تختلف الآراء حول الأعمال الدرامية العربية في المجتمع الإماراتي بسبب تعدد الجاليات، وتحيز البعض لما تنتجه بلاده من أعمال فنية، أبرزها المصرية والسورية والخليجية، ليبقى عدد أفراد الجالية مرجحاً التفوق في مشاهدة عمل فني على آخر حسب رأي بعض من قابلتهم quot;إيلافquot;.


دبي:كون الجالية المصرية هي الأكبر عربياً داخل الإمارات، تستحوذ مشاهدة الأعمال التلفزيونية مثل quot;رقم مجهولquot; وquot;شمس الأنصاريquot; وquot;سيدنا السيدquot; وquot;الزوجة الرابعةquot; وquot;خطوط حمراءquot; وquot;سر علنيquot; وquot;الهروبquot; وquot;الخواجة عبدالقادرquot; وquot;باب الخلقquot;، على المساحة الأوسع من المشاهدات والمتابعات اليومية، فيما تسجل المسلسلات السورية مثل quot;عمر بن الخطابquot; وquot;ولادة خصرquot; وquot;بنات العيلةquot; وquot;حكايات بناتquot; مشاهدات أقل نسبياً من نظرائها في الدراما المصرية، ويبقى المواطن الإماراتي أكثر ميلاً إلى متابعة المسلسلات الخليجية التي يصل عددها إلى نحو 26 مسلسلاً هذا العام، منها quot;جدران لا تبكي في الظلامquot; وquot;آخر أحلاميquot; وquot;ساهر الليل 3quot; وquot;أيام عمريquot; وquot;الوداعquot; وquot;السردابquot;.
ويبقى مسلسل quot;فرقة ناجي عطا اللهquot; هو الأوفر حظاً من المشاهدة من قبل الجمهور العربي بتعدد جنسياته في الإمارات، فقد كان القاسم المشترك بين المشاهدين الذين قابلناهم لنستطلع آراءهم حول الدراما العربية في رمضان هذا العام.
ورغم ما تشهده دولة الإمارات العربية المتحدة من طفرة تطورية انسحبت على جوانب الحياة المتعددة من تعليم وصحة واقتصاد ورياضة وتجارة، إلا أن هذه الطفرة الحضارية الكبيرة تقف عاجزة أمام الفن، فلم تزل الأعمال الفنية التلفزيونية من سينما ودراما ومسرح تشكو ضعف الدعم من الحكومة، وتفتقر إلى النص الفني الجيد، حسب ما صرح به عدد من الفنانين الإماراتيين لـquot;إيلافquot;.
ضعف الدعم المادي
الفنان الإماراتي حبيب غلوم، مدير أنشطة الثقافة في وزارة الشباب والثقافة وخدمة المجتمع، يؤكد أن الفن بأركانه الثلاثة (دراما ومسرح وسينما) لا يحظى بدعم من الجهات الرسمية داخل الدولة، وأن هذا الدعم يأتي بجهود ذاتية وفردية، مضيفاً أن ما يبذل من مجهود من قبل الفنانين الإماراتيين أكبر بكثير مما ينفق على الأعمال الفنية، مستدركاً: ورغم ذلك، فإن ما نصل إليه بجهودنا الذاتية يضع الاعمال الفنية الإماراتية في مرتبة متقدمة عما يحدث في دول أخرى في المنطقة.
وتابع غلوم: إن ما ينفق على السينما والدراما يأتي في صورة موسمية، حيث إننا لا نقوم بتقديم الأعمال الدرامية إلا استعداداً لرمضان، كما نحاول أن نقدم بعض الأعمال السينمائية في موسم المهرجانات السينمائية، كمهرجان دبي ومهرجان أبوظبي، وهذا التقصير نتيجة لعدم وجود خطة سنوية للأعمال الفنية الإماراتية، لافتاً إلى عدم وجود جهة رسمية تتبنى الصناعة السينمائية والدراما داخل الدولة.
وأوضح أن المسرح يحظى ببعض الدعم من حكومة الشارقة ووزارة الثقافة، إلا أنه دعم لا يكفي لإنتاج عمل فني مسرحي واحد في العام، كما أن مسؤولية ذلك لا تقع على عاتق حكومة الشارقة وحدها، بل على الحكومة الاتحادية، منوهاً بأن ضعف الدعم يدفع بكثير من الفنانين الإماراتيين للمشاركة في أعمال فنية خليجية أو عربية أخرى.
وعن تأثير النص في العمل الفني، أكد غلوم أنه لا توجد مشكلة كبيرة في قلة النصوص الفنية المحلية أو ضعفها، حيث يمكن معالجة ذلك باستخدام نصوص عربية أو خليجية أخرى وإضفاء الطابع المحلي عليها، وهذا ما حدث في مسلسل quot;سالفة عمرانquot; الذي سيعرض قريباً، فالنص سوري تم quot;تخليجهquot;.
وعزا ضعف وقلة النصوص الفنية إلى انشغال الكتاب بوظائفهم، فلا يوجد الكاتب المتفرغ الذي يستطيع أن ينتج نصاً متكاملاً ومتجانساً، مطالباً الجهات الرسمية بسن قانون لتنظيم وتحديد أهمية الفنون في الحياة الإماراتية، وأن توضع هذه الفنون في أجندة الحكومة.
وذكر أن الأعمال الدرامية المحلية التي سيتم طرحها خلال شهر رمضان لا تتعدى الـ4 أعمال أهمها مسلسل quot;اليحمومquot; ومسلسل quot;طماشةquot;، وهي من انتاج مؤسسة دبي للإعلام.
وعلى صعيد الإذاعة قال عبدالله الزعابي، نائب المدير: إن إذاعة أبوظبي بموجاتها الثلاث المتخصصة، تعنى بالقرآن الكريم والأغاني الشبابية والأغاني التراثية، وليست لها علاقة بالأعمال الدرامية، لافتاً إلى أن رمضان هذا العام سيشهد من خلال إذاعة ابوظبي برنامج quot;الأصدقاءquot; الذي سيعالج بشكل درامي بعض السلبيات التي يقع فيها الناس خلال الشهر الكريم، ومنوهاً بأن هذا البرنامج يعد اجتهاداً من العاملين في الإذاعة، وهم أنفسهم القائمون على أدائه.
وفي حديثها إلى quot;إيلافquot; أبدت زينب علي النويس، كبيرة المخرجين في تلفزيون أبوظبي، اندهاشها من ضعف الإنتاج الفني وضعف الاهتمام بالفن في الإمارات العربية المتحدة هذه الأيام على الرغم من أنه كان يحظى باهتمام كبير خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، على حد قولها.
وذكرت أن التراث الإماراتي غني بالأحداث والقيم التي تحتاج إلى أعمال فنية تبرزها من خلال المسرح أو الدراما أو السينما، وتقدمها للأجيال الحالية، كبديل للأعمال الفنية المستوردة الغريبة عن البيئة الإماراتية، مؤكداً أن المجتمع الإماراتي يمتلك الفنان المتميز، لكنه يفتقر إلى النص الجيد.
وحول تقييمها للأعمال التي تعرض خلال شهر رمضان، ذكرت أنه لابد من احترام جلال الشهر الفضيل، من خلال تقديم الأعمال الفنية الهادفة والتي تغرس القيم وتحث على الفضائل، مضيفة: أنا لا أجد مبرراً مقنعاً لمنع عرض مسلسل quot;الفاروقquot; الذي يتناول حياة واحد من كبار الصحابة، ويبرز عدله وحكمته وقوته في السياسة ورحمته برعيته.
الإماراتيون يطالبون بأعمال وطنية
وأبدى عدد من الجمهور الإماراتي امتعاضاً شديداً من تزاحم الأعمال الفنية المستوردة في التلفزيونات الإماراتية، وشبه غياب للفن الإماراتي الخاص quot;نصاً وقصة وشخصيات وممثلين ومنتجين ومخرجينquot;، فمن جانبها، قالت هند عبدالله quot;ربة منزلquot;: في رمضان التلفزيون يزدحم بالبرامج أكثر من الأعمال الدرامية التي تكاد تخلو، على الرغم من قلتها، من المسلسلات الإماراتية أو القصة المأخوذة من البيئة الإماراتية، لذلك فأنا أميل إلى متابعة المسلسلات الخليجية مثل quot;سهر الليل 3quot; وquot;آخر أحلاميquot;، كما أتابع المسلسل المصري quot;فرقة ناجي عطا اللهquot;.
وذكرت مريم الشامسي quot;موظفةquot; أنها تحاول الاستفادة من كل ما تشاهده على شاشة تلفزيون أبوظبي، لكنها تبدي استياءً شديداً من ضعف تواجد quot;العنصر المواطن في الفقرات الفنية التي يعرضها التلفزيون، ولم نعد نرى سوى الممثلين العرب أو الأتراكquot;، مشيرة إلى أن أفضل الأعمال الدرامية المقدمة هذا العام مسلسل quot;فرقة ناجي عطا اللهquot; وquot;سهر الليل 3quot; وquot;الزوجة الرابعةquot;.
مسلسل الدم في سوريا
وعلى صعيد آخر، أعربت عهد عبد الهادي quot;فلسطينيةquot; عن سعادتها الكبيرة بمشاهدة المسلسل المصري quot;فرقة ناجي عطا اللهquot;، موضحة أنه يسرد قصة جديدة ومختلفة تماماً عما هو مطروح الآن أو قبل ذلك، بالإضاف إلى أنه يحمل الكثير من المواقف المضحكة التي تروح عن النفس من صنع الزعيم عادل إمام.
وأضافت أن الوقت لا يسعفها لمشاهدة عدد من المسلسلات التي أشادت بها كثير من صديقاتها، وخصوصاً مسلسل quot;رقم مجهولquot;، مشيرة إلى أنها سوف تحرص على اقتنائه على شكل اسطوانات مدمجة quot;DVDquot;، حتى تتمكن من متابعته بعد انقضاء شهر رمضان المبارك.
فيما ذكر عز القيسي quot;سوريquot; أن ما يحدث في سوريا الآن هو أفضل مسلسل يمكن متابعته، مضيفاً: من فرط الألم بسبب دماء شباب وأطفال وشيوخ سوريا المهرقة، فإننا كمغتربين قد نسينا بقية البرامج والمسلسلات التي تعرض على القنوات الأخرى، وركزنا اهتمامنا على لون واحد من القنوات، وهي الإخبارية، سواء الجزيرة أو العربية أو الـquot;بي بي سيquot;، لنتابع بحسرة ما يجري من مسلسل رعب بطولة النظام السفاح والشعب الضحية.
ولم يخالفه الرأي كثيراً محمود حلاس، مترجم سوري، حيث أكد أن quot;رمضان هذا العام ذو مذاق مختلف بالنسبة لنا، تفوح منه رائحة الدم السوري المهرق، دون مراعاة لحرمة الآدمي، ولذلك فإن كثرة المآسي التي لحقت بالشعب السوري جعلتنا نهرب بعض الوقت إلى مشاهدة برنامج أو مسلسل يأخذنا بعيداً قليلاً عن شدة الأعصاب المستمرة والملازمة لنا منذ ما يقرب من عامينquot;، مشيراً إلى أنه يتابع مسلسل quot;ولادة خصرquot;، ليس لأنه الأفضل، ولكنه يقربنا من المجتمع السوري، ويحكي هموم شعب سوريا، على حد تعبيره.
بينما يرى وليد ركان، مدير محل لبيع الهواتف، أن الأحداث التي تجري في سوريا لم تشغله عن متابعة المسلسلات في رمضان، لافتاً إلى أنه يفضل متابعة مسلسلات quot;ولادة خصرquot; وquot;بنات العيلةquot; وquot;حكايات بناتquot;، متابعاً: كنت أتابع مسلسل quot;عمر بن الخطابquot;، لكنني وجدت الأحداث أصابها الفتور، بعدما بدأت قوية، بالإضافة إلى أن المسلسل يحمل بعض الأخطاء التاريخية، منها أن شخصية أبوبكر الصديق يظهر وهو يضع quot;تقويم أسنانquot;، وهذا خطأ إخراجي كبير.
المصريون يبتعدون عن الدراما السياسية
وعلى صعيد آخر، قال أحمد فاروق quot;مصريquot;: أحرص على متابعة مسلسلات quot;فرقة ناجي عطا اللهquot; وquot;شمس الأنصاريquot; وquot;خطوط حمراءquot;، موضحاً أن لكل عمل منهاقصة مختلفة وجديدة، ويقوم بأدائها أبطال كبار مثل الزعيم عادل إمام، ومحمد سعد وفاروق الفيشاوي، وأحمد السقا.
وأضاف: السياسة أنهكتنا على مدار سنة ونصف السنة من انتخابات وتحليلات سياسية وصراعات، ولذلك نهرب منها إلى الترفيه بمشاهدة المسلسلات التي تضفي نوعاً من الدراما المرحة خلال الشهر الفضيل، كما أنني أبتعد عن مشاهدة الدراما السياسية.
وترى سنية محمد quot;مصريةquot; أن مسلسل ناجي عطا الله الأفضل بالنسبة لها، لأنه يتضمن أحداثاً مثيرة ومشوقة، بالإضافة إلى أنه يحمل صوراً مختلفة للحياة الفلسطينية والإسرائيلية، والفرق بين الفقر المدقع في الأولى والرفاهية المفرطة في الثانية، وتبين هشاشة المجتمع الإسرائيلي من الداخل، فبمجرد أن دفع عادل إمام لأحد الإسرائيليين المال، أعطاه الأخير quot;الفلاش موميريquot; التي من خلالها يستطيع أن يدخل البنك ويسرقه، مضيفة: أفضل أيضاً مسلسل الزوجة الرابعة لأنه أقرب إلى الكوميدي.
وقال عادل خطاش quot;جزائريquot;: أنا أميل دائماً لمشاهدة الأعمال الفنية المصرية التي كنت أتابعها بشغف منذ الصغر، وخصوصاً أعمال الفنان عادل إمام صاحب الشعبية الواسعة في الجزائر، لافتاً إلى أنه يجد في مسلسل quot;فرقة ناجي عطا اللهquot; العمل الفني الأفضل خلال شهر رمضان هذا العام، لأنه يقدم أحداثاً جريئة سياسياً.
أما أنس مأمون quot;سودانيquot; فيرى في مسلسلي quot;باب الخلقquot; وquot;الفاروق عمرquot; الأنسب بالنسبة له، موضحاً أن الأول يعالج قضية مهمة، وهي التشدد الديني من قبل البعض في المجتمع الإسلامي، فيما يسرد الثاني قصة حياة واحد من أبرز الصحابة، والذي ملأ الأرض عدلاً وحزماً في إدارته للدولة الإسلامية المترامية الأطراف.
ومن ناحية أخرى، قالت ياسمين محمد quot;هنديةquot;: أشاهد الدراما الباكستانية، وأفضلها على الهندية، لأن الأخيرة تأخذ وقتاً طويلاً جداً، كما أن أحداثها كثيرة ولا تكاد تنتهي حتى يصاب المشاهد بالملل، بالإضافة إلى أن الدراما الباكستانية تحكي عن الحياة في المجتمع المسلم أو ذي الأغلبية الإسلامية، ومن هذه المسلسلات quot;السفر معاًquot;، مضيفة: لو كنت أجيد اللغة العربية لتابعت الدراما العربية، لكنني لا أفهم اختلاف اللهجات من مصرية وسورية وخليجية وغيرها.