صورت وسائل الاعلام الأميركية القضية التي ربحتها أبل ضد سامسونغ على انها انتصار للشركة الأميركية سيضمن هيمنة أبل في سوق الهاتف الذكي لسنوات قادمة ويسحب البساط من تحت أقدام سامسونغ.

أعرب محللونعن شكهم في الرأي المذكور أعلاه. وكتب المحلل كلايد بريستوفيتز في مجلة فورين بولسي ان أبل ستحقق مكاسب بكل تأكيد من قرار المحكمة لصالحها وخاصة في المستقبل القريب إذا نجحت في إقناع الأجهزة المختصة بمنع سامسونغ من بيع منتجات معينة في السوق الأميركية. ولكن من الضروري على المدى البعيد أخذ عدد من الحقائق البارزة في الاعتبار. وأول هذه الحقائق ان الولايات المتحدة ليست السوق الوحيدة للهواتف الذكية في العالم وابتداء من هذا العام فانها ليست حتى أكبر سوق منفردة لهذه الأجهزة. وثانيا، ان حصة سامسونغ البالغة 32.6 في المئة من السوق العالمية تزيد مرتين تقريبا على حصة أبل البالغة 16.9 في المئة. وثالثا ان ليس من المستغرب ان تصدر هيئة محلفين في منطقة سليكون فالي ، مركز الشركات التكنولوجية في الولايات المتحدة ، قرارا لصالح أبل لا سيما وأنها ضمت في عضويتها أصحاب براءات هندسية أميركية. والجدير بالملاحظة ان هيئة محلفين في العاصمة الكورية الجنوبية سول اصدرت في الوقت نفسه تقريبا حكما لصالح سامسونغ في نزاع آخر بينها وبين ابل وان محكمة في طوكيو اسقطت دعوى ابل في معركة أخرى بين ابل وسامسونغ تتعلق بحقوق الملكية الفكرية. وقد تتخذ محاكم في بلدان أخرى موقفا من حماية الملكية الفكرية يختلف عن موقف الولايات المتحدة بحيث يمكن لشركة سامسونغ ان تكسب معاركها مع ابل في مناطق العالم الأخرى رغم خسارتها في اميركا حيث قضت المحكمة بأن تدفع سامسونغ الى ابل تعويضات تبلغ نحو مليار دولار عن سرقة تصاميم أجهزة من الشركة الاميركية.
ويعني هذا ان ساحة القضاء ليست مضمونة لصالح شركة ابل في كل بلدان العالم. ولكن الخطر الذي يواجه ابل ليس التجاوز على ملكيتها الفكرية بقدر ما هو الحقيقة الماثلة في اعتمادها الكبير على مجهزين أجانب في امدادها بالمكونات والتطوير التكنولوجي. وفي الواقع ان سامسونغ نفسها هي اكبر المجهزين حيث تسهم بما يربو على 30 في المئة من قيمة المحتوى في منتجات ابل.
وفي حين ان استراتيجية ابل تتمثل في اناطة التطوير وانتاج المكونات بشركات أخرى وتركيزها هي على الأفكار والتصميم والبرمجيات والتكامل فان سامسونغ اعتمدت استراتيجية معاكسة. وتؤمن سامسونغ بتقارب التكنولوجيات في نهاية المطاف وبالطاقة التجديدية لهذا التقارب. ولهذا السبب استثمرت موارد كبيرة في تطوير احدث التكنولوجيات وتقنيات الانتاج في كل مكونات منتجاتها وهي اكبر منتج ومجهز لغالبية هذه الأجهزة في العالم. وهكذا تكمن المفارقة في اعتماد ابل على سامسونغ من بعض النواحي بالنسبة لتكنولوجيتها.