إيلاف من القاهرة: في إطار فعاليات الدورة الـ45 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أُقيمت محاضرة مفتوحة (ماستر كلاس) للمخرج الكبير يسري نصرالله بالمسرح المكشوف في دار الأوبرا المصرية.

أتاح هذا اللقاء فرصة للحضور للتعرف على أسرار مسيرته الفنية، كواليس أعماله، والتحديات التي واجهها منذ بداياته. ويُعد نصرالله واحدًا من أهم المخرجين الذين ساهموا في إثراء السينما المصرية بأعمال تنبض بالجرأة والتميز.

شهدت المحاضرة حضور عدد كبير من نجوم الفن وصناع السينما، من بينهم الفنانة رانيا يوسف، الفنان باسم سمرة، لقاء سويدان، الفنانة سلوى محمد علي، والمخرج السوداني أمجد أبو العلا.

وكان الحضور فرصة للاستماع إلى رؤية نصرالله التي تجمع بين العمق الفني والتجربة الواقعية، مما يلهم الأجيال الجديدة من المخرجين وصناع الأفلام.

دعم أسري ونصيحة من يوسف شاهين
أكد يسري نصرالله أنه لم يشعر بالمجازفة عندما قرر بدء مشواره السينمائي بفيلم "سرقات صيفية"، رغم اعتماده على ممثلين غير معروفين. واعتبر أن المغامرة الحقيقية تكمن في العمل مع نجوم كبار في أول مشروع إخراجي، حيث قال: "كان مرعب بالنسبة لي أعمل فيلمي الأول مع نجوم، وواجهت رفضًا من بعض النجمات لأن الفيلم كان يحمل جرأة في تناوله لبعض القضايا الاجتماعية والسياسية."

وأشار إلى أن المخرج يوسف شاهين نصحه بالاعتماد على ممثلين جدد ليعطي الفيلم طابعًا خاصًا ومميزًا، حيث قال له: "معاك 50 ألف دولار؟ اعمل اللي أنت عايزه وهات ناس ما مثلتش قبل كده."

وكشف نصرالله عن أنه بدأ مشواره الفني بقرض قيمته 50 ألف دولار فعلا، حيث استمع لنصيحة "شاهين"، وحصل عليه من أحد أفراد عائلته، وكان هذا المبلغ البداية الحقيقية له في عالم الإخراج السينمائي.

وأضاف: "كانت هذه النقطة البداية، ونجاح الفيلم أثبت صحة اختياري للممثلين الجدد والموضوعات التي تناقش قضايا عميقة بعيدًا عن المألوف."

رؤية سينمائية مختلفة
ورفض نصرالله حصر أعماله في خانة الأفلام السياسية، موضحًا أن السياسة قد تكون جزءًا من الواقع لكنها ليست الهدف الرئيسي من أعماله.
وعلّق قائلاً: "السياسة طاغية في البلد شئنا أم أبينا، لكن أفلامي تهتم أكثر برصد الحقيقة داخل الحكايات الإنسانية، كما يظهر في أفلام مثل (الماء والخضرة والوجه الحسن)."

طفولة مرتبطة بالسينما
وعن حبه للسينما تحدث المخرج يسري نصر الله مبرزًا كيف بدأت علاقته مع السينما من خلال مشاعر الأمان التي كانت توفرها له الأفلام منذ طفولته.
وأشار إلى أن هذا الجانب من السينما كان دائمًا محفزًا له لتقديم أعماله الخاصة، مبتعدًا عن السرد السياسي الضيق الذي يراه البعض في أعماله. وأكد أن الفيلم الوحيد الذي يمكن تصنيفه ضمن الأعمال السياسية كان "الماء والخضرة والوجه الحسن".

مفارقات "مرسيدس" و"الكيت كات"
وحول تجربته في فيلمي "مرسيدس" و"الكيت كات"، لفت نصر الله الانتباه إلى التباين في التصوير بين الفيلمين، حيث صُوّر فيلم "مرسيدس" بالكامل في الشارع، في حين جرى تصوير "الكيت كات" داخل الاستوديو. ورغم ذلك، قال إن جمهور المشاهدين ربط "الكيت كات" بالواقعية أكثر رغم تصويره في بيئة مصطنعة، في حين تم تصنيف "مرسيدس" كعمل غرائبي رغم تصويره في الشارع.

رفض دوراً لأحمد زكي
وفي إطار حديثه عن مسيرته وتجاربه في الإخراج، كشف عن موقفه تجاه الفنان أحمد زكي عندما كان الأخير يرغب في المشاركة في فيلم "مرسيدس" بدور البطولة الذي قدّمه زكي فطين عبد الوهاب.

وأوضح نصر الله أنه رغم كونه من أكبر الممثلين في تاريخ السينما المصرية، إلا أنه لم يكن يرى أحمد زكي مناسبًا لشخصية الفيلم. حيث أكد نصر الله أنه يعتقد أن زكي، رغم عبقريته في التمثيل، لا يتناسب مع مواصفات الشخصية التي كان يريد إبرازها في الفيلم.

وقال إن المخرج يجب أن يكون حريصًا على اختيار الممثل الأنسب للدور بناءً على ملامحه وطاقته التي تتناسب مع القصة التي يريد سردها.

وأكد أن هذه اللحظة كانت بمثابة قرار صعب بالنسبة له، حيث اضطر لاختيار ممثلين جدد بدلاً من الاعتماد على النجوم المعروفين. وهذا القرار يعكس فلسفته في أهمية تقديم شخصيات غير تقليدية تسهم في إضافة طابع خاص لأعماله، وهي نفس الفلسفة التي تبناها في عدة أفلام أخرى مثل "مرسيدس" و"صبيان وبنات".