بالأمس كانت ليلة استثنائية للسعوديين تسمرت العائلات ومعهم المقيمين والوافدين واسرهم امام شاشات التلفزيون المحلية، لمتابعة نتائج التصويت للمدينة الفائزة بتنظيم معرض اكسبو 2030

مع ان أمس كان الثلاثاء، وفي منتصف الأسبوع، الا ان الحدث والمنافسة بين المدن الثلاثة روما الإيطالية وبوسان من كوريا الجنوبية وأخيرا الرياض من السعودية، فرضت على الاسر نمطا جديدا من اللقاءات الاجتماعية الطارئة. وجهزت العديد من الجهات أماكن تجمع مع وضع شاشات تبث من موقع الحدث في باريس النتائج الأولية للتصويت، وغطت قناة الإخبارية عبر مراسليها من مختلف أماكن تواجد الناس ومن باريس من داخل قاعة الاجتماع.

الحقيقة ان الحدث يستحق كل هذا الاهتمام والمتابعة، وأيضا التعليق والتحليل.

وضجت الساحات والأماكن التي يجتمع فيها الناس بالتصفيق والصفير، وقفزة الفرح، حينما أظهرت شاشات التلفزيون نتائج التصويت، حبس السعوديون انفاسهم حينما ظهرت نتيجة التصويت على مدينة روما 17 صوت، واقترب الناس اكثر امام الشاشة لمعرفة بقية نتائج التصويت، لحظات وتبث الشاشة الرقم 29 نتيجة التصويت لمدينة بوسان الكورية، هنا تسمر السعوديون وكلهم خشية ان يكون التصويت القادم قريب من الأرقام التي أعلنت، مما يرجح كفة إعادة الجولة والدخول من جديد للتصويت، الا ان المفاجأة التي حدثت، لم يتوقعها السعوديون، فقد حصت 119 صوتا كاسحة برصيد هائل من الأصوات.

ومع لقطة قفزة الفريق السعودي في باريس الذي يمثل السعودية في اجتماعات هيئة المعارض الدولية، الذي كان يراقب نتيجة التصويت من داخل غرفة في مركز هيئة المعارض، اعلت الاهازيج وعمت الفرحة في كل مكان.

يتساءل الكثيرون في الخارج وفي دول أخرى، لماذا يفرح السعوديون كل هذا الفرح بتنظيم معرض اكسبو 2030، نعم من حقهم ان يتساءلوا، الا انهم لا يعرفون قيمة هذا الإنجاز وهذا الجهد، سبق معرض اكسبو، العديد من الإنجازات المحلية والعالمية مثل الفورمولا1 وبطولات أوروبية ولقاءات لفرق عالمية، ومؤتمرات إقليمية وعالمية للعديد من الاحداث من قمة عربية وافريقية وإسلامية واجتماعات مصالحات، ورفع قيمة دوري كرة القدم للمحترفين الذي وصل الى مليار دولار وليدخل ضمن قائمة اعلى 10 دوريات قيمة في العالم، ويلعب على ملاعبه لاعبون عالميون لمن لهم تأثر كبير على الحركة الرياضية واستقطاب الجماهير المحلية والعالمية، وكزان موسم الرياض احد اهم العوامل الرئيسية في تغيير الصورة الذهنية عن السعودية لدى العالم من خلال برامجها الترفيهية والثقافية وفعالياتها المختلفةـ وبلغ عدد سياحها من الخارج عام 2022 نحو 30 مليون سائح اما سياحها من الداخل بلغ 11 مليون سائح وانفق هؤلاء جميعهم 135 مليار ريال، وحتى موعد معرض اكسبو2030 سيصل عدد السياح الدوليين والمحليين الى 100 مليون، وتقدمت السعودية بهذا الإنجاز الى المركز 13 في ترتيب الدول الأكثر استقبالا للسياح الدوليين.

الى جانب جهودها في اعداد الملف الخاص بتنظيم المعرض فقد عملت الدبلوماسية جهدا ملحوظا لكسب ثقة اصدقاءها من الدول، مع تقديم عروض مقنعة لفعاليات المعرض، وثقتها في برامجها التي ستقدمها في معرض اكسبو.

يقال ان طفلين شقيقين قررا ان يقوما بجولة الى المستقبل لاستكشاف أشياء جديدة واكتشاف ثقافات جديدة. كان لديهم حلم بزيارة معرض إكسبو 2030، الحدث الأكبر في العالم الذي يعرض أحدث الإنجازات والابتكارات في مختلف المجالات. لقد كانوا سعداء للغاية عندما سمعوا أن بلدهم، المملكة العربية السعودية، قد فازت باستضافة معرض إكسبو 2030 في العاصمة الرياض. لقد أرادوا أن يروا كيف ستتحول بلادهم إلى وجهة عالمية للأعمال والاستثمار والسياحة والثقافة والابتكار.

قرروا توفير أموالهم وشراء تذكرة لحضور معرض إكسبو 2030، الذي سيبدأ في 1 أكتوبر 2030 ويستمر لمدة ستة أشهر. كما أقنعوا والديهم بالسماح لهم بالذهاب معًا، لأنهم أرادوا خوض مغامرتهم الخاصة. حزموا حقائبهم وأخذوا جوازات سفرهم واستقلوا القطار إلى الرياض.

ووصلوا إلى محطة قطار الرياض التي كانت متصلة بموقع المعرض عبر خط مترو. لقد اندهشوا من نظام النقل الحديث والفعال، مما جعل رحلتهم سهلة ومريحة. نزلوا في محطة إكسبو، وساروا باتجاه مدخل موقع إكسبو.

لقد رأوا لافتة ضخمة كتب عليها "مرحبًا بكم في إكسبو 2030: معًا نتصور المستقبل". لقد شعروا بموجة من الإثارة والفضول عندما دخلوا الموقع. ورأوا خريطة توضح الأقسام الأربعة الرئيسية للموقع: البوابة، والمركز، والمنطقة الدولية، والمنطقة الوطنية. قرروا البدء بالبوابة، التي كانت المدخل الرئيسي ومنطقة الاستقبال.

وساروا عبر نفق مستقبلي، عرض فيه محتوى تفاعلي ووقفوا حول شعار إكسبو 2030 ومحاوره الفرعية. وكان الموضوع "عصر التغيير: التحرك بكوكبنا نحو تصور المستقبل"، والمواضيع الفرعية "مستقبل أفضل" غداً، العمل المناخي والرخاء للجميع”. وتعرفوا على رؤية وطموح المملكة العربية السعودية والعالم، والتحديات والفرص التي واجهتهم في ظل التغيرات السريعة والعميقة.

وصلوا إلى نهاية النفق، ودخلوا المركز، الذي كان قلب وروح إكسبو 2030. ورأوا هيكلًا رائعًا، وهو الجناح السعودي. وقد تم تصميمه على شكل واحة وحديقة عملاقة، ويعكس هوية وتاريخ وثقافة ورؤية المملكة العربية السعودية. دخلوا الجناح، وكان في استقبالهم الموظفون الودودون والمتعاونون، الذين أرشدوهم خلال المعروضات والأنشطة. وشاهدوا إنجازات ومشاريع ومبادرات المملكة العربية السعودية، وكيف ساهمت في تنمية وتنويع وتحول الاقتصاد والمجتمع والبيئة. كما رأوا تطلعات وأحلام ومواهب السعوديين، وخاصة الشباب والنساء، وكيف يقودون مستقبل البلاد والعالم.

غادروا الجناح، وتوجهوا إلى المنطقة الدولية، وهي القسم الأكبر والأكثر تنوعاً في الموقع. واحتوى على أكثر من 200 جناح يمثلون الدول والمنظمات الدولية والشركات والمنظمات غير الحكومية والجامعات ورواد الأعمال والفنانين والمبتكرين. وأذهلهم تنوع وثراء الأجنحة التي عرضت ثقافات وتقاليد وقيم وإنجازات وابتكارات وحلول المشاركين. وقاموا بزيارة أكبر عدد ممكن من الأجنحة، وتفاعلوا مع الناس والمعارض والأنشطة. وتعرفوا على وجهات النظر والأساليب المختلفة وأوجه التعاون والشراكات التي قام بها المشاركون، وكيف كانوا يعملون معًا لمواجهة التحديات العالمية وخلق مستقبل أفضل لكوكب الأرض والإنسانية.

وصلوا إلى المنطقة الوطنية، وهي القسم الأكثر حيوية في الموقع. واحتوى على عدد من الأجنحة التي تمثل مناطق ومدن ومجتمعات وقطاعات وصناعات المملكة العربية السعودية. وقد أعجبوا بتنوع وديناميكية الأجنحة التي عرضت الخصائص والإمكانات والفرص والإنجازات المحلية والإقليمية والوطنية للسعودية. وقاموا بزيارة الأجنحة واستمتعوا بالفعاليات والبرامج والعروض والمهرجانات والمسابقات والألعاب التي قدمتها. لقد اختبروا الثقافة والفن والترفيه والرياضة والتعليم والصحة والسياحة والتجارة والتكنولوجيا والابتكار في المملكة العربية السعودية.

اصابتهم الدهشة، واتجهوا إلى مخرج موقع المعرض. ونظروا إلى ساعتهم، وأدركوا أنهم قضوا اليوم كله في إكسبو 2030. وشعروا بمزيج من مشاعر السعادة والرضا والامتنان والرهبة والإلهام والأمل. لقد رأوا وتعلموا واختبروا واستمتعوا كثيرًا، وقد التقوا وتفاعلوا وتواصلوا وتعاونوا مع الكثير من الأشخاص. لقد شهدوا التحول والريادة والتميز والابتكار ورؤية المملكة العربية السعودية والعالم. لقد تصوروا المستقبل، وكانوا جزءا منه.

وقالوا لبعضهم البعض: كان هذا أفضل يوم في حياتنا. شكرًا إكسبو 2030. شكرًا للمملكة العربية السعودية. شكرا لك أيها العالم، الجيل الناشئ والشباب محظوظ لأنه شاهد على التغيير والانتقال الى المرحلة الأخرى من تاريخ السعودية.