هل تعيين يحيى السنوار خلفًا لإسماعيل هنية سيغير من المسار القومي المصري الداعم للحقوق الفلسطينية، أم سيعزز مسار السلام، وبما يؤكد حرص مصر والقيادة الفلسطينية على تحقيق سلام عادل يضمن حقوق الشعبين في الحرية والأمن، وذلك بالاستناد إلى المبادرة السعودية بشكل كامل؟

على مدى السنوات الماضية، ومع انشغال القيادة المصرية بمشاكلها الاقتصادية الداخلية وكيفية التعامل مع طوفان المهاجرين العرب، سواء من أصحاب رؤوس الأموال أم من المهجرين قسراً، بدءًا من العراق، ثم سوريا، تلاها السودان والفلسطينيون مؤخرًا، كانت مصر تواجه تحديات كبيرة.

في تلك السنوات، وفي مفارقة سياسية نادرة، وبرغم انحياز دولة قطر للتيار الإسلامي، قامت الدوحة بدور الوسيط بين إسرائيل وحماس، وبعلم الولايات المتحدة. كما قدمت قطر جميع أشكال المعونات الاقتصادية للفلسطينيين، وهو الأمر الذي تباهى به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست. وقد ساهمت تلك المعونات، بعلمه، في تضخم قوة حماس واستخدامها لأغراض أخرى، بما يؤكد علم الجانبين بالنوايا المبيتة للطرف الآخر.

ومع اندلاع حرب تشرين الأول (أكتوبر)، بدأت نذر حرب غير دبلوماسية تدور رحاها بين الأطراف الثلاثة: حماس، إسرائيل، وقطر. حماس التي لم تتوقع مستوى شراسة الرد الإسرائيلي على الهجوم على غلاف غزة، والنية الإسرائيلية المبيتة الرامية إلى التخلص من حماس والفلسطينيين والتوسع في غزة، وقطر التي وجدت نفسها في موقف حرج بعد استهداف قائد التفاوض هنية وإهانة النظام الإيراني باغتياله في وسط العاصمة الإيرانية، وكلها مؤشرات على نية رئيس الوزراء الإسرائيلي إنهاء المفاوضات من طرف واحد، رغم الحرب المُكلفة على اقتصاد الدولة وتزايد أعداد الهجرة المعاكسة، والخطر الوجودي الذي يواجه الدولة الصهيونية، والتضحية بالرهائن، وفقدان البوصلة الأخلاقية للدولة.

إقرأ أيضاً: الحكومة البريطانية وحرب غزة

ولكن تبقى المفاجأة التي لم تتوقعها إسرائيل في تعيين السنوار خلفاً لهنية. ويبرز هنا السؤال: ماذا بعد؟ إنَّ الحل الوحيد للعرب، وللفلسطينيين تحديدًا، هو التمسك بمبادرة السلام السعودية، والتحالف بين الدبلوماسية المصرية والسعودية.

نقطة البداية هي تأكيد القيادة الفلسطينية الجديدة أنَّ الهدف الأول والأخير ليس تهديد الأمن المصري، الذي يعاني من محاولات عودة الإسلام السياسي، وتطمين الحكومة المصرية على أمنها الداخلي وعدم حمل أي أجندات تخدم دولًا أخرى. الهدف هو تحرير الإنسان الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة من الاحتلال، وليس بناء أي شكل من أشكال الدولة الدينية، التي أصبحت "بعبعًا" يخشاه العالم الغربي ويرفضه.

إقرأ أيضاً: نحو سلام ممكن

استخدام الدبلوماسية المصرية لخبرتها التي حصلتها من تجاربها السابقة في المفاوضات، وقدرتها على التعامل مع العقلية الشعبية الإسرائيلية الجديدة التي كشفت الغطاء عن كذبة الصهيونية وتُنادي بالسلام وحقوق الفلسطينيين، يعزز ثقل الدور المصري في العالم الغربي واحترامها توقيع معاهدة السلام. واستمرار هذه المعاهدة يؤكد نوايا مصر الصادقة للسلام دوليًا، بما يستقطب المساندة والدعم.

كما أن استخدام الثقل السعودي، الذي أصبح نجم الكرامة الصاعد للدول العربية، في تنسيق كامل بين الحكومتين، يساهم في إقناع الحكومات الغربية بحق الشعوب الديمقراطي في إنهاء الحرب ودعم الحق الفلسطيني في الأمن من خلال إنهاء الحرب فورًا، وإخلاء سبيل الرهائن مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، خاصة الأطفال منهم.