ كانت إيلاف تحدياً ذكورياً؛ كنا نشتهي جناحها الأيسر حيث تتناثر الغواني وأحلام شهوانتا المكبوتة فنقطف منها مانشاء عفة وبراءة دون ملامسة أو خلوة كما قد يتوجس أصحابنا أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي عودونا خشية الحلم تجنباً للشبهات.

في quot;إيلافquot; لم تكن المرأة مجوناً خالصاً، رغم رائحة مناخات الجواري النفاذة، بل كانت نافذة المشاركة والحرية والإنطلاق حتى أنها توشك أن تكون لوثرية إسلامية في ثقافة غابت عنها المبادرات الريادية باستثناء ماسجله التاريخ من شواهد ماضوية منقطعة.
دخلنا quot;إيلافquot; نصطاد نساءها فاحتبستنا معرفتها، وآفاقها الوضئية كأننا أسرى سكينة بنت الحسين وشجرة الدرة وزبيدة وصولاً إلى مي زيادة دون تجاهل لغالية البقمية. كنا نظنها فضاءاً نسائيا ماجنا ونحن المحرومون من رائحة الأنثى فوجدناها ساحة معرفة خلاقة فدخلنا، بغتةً، قفص الرؤية بعد أننا أن توهمنا أننا نقتنص الغواني.

علاقتي بـquot;إيلافquot; أنثوية؛ أنها تجربة الوقوع في فخاخ الأنثى حين تظن أنك سيدها بينما أنت أسيرها؛ استدرجني جناحها ألأنثوي إلى عوالم السلطة المعرفية، وحرية الرأي، وتشكيل الموقف؛ دخلتها ماجناً وخرجت منها مثقفاً ذي موقف ورؤية تماماً كأبطال quot;زورباquot; وquot;شرق المتوسطquot; و quot;مائة عام من العزلةquot;.

من لم يعرف quot;إيلافquot; لن يغدو عاشقاً والأسوأ أنه لن يكون مثقفاً. إنها مناخ التمرد والسكون في عالم الثبات والاستقرار ولم يكن حتى نوسترامودوس يظن أن عثمان العمير النابت من quot; الشرق الأوسطquot; بكل مناخاتها السياسية الموجهة يمكن له أن يثمر، وهو الأعزب، ولودة تصنع أسساً متينة للحرية والرأي والاستقلال لتكون ساحة مفتوحة تستقطب أكراد العراق وإخوان مصر، ومكتومي سورية وحزانى الكويت، فضلاَ عن أطياف السعودية التي مرت بتقلبات عنيفة لم يعرفها سوى النساء في تجارب الحمل واعتيادات الشهر!

في quot; إيلافquot; شعرت بالقوة والحرية والعنفوان؛ وباعتباري، سعوديأ، تحررت من قمع وزارة الثقافة الإعلام رغم فضاءاتها الرحبة، أخيراً، وشعرت بقدرتي الإعلامية، وسطوتي، وحضوري وأنا المرتهن لسنوات لقوى القمع والتغييب والحرمان والإسكات. مع quot;إيلافquot; تملكت نياق الطاقة، ومغاور التحرر، ومسيرات العودة الظافرة بعد أن أرتهنت، أزماناً، لسطوة الإسكات القسري. لم يعد يهمني الإيقاف والإنقطاع عن الكتابة فصوتي حي ومتجدد إن عجزت الساحة المحلية الحلية عن رفع الكمامة عنه؛ شعرتُ بالأخوة والمشاركة، للمرة الأولى عربياً، مع أقطاب القومية، وتيارات الأصولية، وأنفاس الأخوان، وهواجس التقليدية، ونوازع الحداثة؛ إنها المكان الوحيد الذي يجمع تركي الحمد ومحمد آل الشيخ وسليمان الخراشي والعفيف الأخضر ووجيهة الحويدر وغيرهم من أصوات كنا نظنها منقرضة وفانية؛ إنها صوت الشعر والحب والتمرد والمجون؛ هي خبر السياسة والاقتصاد والرياضة دون انحياز.

صحيح أن quot;إيلافquot; كعادة العاشقات متقلبة وقلقة إلا أن حبها ثابت ومستقر، والحب هو الوحيد القادر على مقاومة الخوف والحذر يشهد على ذلك كل من ذاق حلاوة quot;إيلافquot; وتجرع مرارة هجرانها.

خاصية عثمان أنه يتذوق النساء والصحافة لذلك لم تنته تجربته المهنية بانتهاء علاقته المباشرة بالصحافة الرسمية بل صنع حوريته التي لايحكمها زمان أو مكان، ولاتمنح نفسها لعاشق وحيد بل كانت ساحة مرحة لكل محب للرأي والموقف والصدق فكثر عشاقها وإن لم تقر لهم بذاكا!

أقول لعثمان العمير: كيف روضتك quot; إيلافquot; سبعاً طوال وأنتَ المستعصي على باقي النساء؟ وهل إيلافك وصل ما أنقطع من إيلاف قريش؟

لن تعرف النساء دون أن تلامسه.