طلب الفلسطينيون رسميا الجمعة من الامم المتحدة الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية حيث يمكن لهم ان يلاحقوا قادة اسرائيليين بتهمة ارتكاب "جرائم حرب". والقرار الفلسطيني الذي اثار غضب اسرائيل، تسبب باستياء ايضا لدى الولايات المتحدة التي اعتبرت ان من شأنه تاجيج النزاع في الشرق الاوسط.
وبعد يومين على توقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية، قدم السفير الفلسطيني في الامم المتحدة رياض منصور رسالة رسمية في هذا الصدد في مقر المنظمة الدولية في نيويورك. وهذا الطلب يفترض ان يدرسه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون على ان يبلغ الدول الاعضاء في المحكمة خلال مهلة 60 يوما.
وقال منصور "انها خطوة مهمة جدا"، مضيفا "نسعى الى احقاق العدالة لكل الضحايا الذين قتلوا بايدي اسرائيل، القوة المحتلة". وبعد الانسداد الكامل للافق السياسي الذي كان يفترض ان يتيح اقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا الى جنب مع اسرائيل، نفذ عباس الاربعاء تهديده الذي لوّح به منذ سنوات، ووقع طلب الانضمام الذي قدم رسميا الى الامم المتحدة الجمعة.
والانضمام الى المحكمة يمكن ان يتيح للفلسطينيين ملاحقة مسؤولين اسرائيليين امام القضاء الدولي بسبب دورهم في حروب مختلفة مثل حرب غزة صيف 2014 او السلوك كطرف محتل. وكان يمكن للفلسطينيين نظريا ان يكونوا اعضاء في المحكمة الجنائية الدولية اعتبارا من الوقت الذي نالت فيه فلسطين وضع دولة مراقب غير عضو في الامم المتحدة العام 2012. والمحكمة التي يوجد مقرها في لاهاي مهمتها ملاحقة منفذي ابادة وجرائم ضد الانسانية او جرائم حرب.
وجاءت خطوة عباس بعد فشل جهود استمرت اشهرا عدة لحمل مجلس الامن الدولي على اعتماد مشروع قرار يطلب انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية بحلول نهاية 2017. ونال مشروع القرار الفلسطيني ثمانية اصوات فيما كان يلزم تسعة اصوات من اصوات الدول الاعضاء الـ15 في المجلس من اجل اعتماده، شرط عدم استخدام اي من الدول الدائمة العضوية حق النقض (الفيتو).
لكن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة اعلن الجمعة ان القيادة الفلسطينية تدرس العودة إلى مجلس الأمن الدولي مجددا لتقديم مشروع قرار يطلب انهاء الاحتلال الاسرائيلي. وقال ابو ردينة في بيان ان "القيادة الفلسطينية تدرس العودة الى مجلس الامن الدولي مرة اخرى للحصول على قرار دولي بإنهاء الاحتلال، وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967".
ويبدو طلب الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية كاخر الاوراق في يد عباس لكن المسؤولين الاسرائيليين اعتبروه بمثابة اعلان حرب دبلوماسية. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان "نتوقع من المحكمة الجنائية الدولية ان ترفض في شكل قاطع الطلب الفلسطيني المنافق بالانضمام اليها، لان السلطة الفلسطينية ليست دولة بل كيان متحالف مع تنظيم ارهابي هو حركة حماس التي ترتكب جرائم حرب".
كما اثار تحرك عباس رد فعل شديد اللهجة من الولايات المتحدة، حليفة اسرائيل وابرز مانحي السلطة الفلسطينية. وتعارض واشنطن على الدوام الخطوات الاحادية الجانب للفلسطينيين امام هيئات دولية وتدافع عن مبدأ اجراء مفاوضات مباشرة اسرائيلية-فلسطينية لحل النزاع. واعتبرت وزارة الخارجية الاميركية الاربعاء الخطوة الفلسطينية بانها "غير بناءة على الاطلاق وتصعد الاجواء" مع اسرائيل وبانها "لا تفيد بشيء تطلعات الشعب الفلسطيني بان تكون له دولة سيدة ومستقلة".
لكن المبادرة الاخيرة لوزير الخارجية الاميركي جون كيري التي بدأت في تموز/يوليو 2013 انهارت في نيسان/ابريل بعد تسعة اشهر من الحوار المباشر غير المثمر. وهذا الفشل ادى الى فتور غير مسبوق في العلاقات بين الولايات المتحدة وحليفتها اسرائيل. وتعرض موكب دبلوماسي اميركي الجمعة لرشق بالحجارة قام به على ما يبدو مستوطنون اسرائيليون قرب مستوطنة عشوائية في الضفة الغربية المحتلة، كما اعلنت الشرطة الاسرائيلية.
وكانت الولايات المتحدة صوتت الثلاثاء في مجلس الامن ضد مشروع القرار الفلسطيني ووقفت مرة جديدة الى جانب حليفتها اسرائيل. ولم تضطر واشنطن لاستخدام حق النقض لان النص لم يحصل سوى على ثمانية اصوات مؤيدة. وصوتت مع المشروع فرنسا والصين وروسيا من الاعضاء الدائمين في مجلس الامن، فيما صوتت ضده الولايات المتحدة وامتنعت بريطانيا عن التصويت.
واعلن مسؤول اسرائيلي الجمعة ان بلاده اعربت عن "خيبة املها العميقة" للسفير الفرنسي الذي استدعته وزارة الخارجية الاسرائيلية بعد دعم باريس لمشروع القرار الفلسطيني. وقال المتحدث ايمانويل نحشون ان نائب مدير عام وزارة الخارجية، المسؤول عن اوروبا، افيف شير-اون استقبل السفير الفرنسي باتريك ميزوناف.
واشار نحشون الى ان شير-اون اعرب عن "خيبة امل عميقة" تشعر بها اسرائيل، واكد للسفير الفرنسي ان "الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام هي تشجيع الطرفين على استئناف المفاوضات وليس عبر تصريحات وحملات احادية الجانب".
التعليقات