يبدو أن نتائج الانتخابات العراقية ستفرز تغييرًا في هرم السلطة وهيكلية العملية السياسية وتشكيلة مجلس النواب الجديدة بسبب تحول اتجاهات الناخبين وعلاقة إيران بأوضاع العراق وسوريا، فيما توضح مؤشرات هذه النتائج إلى تقدم ائتلافي الحكيم والمالكي شيعيًا والنجيفي سنيًا وبارزاني كرديًا.
لندن: أبلغ مصدر عراقي قريب من قيادات القوى العراقية quot;إيلافquot; أن حظوظ رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي لنيل ولاية ثالثة، التي يسعى اليها بقوة، ضعيفة لسببين خارجي وداخلي. وأشار إلى أنّ مباحثات أجراها في بغداد مؤخرًا قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني مع مختلف الزعماء السياسيين توصلت إلى نتيجة مفادها أن جميع القوى السياسية رافضة للتجديد للمالكي في رئاسة الحكومة.
وقال ان سليمان سعى جاهدًا لاقناعهم بقبول التجديد للمالكي، لكنه وجد رفضاً شديدًا، الامر الذي دعاه لإبلاغهم أنه سيترك الامر لصناديق الاقتراع. وأشار إلى أنّ إيران لا تريد عراقاً مضطربًا، فهي تسعى لاستقراره والتفرغ لمشكلة سوريا ولا تريد الانشغال بأوضاع بلد ثانٍ، إضافة إلى تورطها في سوريا حالياً، ولذلك فهي تعتبر في حكم المتخلية عن المالكي لصالح وضع ثقلها إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الاسد.
وحول توقعاته لشخصية رئيس الوزراء المقبل على ضوء المؤشرات الاولية لنتائج الانتخابات التي جرت امس، فقد أوضح المصدر أن رئاسة الوزارة ستكون بانتظارشخصية واحدةمن ثلاث شخصيات، هم نائب رئيس الجمهورية السابق القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي عادل عبد المهدي، ورئيس المؤتمر الوطني أحمد الجلبي، ورئيس الوزراء الاسبق زعيم القائمة الوطنية اياد علاوي.
وما يدعم حديث المصدر هذا أن موقع quot;تابناك quot; التابع للحرس الثوري الإيراني نشر تقريراً مطلع الاسبوع الحالي تحت عنوان quot;لا أحد يريد المالكي في العراقquot;. وتحدث الموقع الذي يعد من أهم المواقع شبه الرسمية في إيران عن السباق الإنتخابي البرلماني في العراق متقصيًا آراء المرجعية الدينية العليا والكتل السياسية الأخرى حول قائمة دولة القانون وشخص المالكي.
وأشار قائلا إلى أنّه quot;يمكن وبجرأة وصف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالشخصية الأقل حظاً في التحالفات المستقبلية لتولي المنصب مرة أخرى برغم إصراره هو وكتلته على الإستمرار في ولاية ثالثةquot;.
مؤشرات النتائج
وبحسب ارقام لنتائج الانتخابات اعلنت عنها الماكنة الانتخابية للقوى المتنافسة، فإنه على المستوى الشيعي فإن ائتلافي المواطن بزعامة عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى ودولة القانون بزعامة نوري المالكي رئيس الوزراء يتصدران النتائج، فيما انكفأ التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر ثالثًا.
اما على المستوى السني فإن ائتلاف متحدون للاصلاح بزعامة رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي قد نال معظم الاصوات، تلته قائمة اياد علاوي زعيم القائمة الوطنية، وهو شيعي يصوت له السنة عادة، ثم صالح المطلك رئيس مجلس الحوار الوطني نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات. ومن المفاجآت التي تشكل تطورًا في مواقف الناخبين العراقيين حصول الائتلاف المدني الديمقراطي، الذي يضم مرشحين شيوعيين وعلمانيين وليبراليين، على نتائج متقدمة لم تكن متوقعة.
وبحسب ماكنة الاحزاب الانتخابية، فإن ائتلاف المالكي والمتحالفين معه سينالون 67 مقعداً نيابيًا وائتلاف الحكيم 48 مقعدًا والصدر 31 مقعداً وائتلاف النجيفي 44 مقعدًا وقائمة اياد علاوي 23 مقعدًا وقائمة صالح المطلك 10 مقاعد والتحالف المدني الديمقراطي 11 مقعداً. وفي اقليم كردستان توضح المؤشرات الاولية نيل حزب بارزاني 20 مقعدًا وحركة التغيير 16 مقعداً وحزب طالباني 14 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 328 مقعداً.
اما بالنسبة للنتائج التي حصلت عليها الكتل بحسب المحافظات، فإن ائتلاف الحكيم متقدم في محافظات البصرة وذي قار والديوانية والمثنى وواسط والصدر في ميسان وبغداد، والمالكي في الحلة وبغداد وكربلاء والتصويت الخاص للقوات المسلحة، وعلاوي في بغداد.. والنجيفي في الموصل والانبار وطالباني في كركوك، وبارزاني في اربيل ودهوك، والتغيير في السليمانية.
وكان الحكيم أكد تقدمه في نتائج الانتخابات بعموم العراق، وقال في كلمة إلى الشعب العراقي الليلة الماضية إن بشائر انتصار ائتلافه بدأت تصل من معظم مناطق البلاد مؤكدًا أنه سيعمل بروح الفريق الواحد لخدمة العراق ومواطنيه.
وأضاف: quot;تنافسنا بقوة وكانت انضج واصعب انتخابات في تاريخ العراق الحديث.. وانتهى التنافس وبدأ العمل.. ويجب الاسراع باعلان نتائج الانتخابات بدون تزوير أو تأخير، فقد اضاع العراق الكثير من الوقت الثمين والشعب قال كلمته متطلعًا للمستقبل ونحن معه وكلنا امل وثقة وارادة بالمستقبل.. واوصي كل الشركاء السياسيين ان يكونوا كبارًا بحجم العراق ولنعمل معا كرجال دولة بعيدًا عن الانانية والذاتية ونحترم ارادة الشعب واختيارهquot;.
الجلبي يتهم قيادة القوات المسلحة بمصادرة صناديق الاقتراع
وقد اتهم احمد الجلبي، رئيس المؤتمر الوطني العراقي، القوات المسلحة بقيادة المالكي باقتحام مراكز انتخابية واخراج المراقبين ومصادرة صناديق الاقتراع. وأضاف الجلبي في تصريح صحافي مكتوب تسلمت quot;إيلافquot; نسخة منه الليلة الماضية، quot;مع تقدم ساعات الليل ازدادت وتيرة التقارير المؤكدة الواردة من مراقبي المؤتمر الوطني العراقي وقائمة المواطن عن قيام قوات عسكرية تابعة للجيش ولقوات سوات، باقتحام مراكز انتخابية واخراج المراقبين ومصادرة صناديق الاقتراعquot;.
وحذر الجلبي المفوضية العليا للانتخابات quot;من استمرار هذه الخروقات الفاضحة ومطالبها أن تقوم باتمام العملية الانتخابية من خلال اتمام عمليات العد والفرز بصورة نزيهة وبحضور مراقبي الكيانات السياسية وان تحدد الطرف الذي يقف خلف هذه الخروقات وتمنعه من الاستمرار فيهاquot;.
وجاء هذا التحذير متزامنًا مع اعلان قيادة عمليات بغداد عن فرض حظر للتجوال في العاصمة بدءًا من العاشرة مساء امس، وحتى الخامسة من صباح اليوم، بذريعة تأمين عمليات نقل صناديق الاقتراع من مختلف مناطق العراق إلى المركزين الرئيسيين لعد وفرز الاصوات في بغداد. لكن مصادر عبّرت عن مخاوف من حصول عمليات تزوير وتبديل لاوراق الاقتراع خلال نقل الصناديق إلى بغداد في غياب المراقبين وممثلي الكيانات السياسية المتنافسة.
وكانت مفوضية الانتخابات اعلنت مساء امس أن نسبة المشاركة في التصويت العام لانتخابات مجلس النواب بلغت 60% حيث شارك في التصويت 12 مليون ناخب من مجموع العدد الكلي للذين يحق لهم الاقتراع والبالغ 21 مليون ناخب.
يذكر أن عدد المرشحين الذين تنافسوا في انتخابات امس على مقاعد مجلس النواب البالغة 328 مقعدًا بلغ 9 الاف و 32 مرشحًا هم : 2607نساء و 6425 رجلاً، مع وجود كيان نسائي يضم 14 امرأة تم ترشيحهن عن محافظتي بغداد والبصرة.
اما مجموع الناخبين المسجلين في التصويت العام فقد بلغ 20 مليونًا و437 الفًا و 712 ناخبًا، بينما بلغ مجموع الناخبين المسجلين في التصويت الخاص لعناصر القوات الامنية مليونًا و23 الف ناخب، بالإضافة إلى 26 الفًا و350 ناخبًا من النازحين والمهجرين في مختلف محافظات البلاد.
وقد بلغ عدد مراكز الاقتراع العام 8 آلاف و75 مركز اقتراع، وعدد محطات الاقتراع 48 الفًا و852 محطة، فيما بلغ عدد مراكز الاقتراع الخاص 532 مركزاً بواقع 2662 محطة اقتراع.
كما وصل عدد وكلاء الكيانات السياسية المسجلين إلى اكثر من 100 الف وكيل كيان سياسي، بالإضافة إلى 1249 مراقبًا دوليًا سجلوا، فيما بلغ عدد المراقبين المحليين 37 الفًا و509 مراقبين.. وعدد الاعلاميين الاجانب المسجلين 278 اعلاميًا، بالإضافة إلى 1915 اعلاميًا محليًا.
التعليقات