يعيش معظم أهل الفن والمبدعين حزناً دفينًا على انخفاض منسوب التقدير المعنوي لعطائهم، وكبار السن بمعظمهم يعيشون غصة الإهمال إلا في حالاتٍ نادرة كتكريم نادية لطفي ونور الشريف مؤخراً، إلا أنه مازالت هناك أسماء كبيرة من الفنانين تستحق التقدير المعنوي والتكريم. وفي هذا السياق تستعرض إيلاف بعض الآراء في السطور التالية:


القاهرة: يُشكل التكريم الدافع المعنوي الذي يعزز طاقة الفنان ويدفعه للمزيد من العطاء والنجاح، إلا أن واقع المبدعين في الوطن العربي يصبح في الغالب مأساوياً مع مرور الزمن والتقدم في العمر، حيث يتم إقصاء الكثير من الفنانين كبار السن عن التكريمات إلا في بعض الإستثناءات وغالبًا ما يكون التكريم بعد رحيلهم كتكريم مريم فخرالدين بعد رحيلها من قبل إدارة مهرجان القاهرة السينمائي، ومن قبلها تكريم الراحل سعيد صالح وغيرهما، علماً أن هناك الكثير من الأسماء التي تستحق التكريم ولهم في العطاء الفني باع طويل مثل ماجدة الصباحي، وشويكار، وزبيدة ثروت وغيرهن من فنانات الزمن الجميل.
&
&وعليه، طرحت "إيلاف" سؤالها "لماذا يُكرّم الفنان&في الغالب بعد رحيله؟"، وجاءت الأجوبة متباينة كما يلي:&
&
زيزي مصطفي: المصريون لا يحترمون قيمة التنوير&
ترى الفنانة والراقصة المعتزلة زيزي مصطفى أن المصريين يعانون مشكلة في قلة التقدير، ولا يحترمون& قيمة التنوير في مصر، حيث أن الشعوب تعرفت على أميركا وثقافاتها من خلال أعمالها السينمائية. إلا أن المصريين الذين يتحدثون لغة العالم العربي مع تميّز لهجتهم يجب أن يستفيدوا من تقدير العالم العربي لفنهم وأن يكرموا فنانيهم. فشعبنا يحب مشاهدة الفنان في أعماله، إلا أنه حينما يُصاب بأي مرض أو يبتعد عن الساحة، نفقد اهتمامنا به، فيعاني وحده ألم الإهمال والتجاهل. واستدركت قائلة: هذا الموضوع يُشبهني ويذكرني بفكرة الراقصة التي تؤدي وصلات رقص في أي حفل زفاف أو ما شابه ذلك، ويستمتع الحضور باستعراضها، وعندما& تُغادر يتم سبّها وقذفها بأبشع الكلام.
&
وإذ شددت على أن التنوير بمفهومها هو عطاء الفنانين والكتّاب وأهل القلم والصحافة، قالت بأن البلد والشعب الراقي سيحترم عطاء هؤلاء ويكرّمهم قبل رحيلهم. أما مسؤولية الإهمال فتقع على الجميع. ولفتت إلى موضوع الغيرة في عالم الفن قائلة: صنّاع الفن وأهله هم المطالبون بالمبادرة إلى التكريم، ولكن مجتمعنا الفني في مصر يعاني الغيرة القاتلة والمصالح، فإذا لم تكن هناك مصلحة في تكريم الفنان لا يتم تكريمه. للأسف نحن نُكرَّم خارج بلدنا، مع العلم أن لا تكريم يفرحنا بقدر تكريمنا في بلدنا مصر. فأهم تكريم للفنان هو التكريم في بلده مهما ارتفع رصيده وازدادت قيمته خارج البلاد، والدليل على ذلك أن تكريم الفنان عمر الشريف في مصر هو الأهم بالنسبة له رغم الكثير من التكريمات التي حظي بها في الخارج.
&
وانتقدت "مصطفى" التركيز على أشخاص معينين يُرسلَون دوماً لحضور المهرجانات الدولية ويمثلون الفن المصري في سائر أرجاء العالم دون استبدالهم بوجوه فنية أخرى من حينٍ إلى حين، وسألت: ماذا يعني هذا غير أن المصالح تلعب دورها في التكريم والتمثيل الرسمي في المهرجانات؟&
&
&
نبيلة عبيد: أنا واحدة من الكبار، وتكريمي مستمر&
وردت الفنانة نبيلة عبيد على السؤال بعفوية وضحكت قائلة: "بإعتبار أنني واحدة من الفنانات الكبار فأنا موجودة ومازلت أتكرم كثيراً وحتى الآن. وأردفت مازحة: "أنا قاعدة على قلبكم"، ثم أوضحت بجدية: أعتبر أن هذه المسألة نسبية، وتُمثِل حالات معينة، فبالفعل هُناك فنانون لم يتم تكريمهم منذ فترة طويلة، وأنا أرى أن التكريم له وقته، فبين الحين والآخر يتم تكريم فنانين ومخرجين تبعاً للمناسبة وحيثياتها.&وتبنت "عبيد" سؤال "إيلاف" وطرحته بدورها، وقالت: إنه موضوع يستحق الإجابة عليه، فلا بد من تكريم الفنانات الكبار لأن ذلك يعود على الفنان بقيمة معنوية كبيرة يكون لها تأثير رائع في حياته. فالجوائز والتكريمات تعني الكثير لكل فنان بعد عطاءٍ طويل.&
&
عفاف شعيب: تكريم الفنان يمنحه دفعاً معنوياً في حياته وليس بعد رحيله

الفنانة عفاف شعيب تؤكد&أنه من المفترض أن يتم تكريم الفنان في حياته لأن التكريم يخصّه وحده، وسألت: ما الفائدة من تكريم الفنان بعد وفاته؟ وكيف سيشعر حينها بفرحة التكريم؟ وما هي قيمة التكريم إن لم يكن حافزاً لتقديم المزيد من العمل والسعي لمزيدٍ من العطاء والنجاح. وأضافت: بعد الوفاة سيقطف الأهل والأسرة نتاج عطائه ويتغنون بالجائزة دون أن يشعر هو بفخر التكريم.
&
وإذ وصفت الأمر بـ"الخطأ الكبير"، قالت: لقد حضرت تكريم سعيد صالح منذ عامين إلا أنه من المفروض أن يتم تكريم الفنانين الكبار على أعمالهم السينمائية المهمة وتاريخهم الفني الطويل من قبل مهرجان القاهرة السينمائي، ولكنني أرى أن المزاجية هي التي تلعب دورها في التكريم دون تقييم، لأن هناك الكثير من الكبار لم ينالوا حقهم المعنوي ولم يكرموا مثل رجاء حسين، محسنة توفيق وكريمة مختار. ورأت أن المسؤولية في الأساس تقع على هيئة المهرجان وانتقائهم لأسماء المكرمين. وقالت: يبدو أن المسألة أصبحت عشوائية دون تخطيط، فلابد من وجود كشف يتم من خلاله رصد الشخصيات التي يتم تكريمها في كل عام في مهرجان القاهرة أو المهرجانات السينمائية والفنية الأخرى.
&
إلهام شاهين: معظم الفنانين الكبار نالوا التكريم&
من جهتها، كان&للفنانة إلهام شاهين رأي مختلف&عن بقية الآراء، فقالت: "هُناك الكثير من الفنانين قد تم تكريمهم أحياء، فالموضوع مجرد صدفة. فالفنانة نادية لطفي تم تكريمها في مهرجان القاهرة في الدورة الماضية، وكذلك الفنان نور الشريف في مهرجان الإسكندرية، وفي عيد الفن تم تكريم الكثير من الفنانين الكبار مثل عزت العلايلى وفاتن حمامة، وماجدة الصباحي، وحسن يوسف وغيرهم، وأعتقد أن الفنانة مريم فخرالدين كُرِّمَت كثيراً قبل رحيلها، وابتعدت عن الفن لأن حالتها الصحية كانت غير مستقرة، ولكنها عملت لحوالى خمسين عاماً في الفن".
&
داليا مصطفي: شيء مؤسف والمسؤولية تقع على النقابة&
واعتبرت الفنانة داليا مصطفى أن تكريم الفن لنجومه بعد الرحيل وعدم الإهتمام بهم في حياتهم، أمر محزن. ورأت أن المسؤولية تقع في الأساس على النقابة، وأهم شيء لابد أن تقوم به النقابة هو حق الأداء العلني مثل الغرب. وهذا يعني أن يتقاضى الفنان أجراً على عرض العمل الذي شارك فيه عند عرضه على الفضائيات أو الـ"يوتيوب"، حتى لو لم تكن هذه المداخيل مرتفعة، ولكن هذا يُمثل عائداً مادياً للفنان يستطيع أن يُنفق منه على نفسه لأن هُناك الكثير من الفنانين توفاهم الله وهم مفلسون".

&