يشهد حزب "نداء تونس" الحاكم خلافات عميقة بين تيارين اثنين يتصارعان على الزعامة داخل هذا الحزب العلماني. ويقول شق يقوده القيادي محسن مرزوق، إنّ نجل الرئيس الباجي قائد السبسي يريد توريث الحزب لمصلحته، وهو ما ينفيه نجل الرئيس.


عبدالباقي خليفة من تونس: يبدو أن اللقاء المرتقب بين نائب رئيس حزب نداء تونس، حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس الباجي السبسي، والأمين العام للحزب، محسن مرزوق، قد يكون الفرصة الأخيرة لرأب الصدع الذي يعاني منه حزب نداء تونس، منذ تأسيسه سنة 2012 . والمتمحور بالخصوص، حول خلافة الباجي قايد السبسي، وقيادة الحزب.

والتقى قياديون ونشطاء في حزب نداء تونس في إطار ندوة عقدت في جزيرة جربة (جنوب)، وانتهت أشغال هذه الندوة مشفوعة بتوصيات، سيكون لها ما بعدها، ومنها دعوة الهيئة التأسيسية للحزب للانعقاد وتنظيم المؤتمر التأسيسي للحزب في ديسمبر القادم، وتثبيت القيادات الحالية على مختلف مستوياتها، لتنجز المؤتمر.

وعلى الفور، أعلن نائب رئيس الحزب، حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس التونسي، عن لقاء مرتقب له مع الأمين العام للحزب، محسن مرزوق، الذي يقود جناحا مناهضا لتولي السبسي الإبن منصبا رفيعا في الحزب، قد يؤهله لخلافة أبيه.

وأعلن حافظ قايد السبسي أنه سيلتقي محسن مرزوق مؤكدا عدم وجود إشكال شخصي بينهما.

وأشار إلى تركيز لجنة للتفاوض مع الهيئة التأسيسية، بخصوص توصيات ندوة جربة التي اختتمت أعمالها الأحد، على أن يعقد اجتماع الأسبوع المقبل لإصدار بيان يتضمن مختلف المقترحات.

وكان الاجتماع المذكور قد أوصى باتخاذ التدابير اللازمة ضد إثنين من المناهضين لتوريث قيادة الحزب لنجل السبسي، وهما لزهر العكرمي، وعبد المجيد الصحراوي المحسوبين على جناح مرزوق داخل نداء تونس.
&
اجراءات باطلة

قال القيادي في حزب نداء تونس، لزهر العكرمي، إنّ الاجراءات التأديبية ضده، وضد عبد المجيد الصحرواي، المنبثقة عن اجتماع جربة "ليست قرارات"، بل تمثلت في دخول أحد الأشخاص إلى قاعة الاجتماع وتقدم بلائحة ضده وضد الصحراوي مطالبا الجميع بالامضاء عليها، ولم يوقع عليها أحد حسب العكرمي.

وجدد العكرمي موقفه من الاجتماع قائلا:" هذا الاجتماع باطل، وليس له أي قيمة وضد إرادة المكتب السياسي والمكتب التنفيذي ومؤسسات الحزب"، على حد تعبيره.

وعد الاجتماع" توريثا لحافظ قايد السبسي" وأنه يرفض عودة النظام البائد وعودة التوريث على حد تعبيره.

وكان القيادي الآخر خميس قسيلة قد أكد على أن" أغلب نواب الحزب في البرلمان وأعضاء المكتب التنفيذي والمنسقين الجهويين (الاقليميين) قرروا مقاطعة الهيئة التأسيسية للحزب نهائيا وعدم اعتبار أي من قراراتها ودعوتها إلى حل نفسها نتيجة عجزها عن صياغة حل توافقي للازمة القيادية المتفجرة منذ تفرغ الباجي قايد السبسي لرئاسة الجمهورية، إلى جانب احتجاجهم على اقصاء كل من محمد الناصر، وحافظ قايد السبسي، وفاضل بن عمران، من عضويتها".

صوت التوافق

إلى ذلك عبر القيادي بنداء تونس، خالد شوكات، والذي يعد من عناصر التيار الوفاقي داخل الحزب، أن اجتماع جربة كان اجتماعا هاما حضره أغلب وزراء الحركة وعدد كبير من نوابها وضم ما يقارب الألف من القيادات وهو موجه بالأساس للمنسقين الاقليميين والمحليين وأعضاء المكاتب الاقليمية، على حد وصفه.

وأردف" هذا الاجتماع كان أبعد ما يكون عن الانقلاب أوالانفصال أو الانشقاق".

أضاف: "كل الرسائل السياسية والإخلاقية& المنبثقة عن الاجتماع تؤكد تمسك الندائيين بإرادة التنوع واستمرارية الحزب"، وأشار في الوقت ذاته إلى أن معارضة التوريث لا تعني معارضة حقوق حافظ قايد السبسي، باعتباره قياديا بارزا في تأسيس الحركة، فهو يقف على قدم المساواة مع كل الندائيين الذين يطمحون في قيادة هذه الحركة واعتلاء أعلى مناصبها".

وأقر بأن "مشكلة نداء تونس لا تنحصر في الخصومات الشخصية والصراعات على مواقع القيادة".

مآلات الصراع
&
وكان الناطق الرسمي باسم حركة نداء تونس بوجمعة الرميلي، قد ذكر في وقت سابق أن "الخلاف الموجود داخل نداء تونس هو خلاف على المواقع".

أضاف: "الخلاف مبني على التنافس الشخصي من أجل المسؤوليات"، نافيا أن يكون خلافا فكريا وسياسيا داخل الحزب.

وقد اختلف المراقبون حول انعكاسات الصراع داخل الحزب الأول في البرلمان (86 مقعدا) وتداعياته على الأوضاع في البلاد، وسط مخاوف من انقسام الحزب، وتغير الخارطة السياسية والحزبية على مختلف المستويات، إذ أن انقسام نواب كتلة الحزب في البرلمان ستفضي آليا لتصدر حزب حركة النهضة (69 مقعدا) للأغلبية، وربما تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة إذا لم يحصل توافق على الحكومة الحالية أو أي حكومة بديلة.