إيلاف من دمشق: ما حصل في قرية كويا بريف محافظة درعا السورية، قد يتكرر في مراحل لاحقة، وفقا لخبراء ومراقبين، وفي حال حدث ذلك بالفعل ستكون إدارة أحمد الشرع في العاصمة دمشق أمام معضلة لا يرتبط التعامل معها بإسرائيل فقط، بل بردود أفعال السوريين المهددين في جنوب البلاد.

قتل في كويا، الثلاثاء، 5 أشخاص وأصيب آخرون، من جراء قصف وعمليات استهداف نفذتها دبابات الجيش الإسرائيلي، بعد مقاومة من شبان رافضين لعمليات التوغل المتواصلة التي تجري هناك، وفقا لصحفي غطى الأحداث وتحدث لموقع "الحرة"، وتقرير نشره "المرصد السوري لحقوق الإنسان".

"خياران"
وبناء على ما أصدرته وزارة الخارجية السورية لا يبدو أن هناك الكثير لدى دمشق للرد العلني أو التعاطي الدبلوماسي مع الأفعال الإسرائيلية في جنوب البلاد.
وفي حين نددت الخارجية، الثلاثاء، بالهجمات التي استهدفت كويا دعت السوريين هناك إلى رفض أي محاولات "لتهجيرهم أو فرض واقع جديد بالقوة" على الأرض.
كما أعربت عن رفضها لما وصفتها بالجرائم، داعية إلى فتح تحقيق دولي في ما يتم ارتكابه ضد الأبرياوء، و"الانتهاكات الإسرائيلية".

هذه الصيغة التي اتبعتها الخارجية في دمشق لا تختلف كثيرا عن الخط الذي سارت عليه للتعليق على التوغلات الإسرائيلية وعمليات القصف السابقة، التي وقعت بعد سقوط الأسد.

ولا تختلف الصيغة أيضا عن تلك التي عبّر عنها الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، أكثر من مرة.

وترى الباحثة كولوريوتيس أن خيار المواجهة العسكرية بين الإدارة السورية الجديدة وإسرائيل ليس مطروحا لدى الشرع، على الأقل في الوقت الراهن، ولا ينبغي أن يكون كذلك.

فسوريا منهكة عسكريا واقتصاديا وأمنيا، وحتى جغرافيا، ولا يزال المشهد في شرق سوريا والسويداء غامضا. ولذلك، فإن وقوع المواجهة يعني إعطاء رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وحكومته، التي لا تزال تنعم بنشوة انتصاراتها على المحور الإيراني في المنطقة، مبررا لتوسيع سيطرتها داخل الأراضي السورية، تضيف الباحثة.

وتوضح أنه وبناء على هذا الواقع يبقى خياران مطروحان أمام إدارة الشرع.

ويذهب الخيار الأول، بحسب الباحثة باتجاه "الاستجابة للشروط الإسرائيلية بمنع أي انتشار عسكري، بما في ذلك الأفراد الذين يحملون أسلحة خارج سلطة الدولة السورية".

أما الخيار الثاني فهو دبلوماسي، ويرتبط بمحاولة فتح باب المفاوضات غير المباشرة، في ظل الرفض الشعبي للمحادثات المباشرة، ورفض هذا الخيار من قبل شخصيات مهمة في الإدارة السورية الجديدة.

وتوضح كولوريوتيس أنه، ومن خلال هذه المفاوضات غير المباشرة، "سيتم التوصل إلى تفاهمات تؤدي إلى هدوء مستدام في جنوب سوريا".

"رسالتان وتصعيد"
وبعد سقوط نظام الأسد وضعت إسرائيل سلسلة من الأهداف، قالت إنها تريد تحقيقها في سوريا.
كان من بين الأهداف مثلا: "حماية الأقلية الدرزية"، وأضافت إليها بالتدريج الهدف المتعلق بـ"نزع السلاح من جنوب سوريا" و"ضرورة إقامة نظام فيدرالي في البلاد".

لكن، وبعيدا عن تلك الأهداف، بعينها أعطت التحركات الإسرائيلية وعمليات التوغل لم تنقطع في درعا والقنيطرة والقصف المتواصل على مواقع وقطع عسكرية في جنوب ووسط البلاد مؤشرا على أن ما تريده إسرائيل يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك.

ولا تزال الإدارة السورية الجديدة تتجنب التعامل مع تعقيدات ملف جنوب سوريا والتدخلات الإسرائيلية، و"ما نعرفه حتى الآن هو أن إدارة الشرع أرسلت رسالتين مطمئنتين إلى الجانب الإسرائيلي"، تقول الباحثة كولوريويتس.

وتضيف أن "الرسالة الأولى كانت عبر قطر والثانية عبر الأردن. والاثنتان غير كافيتين".

وتشير تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، على رأسهم نتانياهو ووزير خارجيته جدعون ساعر إلى أن إسرائيل تنظر للإدارة الجديدة في دمشق كـ"تهديد".

وفي غضون ذلك دائما ما تسلط وسائل الإعلام العبرية الضوء على الهواجس التي تراود إسرائيل على خلفية توسع النفوذ التركي في سوريا، بعد سقوط نظام الأسد.

وقبل أن تندلع أحداث قرية كويا بريف درعا استهدف الجيش الإسرائيلي بغارات جوية قاعدتين وسط وجنوب شرقي سوريا. وكانت الأولى في تدمر الصحراوية والثانية تعرف باسم "t4".