خبر عظيم يهم الجماهير العربية الخفيرة المعنية بحقوق الإنسان، والتي تشجب وتندد بممارسات العدو الإسرائيلي ومذابحة البشعة التي يرتكبها في حق الشعب الفلسطيني الأعزل.
بشرى للفضائيات التي لا هم لها إلا مطاردتنا بصور لا إنسانية لأطفال ونساء قتلتهم وجرحتهم وشردتهم آلهة الحرب الجهنمية الإسرائيلية.
بشرى لجماعة الإخوان المسلمين المعنية بالثأر لدماء المسلمين، المهدرة في أي مكان على سطح المعمورة.
بشرى لجماعات الحقوقيين الذين يبحثون كيفية محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام العدالة الدولية.
لكل هؤلاء الملائكة والأشاوس الغيورين على الإنسانية، وبالتحديد فيما يتعلق بدماء المسلمين، فهي وحدها الدماء ذات القيمة، وغيرها دماء خسيسة مهدرة أساساً، ولا قيمة لها في معايير واهتمامات هؤلاء الأشاوس والمجاهدين، بل ويعتبر سفكها قرباناً وتضحية نصل بها إلى الجنة.. إلى كل هؤلاء أزف لهم هذا الخبر السار، الذي قد لا يلقى ما يستحقه من اهتمام، في هوجة حرق الأعلام واقتحام سفارات الدول العميلة مثل مصر، التي يضع قادتها أيديهم في أيدي قادة إسرائيل الملوثة بدماء العرب والمسلمين:
quot;الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية انتهت إلى الأخذ بمذكرة الادعاء التى قدمها المدعى العام للمحكمة، لويس مورينو أوكامبو، بشأن اعتقال الرئيس السودانى عمر البشير، بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى دارفور، وأصدرت قراراً فعلياً باعتقاله. الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية انتهت إلى الأخذ بمذكرة الادعاء التى قدمها المدعى العام للمحكمة، لويس مورينو أوكامبو، بشأن اعتقال الرئيس السودانى عمر البشير، بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى دارفور، وأصدرت قراراً فعلياً باعتقاله.quot;
ها هو متهم بسفك دماء شعبه من المسلمين السنة، تمتد إليه يد العدالة، لتحاسبه عن مدى مسئوليته عما ارتكب في حق الآلاف من الأبرياء، والذين اهتز لمأساتهم ضمير العالم كله، فيما عدا بالطبع الضميرالعربي، الذي لا يتحرك إلا في ظروف خاصة، وبناء على تحريضات معينة محددة.
فهل يا ترى سنرى مظاهرات في مختلف المدن والعواصم العربية والإسلامية، تحيي العدالة الدولية، وتطالب بتسليم المتهم إلى العدالة في أسرع وقت، ليتلقى ما يستحق من عقاب على ما قد يكون جناه في حق شعبه، المفترض أن يسهر على رعايته وحمايته؟
أم أننا سوف نشهد العكس، بعد انتهاء طوفان عواطفنا الإنسانية تجاه أولادنا وإخواننا في غزة، والذين تفرق دمهم بين القبائل الإسرائيلية والحمساوية، وسنرى زبانية فضائيات الإرهاب وهم يستديرون مائة وثمانين درجة، ويتركوا نغمة الدفاع عن حقوق الإنسان، وعن دماء المسلمين (مرة ثانية السنَّة)، ليدافعوا عن المتهم بارتكاب هذه الجرائم، بل ومن المتوقع كما سبق وقيل، القول أن اتهام البشير هو جزء من المؤامرة العالمية على العرب والمسلمين؟
السؤال الجوهري والمحير هنا هو بالتحديد:
هل ما تشهده المنطقة، بل والعالم من غضبة وهبة عارمة، خلفها المشاعر الإنسانية ومحبة الشعب الفلسطيني؟
لو كانت الإجابة بنعم، فإنه لابد وأن يترتب عليها أن ينسحب ذلك على أهل دارفور، الذين تعتبر مصيبتهم مركبة، فمن يستهدف الفلسطينيين هو العدو الصهيوني والأمريكي، بحسب ما تقول أدبياتنا، لكن من يستهدف دارفور هو المسئول عن حكم هذا الشعب ورعايته، وهنا تكون مهمة الشعوب العربية ولوعتها مضاعفة، لأننا من نفعل ذلك بأنفسنا.. بتوجيه من حكامنا، وبأيادي أبنائنا وجيوشنا، المفترض فيها حمايتنا، وليس قتلنا وتشريدنا.
أما إذا لم يكن رد فعلنا على قرار إلقاء القبض على عمر البشير إيجابياً على غرار ما سبق، بل وجاء سلبياً، على ذات نهج الشجب والتنديد بالمؤامرة العالمية علينا وعلى حكامنا الأشاوس، فإن هذا يستدعي عودة إلى الخلف قليلاً، لنجيب على التساؤل عن دافع الغضب العارم الآن من أجل غزة وأهلها، إجابة أخرى، غير حب الشعب الفلسطيني، والانتخاء لرابطة العقيدة والدم، علاوة على ما نراه انتهاكاً للقيم الإنسانية.
هنا يمكن أن يقع المراقب في quot;حيص بيصquot; كما يقولون، فهذا التناقض قد يبدو وكأنه نوع من الانفصام في الشخصية، تارة نكون إنسانيين جداً، أو حتى غيورين على دمائنا جداً، وتارة أخرى نضرب بالإنسانية عرض الحائط، ونصفق ونتهتف بحياة جلادينا وجزارينا.. لكن ربما يحق لنا أن نخرج باستنتاج آخر، هو أن صفوتنا التي تحرك الجماهير، ومعها ولابد قطاع لا بأس به من القاعدة الشعبية، لا يحركها الحب، وإنما تحركها الكراهية للآخر، إذا كان من يقوم بالمذابح والانتهاكات يمكن أن يعد في عداد الآخر، الصهيوني أو النصراني مثلاً، أما إذا كان من يقوم بالمذابح ضد الأكراد والشيعة في العراق، ثم في الكويت ضد مواطنيها ودولتها مثلاً، هو بطلنا وقائد الأمة العربية الملهم صدام حسين، فإننا لا نلتفت إلى ما يرتكب من جرائم، ونهب فقط إذا ما جاء الآخر ليخلصنا من بين أنيابه، هنا تقوم القيامة، لأن هناك من فكر أن يدوس أو يقطع ذيل أو رأس الذئب العربي الذي يلغ في دمائنا.
جماعة الإخوان المسلمين مثلاً، والتي تحشد الآن الآلاف في مختلف المدن المصرية، وتجمع التبرعات من أجل أهل غزة (الذين يستحقون منا بالفعل كل مساندة ودعم)، لم تحرك ساكناً والجماعة الإسلامية والجهاد يشيعون الإرهاب في مصر، ويقتلون أبناءها وجنود وضباط أمنها، بالإضافة إلى استهداف الأقباط والأجانب بالتحديد، لم نراهم ينتخون ويغضبون وينددون بسفك الدماء المصرية تحت دعاوى دينية، من المفترض أن تكون جماعة الإخوان المسلمين غيورة عليها، وأن تحارب أي توظيف مسيء لها.
لم نر جماعة الإخوان تحشد الحشود لجمع تبرعات لعائلات الأقباط الذين طالهم الإرهاب المتأسلم، ولا تبرعات لمساعدة عائلات الجنود وضباط الأمن الذين اغتالهم الإرهاب في ريعان شبابهم، وخلف كل منهم أسرة تحتاج إلى راع، وإلى ما يقيم حياتها.
لم نسمع منهم فتوى تدين أسامة بن لادن والظاهري وأمثالهم بصراحة ووضوح، على الأقل لتبرئ المسلمين من جرائم هؤلاء، وتكون بمثابة إشارة حمراء لمن ينخدعون بفكر القاعدة من الشباب الغض المتحمس.
أرسل لي صديق عزيز مقالاً لسيدة إسرائيلية، تدين بشدة انتهاكات إسرائيل للإنسانية في غزة، ووجدت المقال بالفعل رائعاً وفاضحاً لما ترتكبه إسرائيل من مجازر.. لكنني بعد أن فرغت من قراءة المقال، وجدتني أتساءل، لماذا لا يظهر من بيننا من يفعل نفس الشيء، من نقد ذاتي، فندين على الأقل ما نرتكب من مجازر في حق بعضنا البعض في كل أنحاء العالم المسمى بالعربي، وندين أيضاً ما يرتكبه الإرهابيون من أبنائنا من استهداف المدنيين الإسرائيليين، أم أننا نفعل نفس الشيء فقط بإدانة إسرائيل، ونسعد بمن يفعل نفس الشيء من الإسرائيليين، لكننا لا نجرؤ أو حتى نفكر في نقد أنفسنا، وتقييم توجهاتنا وقيمنا ومعاييرنا الإنسانية؟
ورغم أن الأفكار والمحيط الآن بائس ومأساوي، إلا أنني تذكرت النكتة الشهيرة، التي تحكي عن مواطن أمريكي يتفاخر على آخر روسي، بأنه يستطيع أن يقف أمام البيت الأبيض، ويلعن الرئيس الأمريكي، فرد عليه المواطن الروسي، بأنه أيضاً يستطيع أن يقف أمام الكرملين، ويلعن الرئيس الأمريكي!!
[email protected]
بشرى للفضائيات التي لا هم لها إلا مطاردتنا بصور لا إنسانية لأطفال ونساء قتلتهم وجرحتهم وشردتهم آلهة الحرب الجهنمية الإسرائيلية.
بشرى لجماعة الإخوان المسلمين المعنية بالثأر لدماء المسلمين، المهدرة في أي مكان على سطح المعمورة.
بشرى لجماعات الحقوقيين الذين يبحثون كيفية محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام العدالة الدولية.
لكل هؤلاء الملائكة والأشاوس الغيورين على الإنسانية، وبالتحديد فيما يتعلق بدماء المسلمين، فهي وحدها الدماء ذات القيمة، وغيرها دماء خسيسة مهدرة أساساً، ولا قيمة لها في معايير واهتمامات هؤلاء الأشاوس والمجاهدين، بل ويعتبر سفكها قرباناً وتضحية نصل بها إلى الجنة.. إلى كل هؤلاء أزف لهم هذا الخبر السار، الذي قد لا يلقى ما يستحقه من اهتمام، في هوجة حرق الأعلام واقتحام سفارات الدول العميلة مثل مصر، التي يضع قادتها أيديهم في أيدي قادة إسرائيل الملوثة بدماء العرب والمسلمين:
quot;الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية انتهت إلى الأخذ بمذكرة الادعاء التى قدمها المدعى العام للمحكمة، لويس مورينو أوكامبو، بشأن اعتقال الرئيس السودانى عمر البشير، بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى دارفور، وأصدرت قراراً فعلياً باعتقاله. الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية انتهت إلى الأخذ بمذكرة الادعاء التى قدمها المدعى العام للمحكمة، لويس مورينو أوكامبو، بشأن اعتقال الرئيس السودانى عمر البشير، بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى دارفور، وأصدرت قراراً فعلياً باعتقاله.quot;
ها هو متهم بسفك دماء شعبه من المسلمين السنة، تمتد إليه يد العدالة، لتحاسبه عن مدى مسئوليته عما ارتكب في حق الآلاف من الأبرياء، والذين اهتز لمأساتهم ضمير العالم كله، فيما عدا بالطبع الضميرالعربي، الذي لا يتحرك إلا في ظروف خاصة، وبناء على تحريضات معينة محددة.
فهل يا ترى سنرى مظاهرات في مختلف المدن والعواصم العربية والإسلامية، تحيي العدالة الدولية، وتطالب بتسليم المتهم إلى العدالة في أسرع وقت، ليتلقى ما يستحق من عقاب على ما قد يكون جناه في حق شعبه، المفترض أن يسهر على رعايته وحمايته؟
أم أننا سوف نشهد العكس، بعد انتهاء طوفان عواطفنا الإنسانية تجاه أولادنا وإخواننا في غزة، والذين تفرق دمهم بين القبائل الإسرائيلية والحمساوية، وسنرى زبانية فضائيات الإرهاب وهم يستديرون مائة وثمانين درجة، ويتركوا نغمة الدفاع عن حقوق الإنسان، وعن دماء المسلمين (مرة ثانية السنَّة)، ليدافعوا عن المتهم بارتكاب هذه الجرائم، بل ومن المتوقع كما سبق وقيل، القول أن اتهام البشير هو جزء من المؤامرة العالمية على العرب والمسلمين؟
السؤال الجوهري والمحير هنا هو بالتحديد:
هل ما تشهده المنطقة، بل والعالم من غضبة وهبة عارمة، خلفها المشاعر الإنسانية ومحبة الشعب الفلسطيني؟
لو كانت الإجابة بنعم، فإنه لابد وأن يترتب عليها أن ينسحب ذلك على أهل دارفور، الذين تعتبر مصيبتهم مركبة، فمن يستهدف الفلسطينيين هو العدو الصهيوني والأمريكي، بحسب ما تقول أدبياتنا، لكن من يستهدف دارفور هو المسئول عن حكم هذا الشعب ورعايته، وهنا تكون مهمة الشعوب العربية ولوعتها مضاعفة، لأننا من نفعل ذلك بأنفسنا.. بتوجيه من حكامنا، وبأيادي أبنائنا وجيوشنا، المفترض فيها حمايتنا، وليس قتلنا وتشريدنا.
أما إذا لم يكن رد فعلنا على قرار إلقاء القبض على عمر البشير إيجابياً على غرار ما سبق، بل وجاء سلبياً، على ذات نهج الشجب والتنديد بالمؤامرة العالمية علينا وعلى حكامنا الأشاوس، فإن هذا يستدعي عودة إلى الخلف قليلاً، لنجيب على التساؤل عن دافع الغضب العارم الآن من أجل غزة وأهلها، إجابة أخرى، غير حب الشعب الفلسطيني، والانتخاء لرابطة العقيدة والدم، علاوة على ما نراه انتهاكاً للقيم الإنسانية.
هنا يمكن أن يقع المراقب في quot;حيص بيصquot; كما يقولون، فهذا التناقض قد يبدو وكأنه نوع من الانفصام في الشخصية، تارة نكون إنسانيين جداً، أو حتى غيورين على دمائنا جداً، وتارة أخرى نضرب بالإنسانية عرض الحائط، ونصفق ونتهتف بحياة جلادينا وجزارينا.. لكن ربما يحق لنا أن نخرج باستنتاج آخر، هو أن صفوتنا التي تحرك الجماهير، ومعها ولابد قطاع لا بأس به من القاعدة الشعبية، لا يحركها الحب، وإنما تحركها الكراهية للآخر، إذا كان من يقوم بالمذابح والانتهاكات يمكن أن يعد في عداد الآخر، الصهيوني أو النصراني مثلاً، أما إذا كان من يقوم بالمذابح ضد الأكراد والشيعة في العراق، ثم في الكويت ضد مواطنيها ودولتها مثلاً، هو بطلنا وقائد الأمة العربية الملهم صدام حسين، فإننا لا نلتفت إلى ما يرتكب من جرائم، ونهب فقط إذا ما جاء الآخر ليخلصنا من بين أنيابه، هنا تقوم القيامة، لأن هناك من فكر أن يدوس أو يقطع ذيل أو رأس الذئب العربي الذي يلغ في دمائنا.
جماعة الإخوان المسلمين مثلاً، والتي تحشد الآن الآلاف في مختلف المدن المصرية، وتجمع التبرعات من أجل أهل غزة (الذين يستحقون منا بالفعل كل مساندة ودعم)، لم تحرك ساكناً والجماعة الإسلامية والجهاد يشيعون الإرهاب في مصر، ويقتلون أبناءها وجنود وضباط أمنها، بالإضافة إلى استهداف الأقباط والأجانب بالتحديد، لم نراهم ينتخون ويغضبون وينددون بسفك الدماء المصرية تحت دعاوى دينية، من المفترض أن تكون جماعة الإخوان المسلمين غيورة عليها، وأن تحارب أي توظيف مسيء لها.
لم نر جماعة الإخوان تحشد الحشود لجمع تبرعات لعائلات الأقباط الذين طالهم الإرهاب المتأسلم، ولا تبرعات لمساعدة عائلات الجنود وضباط الأمن الذين اغتالهم الإرهاب في ريعان شبابهم، وخلف كل منهم أسرة تحتاج إلى راع، وإلى ما يقيم حياتها.
لم نسمع منهم فتوى تدين أسامة بن لادن والظاهري وأمثالهم بصراحة ووضوح، على الأقل لتبرئ المسلمين من جرائم هؤلاء، وتكون بمثابة إشارة حمراء لمن ينخدعون بفكر القاعدة من الشباب الغض المتحمس.
أرسل لي صديق عزيز مقالاً لسيدة إسرائيلية، تدين بشدة انتهاكات إسرائيل للإنسانية في غزة، ووجدت المقال بالفعل رائعاً وفاضحاً لما ترتكبه إسرائيل من مجازر.. لكنني بعد أن فرغت من قراءة المقال، وجدتني أتساءل، لماذا لا يظهر من بيننا من يفعل نفس الشيء، من نقد ذاتي، فندين على الأقل ما نرتكب من مجازر في حق بعضنا البعض في كل أنحاء العالم المسمى بالعربي، وندين أيضاً ما يرتكبه الإرهابيون من أبنائنا من استهداف المدنيين الإسرائيليين، أم أننا نفعل نفس الشيء فقط بإدانة إسرائيل، ونسعد بمن يفعل نفس الشيء من الإسرائيليين، لكننا لا نجرؤ أو حتى نفكر في نقد أنفسنا، وتقييم توجهاتنا وقيمنا ومعاييرنا الإنسانية؟
ورغم أن الأفكار والمحيط الآن بائس ومأساوي، إلا أنني تذكرت النكتة الشهيرة، التي تحكي عن مواطن أمريكي يتفاخر على آخر روسي، بأنه يستطيع أن يقف أمام البيت الأبيض، ويلعن الرئيس الأمريكي، فرد عليه المواطن الروسي، بأنه أيضاً يستطيع أن يقف أمام الكرملين، ويلعن الرئيس الأمريكي!!
[email protected]
التعليقات