قضت محكمة مصرية بإلغاء مولد حاخام يهودي في قرية في محافظة البحيرة، ورفضت طلب إسرائيل نقل رفاته، ملغية قرار وزير الثقافة الأسبق باعتباره أثراً مصرياً.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: في حكم يقطع الشك باليقين، بشأن الجدل المثار حول مقبرة تعود لشخص يدعى يعقوب أبو حصيرة، أصدرت محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية، حكماً بإلغاء مولد الحاخام اليهودي المزعوم، يعقوب أبو حصيرة نهائياً.&
كما قضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، برفض الطلب المقدم من إسرائيل لنقل رفاته إلى مدينة القدس الشرقية. وأصدرت حكماً يقضي بإلغاء قرار وزير الثقافة الأسبق، فاروق حسني، الذي صنف قبر أبو حصيرة ضمن الآثار المصرية. وقضت المحكمة كذلك بحظر أية زيارات يهودية إلى المقبرة مستقبلاً.

احتفالات اليهود
وجاء الحكم بالتزامن مع اقتراب موعد احتفال اليهود بمولد أبو حصيرة الذي يقع قبره في قرية ديمتيوه التابعة لمدينة دمنهور محافظة البحيرة. وأثار احتفال اليهود سنوياً بمولد أبو حصيرة الكثير من غضب المصريين، الذين طالبوا مراراً وتكراراً بمنعهم من إقامة هذه الإحتفالات، إلا أن السلطات المصرية لم تكن تلقي بالاً لانتقادات وغضب مواطنيها، وتوفر الحماية اللازمة للآلاف من اليهود القادمين من إسرائيل وفرنسا والمغرب سنوياً للإحتفال بالمولد.
ولم يكن الحكم الصادر اليوم الإثنين، الأول بشأن أبو حصيرة، بل سبق أن أصدرت المحكمة نفسها حكماً مماثلاً في العام 2001، ثم صدر حكم من المحكمة الإدارية العليا في العام 2004، وألغت قرار وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني بضم المقبرة للآثار، وتبين للمحكمة أن قبر أبو حصيرة، ليس أثراً، بل مجرد قبر عادي، ضمن مقابر عامة، أقيمت لليهود، مثل مقابر الصدقة للمسلمين والمقابر العامة للمسيحيين.
&
ضريح
أقيم قبر أبو حصيرة في العام 1880، إلا أن الطائفة اليهودية في مصر دأبت على الإحتفال بمولده منذ العام 1945، وتحول قبره إلى ضريح في ذلك التاريخ، بالإتفاق مع السلطات في عهد الملك فاروق الأول. وبعد توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل العام 1979، لبت السلطات المصرية طلب إسرائيل بتنظيم رحلات رسمية لليهود، من أجل&الاحتفال بالمولد، لمدة أسبوع سنوياً، ويحظى المحتفلون بحماية أمنية مشددة من قبل أجهزة الأمن المصرية.
ويقيم اليهود إحتفالاتهم ليلاً لمدة أسبوع سنوياً حول القبر في قرية ديمتيوه، بينما يغلق أهالي القرية أبواب منازلهم منذ حلول الليل، ولا يخرجون إلا في الصباح، بأوامر السلطات الأمنية. وتتمثل طقوس الإحتفالات في تلاوة الأدعية وأداء الصلاوات، والبكاء على القبر والتمسح به، وذبح الأضاحي، وتناول الفاكهة المجففة وزبدة والفطائر، وينادي المحتفلون أبو حصيرة بـ"ملك الإنسانية" أو "أسد الظلمات"، وهو في حالة شديدة من البكاء.

فرحة مصرية
وقوبل الحكم بالكثير من الإبتهاج في قرية ديمتيوه، وقال عبد الله نوفل، من الأهالي، إن الحكم ليس بجديد، فقد صدر العديد من الأحكام في السابق، مشيراً إلى أن الأهم هو تنفيذه. وأضاف لـ"إيلاف" أن أهالي القرية فرحوا بالحكم الذي يغلق الباب أمام محاولات إسرائيل التمسح في الأموات، وإيجاد موضع قدم لهم في مصر، بأية طريقة. ولفت إلى أن احتفالات اليهود الذين يحضرون إلى القرية تؤذي وتستفز الأهالي، لاسيما أنها تتنافى مع التعاليم الإسلامية، سواء احتساء الخمور أو الرقص، منوهاً بأن القرية كانت تتعرض لما يشبه حظر التجوال ليلاً بأوامر من الأمن، ويمنع الأهالي من الخروج، خوفاً على إزعاج اليهود أو التعرض لهم بأي أذى. ونبّه إلى أن القرية تعاني الإهمال الشديد، داعياً محافظ البحيرة إلى مد الخدمات والمرافق إليها.
&
خلافات تاريخية
وتختلف الكتابات التاريخية حول نسب أبو حصيرة، فثمة من يعود بنسبه إلى عائلة الباز الشهيرة في المغرب، ويدعى يعقوب بن مسعود، وهو حاخام يهودي من أصل مغربي، ولد في العام 1805 وتوفي في العام 1880، وينتمي إلى عائلة الباز المغربية، التي هاجر بعض أفرادها إلى مصر والجزائر ودول أخرى. وتذكر أنه غادر المغرب لزيارة أماكن مقدسة في فلسطين، إلا أن سفينته غرقت في البحر، وظل متعلقا بحصيرة قادته إلى سوريا، ثم توجه منها إلى فلسطين، وبعد زيارة الأماكن المقدسة فيها، في طريق عودته إلى المغرب عبر مصر، مات ودفن في قرية &دميتوه في دمنهور في مديرية البحيرة.
غير أن عميد عائلة أبو حصيرة الفلسطينية، الحاج محمد أبو حصيرة، قال في تصريح لصحيفة الشرق الأوسط نشر في 23 كانون الثاني (يناير) &2011، إن أبو حصيرة ينتمي إلى عائلتهم، وقال: "كنا في غزة لا نعلم شيئا عن مصيره، وكل ما تعرفه العائلة أنه ذهب إلى مصر، وحسب الرواية التي سمعناها من الآباء، قرر أحد رجال العائلة في غزة الذهاب لمصر للبحث عن جدنا، وفعلا ذهب إلى هناك حتى وصل للمكان المدفون فيه، والذي أسماه سكان البلدة بـ "أبو حصيرة"، لأنهم لا يعرفون اسمه، فسأل عن الضريح وسمع القصة من أهل البلدة، فقال لهم إنه جدي ونام عدة ليال بالقرب من الضريح قبل أن يعود إلى غزة، وبعد عودته أصبحت العائلة تقيم ذكرى سنوية لوفاته في غزة، وتحتفل بمولد أبو حصيرة، وأنا شخصيا زرت الضريح في مصر، وكذلك العديد من افراد العائلة".
ورفض أبو حصيرة الفلسطيني مزاعم اليهود حول نسبه إليهم، وقال: "معروف أن اليهود يقولون أشياء كثيرة حول أضرحة الصالحين، ويدعون ان هذا الضريح وذاك لهم، لأسباب معروفة. ولكن، بالنسبة لنا، الضريح الموجود في دمنهور في مصر هو قبر جد العائلة، وهي عائلة أبو حصيرة الفلسطينية المسلمة، أما عائلة أبو حصيرة اليهودية المغربية فلا أدري أسباب زعمهم ازاء هذا في مصر وإصرارهم على الاحتفال بالمولد سنوياً".
&
&