باتت الطيور البرية في العراق مهددة بترك البلاد للابد بسبب الصيد الجائر من قبل السكان.

وسيم باسم من النجف: دأب الصيادون في مناطق الفرات الأوسط ومنها محافظة بابل (100 كم جنوب العاصمة بغداد) على استخدام طريق قاسية في صيد الطيور ومنها طيور الدراج والحباري والطبان ، باستخدام بنادق طلقاتها من خراطيش الرصاص التي تنفجر في الجو ناشرة مئات الكرات المعدنية الصغيرة المتنافرة لتستقر في اجساد الطيور.
أنواع نادرة من الطيور في العراق مهددة بسبب الصيد الجائر
وعلى رغم ان طريقة الصيد هذه تلحق ضررا كبيرا ببيئة الطيور وتسرع من انقراضها او هجرتها الى أمكنة اخرى الا ان الصيادين يوغلون في ابادتهم لهذين النوعين من الطيور على وجه الخصوص لأغراض تجارية ، كما انه بسبب كبر حجمهما ، يعد منها الصيادون وجبات أكل شهية كما يقول الصياد عماد الزبيدي ل(إيلاف ) الذي داب على الصيد في البراري مصطحبا أصدقائه وسيارته البيك اب وبندقيته quot; الكسرية quot;.
يقول الزبيدي: اتناول وجبة شهية ثلاث مرات في الشهر من ألذ أنواع لحوم الدراج والقطا .
ولا يعبأ الزبيدي لما يسببه من أضرار بيئية جسيمة مبررا الاستمرار في هوايته بالقول : اذا توقفت انا فان كثيرين غيري مستمرون في صيد الطيور البرية ، لهذا فاني توقفي يصبح بلا مبرر .
وتزدهر من جديد بعد استباب الأمن وانعدام الرقابة البيئية في براري مناطق الفرات الأوسط ومنها البراري الشاسعة في محافظة بابل والنجف ، هواية صيد الطيور البرية ومنها الدراج والطنب وهي طيور برية تعيش وتتكاثر في المزارع والحقول ، حيث تعد محافظة بابل من المناطق الرئيسة في العراق الذي يتواجد بها طائر الدراج ...
وذكر الدراج يمتاز بلونه البني المرقط الجميل ورأسه الأسود ، أما الأنثى فلونها بني واصغر حجما .
واغلب الصيادين يتابعون هذا الطير لأغراض التمتع بأكل لحمه اللذيذ ، ولأغراض التجارة حيث يباع في الأسواق .
ويصف دلي السلطاني طريقة صيده للدراج قائلا : الدراج لا يخاف السيارة وفي الغروب وعند الفجر فان أضواء السيارة
تكشف لك تجمعات الدراج ولهذا يصبح اصطيادها على مسافة عشرة أمتار أمر سهلا .
والطريقة الاخرى للصيد هو رشق الطائر منه بخرطوش الصيد حيث تنتشر الكرات المعنية ( الصجم ) في الهواء ، لتصيب
أعدادا من طيور الدراج اذا كانت على شكل مجاميع .
ويحبذ السلطاني صيد طائر الطبان الذي يطير على شكل رفوف او مجموعات تقترب كثيرا من الأرض مستخدما البنادق المزدوجة أو الأوتوماتيكية .
ولا يعبأ اغلب الصيادين للأثر السلبي الذي تتركه أفعالهم على البيئة ، فتعبير quot; الصيد الجائر quot; مصطلح لا يودون سماعه ، ولا يؤمنون به ، فبحسب نواف الوائلي الذي يصاحب السلطاني في جولات صيده فان هذا رزق من الله ، مثلما رزق الطيور على الله أيضا .
لكن مدرس مادة العلوم أمين علي في مدرسة بمدينة الشوملي الصغيرة (50 كم جنوب شرق محافظة بابل وهي بمثابة نقطة تقاطع مع محافظتي الديوانية وواسط.) ، يجد في طرق الصيد المتبعة منهجا قاسيا في صيد الطيور ويؤثر على التوازن البيئي .
يقول علي: الأشد قساوة من البندقية استخدام البعض الشباك لصيد الدراج . ويضيف : في مرة واحدة تمكن احدهم من صيد ما يقارب الخمسين من طيور الماء دفعة واحدة بعضها مازال صغيرا ،ولهذا تاثير سلبي على التنوع البيئي.
وليست ثمة مشاريع او محميات يمكن من خلالها توفير بيئة آمنة للطيور .واذا استمر الصيد الجائر على هذه الوتيرة فان احتمال انقراض او اختفاء بعض الأصناف أمر احتميا .
ولعل من الامور المثيرة للدهشة ان السلطاني اصطاد في عدة مرات طيورا ثبتت على سيقانها أقراصا من البلاتين تدل على ان هذه الطيور هاجرت من روسيا .
ومع ضيق المساحات المائية الكبيرة والاهوار الصغيرة في مناطق جنوب بابل حيث تمتد الأراضي الى منطقة النعمانية في واسط حيث يقع نهر المالح ، ندرت الكثير من الطيور التي كانت تقصد هذا النهر والمسطحات المائية والاهوار المزدهرة بالأعشاب والنباتات البرية والقصب .
ويقول السلطاني الذي يقصد هذه المنطقة بين الحين والآخر للصيد ، وللنزهة في البرية ، ان طيورا مثل المغيرسي والغرنوك أصبحت نادرة جدا . ويضيف في هذه المنطقة يزدهر صيد البط الوحشي ودجاج الماء ( ابو غرة) .
و لا يعترف السلطاني بان الصيد كان سببا في انقراض الطيور بل يرجعه الى انحسار الماء والتلوث البيئي في الأنهر ، واقتراب الطرق المبلطة والفرعية من المكان والتي أقلقت راحة الطيور وجعلتها تبحث عن اماكن هجرة جديدة .
وفي منطقة ابي غرق في بابل ومقتربات البراري الواسعة باتجاه مدينة السدة ، يقل وجود طيور اشتهرت بها هذه المناطق لزمن طويل ، فطيور مثل الخضيري ، ودجاج (الماي) ، والخرنوك باتت نادرة جدا بسبب الصيد الجائر والفوضى البيئية .
ويقول نوري الجنابي وهو فلاح بمتلك بندقية quot; كسرية quot; يستعملها لأغراض الصيد أن (الدراج والقبج ) يترددان على هذه المناطق ،
وهما هدف الصيادين الأول الى الآن .
وفي صحراء النجف (160 كيلومتر جنوب بغداد ) فان الحباري والصقور يشكلان محورا لنشاطات الصيادين هناك . وبحسب المرشد الزراعي كامل حسن فان اغلب الصيادين في العراق لا يمتلكون وعيا بخطورة الصيد الجائر على توازن الطبيعة. وقد أدى كثرة الصيد لها الى هجرتها من مناطق المشخاب وناحية القادسية في النجف الى المناطق الصخرية النائية .
ويقترح حسن حماية طائر الحباري عن طريق منع صيده في مواسم تكاثره ، وان تمارس هوايات الصيد وفق ضوابط
وتشريعات ، وان لا يكون الغرض من الصيد التجارة ، كما يحدث الآن في بابل وميسان والنجف وكربلاء .
ويقترح علينا حسن زيارة سوق الطيور في النجف لتكوين فكرة عن حجم الصيد الجائر في المحافظة حيث تجد ضمن مقتنيات البائعين المئات من الطيور التي صيدت بطرق قاسية ، وبدفعة واحدة ، ليصبح الصيد تجارة واسعة يربح منها ممارسوها المال على حساب الطبيعة والبيئة .