تتحضّر تونس لمزيد من التوتر السياسي والشعبي على خلفية عزل بعض أئمة المساجد، فيما ترتفع الأصوات المطالبة بعزل وزير الشؤون الدينية، عثمان البطيخ، وبإعادة الأئمة المعزولين.
تونس: تحوّل الرفض الذي أبدته مروحة واسعة من أئمة المساجد المتمثلين في "المنظمة التونسية للشغل"، والتي ينضوي تحت لوائها غالبية أئمة المساجد في تونس، إلى تظاهرات مشابهة لتلك التي شهدتها مدينة صفاقس. هذا ومن المنتظر أن تشهد العاصمة تونس تظاهرة ضخمة، الإربعاء المقبل في ساحة القصبة أمام وزارة الشؤون الدينية، &للمطالبة بعزل وزير الشؤون الدينية، الشيخ عثمان بطيخ.&
إعادة الأئمة
&
الآلاف من أنصار الشيخ رضا الجوادي، انطلقوا، بعد تأدية صلاة العصر، من جامع اللخمي في مدينة صفاقس باتجاه مقر المحافظة، مستنكرين&قرار عزل الجوادي ومطالبين بإعادته &للإمامة، هو وجميع من تم عزلهم في الفترة الأخيرة، وفي مقدمهم، وزير الشؤون الدينية الأسبق، الدكتور نور الدين الخادمي، ورئيس نقابة الأئمة، شهاب الدين تليش، وإمام جامع اللخمي، رضا الجوادي، وإمام جامع مساكن، بشير بن حسن. كما طالب المتظاهرون بعزل وزير الشؤون الدينية الحالي، الشيخ عثمان بطيخ، الذي يتهمه البعض بالبهائية، وآخرون بالفساد، وفق ما جاء على لسان المحامي، سيف الدين مخلوف، الذي أكد تقدّمه بشكوى ضد الوزير .&
&
وقال الشيخ رضا الجوادي، الذي يقود الحراك الجماهيري في صفاقس "الحمد لله، هذه إرادة الشعب في صفاقس، الرفض المطلق لقرارات وزارة الشؤون الدينية الظالمة، والمطالبة بإرجاع كل الأئمة المعزولين"، وأضاف: "فهل يستجيب رئيس الحكومة لإرادة الشعب؟".&
&
ومن المقرر أن تشهد تونس العاصمة، الأربعاء المقبل، تظاهرة ضخمة لتحقيق هذه الأهداف، لا سيّما لجهة إعادة الأئمة المعزولين الذين لم يتورطوا في التحريض والإرهاب. ويُعتقد بأن "الخادمي" و "تليش" و "الجوادي" &و "بن حسن"، في مقدمهم.&
&
عزل الوزير&
&
إلى ذلك، فقد أنشأ ناشطون صفحة على مواقع التواصل الإجتماعي تدعو لعزل وزير الشؤون الدينية، الشيخ عثمان بطيخ، "نظرًا للإجراءات المتعاقبة التي اتخذتها وزارة الشؤون الدينية، وآخرها عزل عدد من الأئمة الأكفّاء والمشهود لهم بالاعتدال والوسطية ومجابهة الفكر التكفيري، مرورًا بإغلاق المساجد والسعي لتكريس السياسة التي كانت قائمة وفق المنظومة السابقة، والتي من شأنها أن تهدد السلم الاجتماعي، وتغذي الفكر المتطرف، وتدعم الارهاب عوض مجابهته ومحاربته".
&
وتابع الناشطون: "شعورًا منا بخطورة تداعيات مثل هذه الاجراءات اللامسؤولة على وطننا وشعبنا، نقدّم لكم هذه العريضة بهدف جمع أكبر عدد من التواقيع لتقديمها إلى أعضاء مجلس نواب الشعب ودفعهم لممارسة مسؤولياتهم تجاه شعبهم الذي انتخبهم، عبر الضغط على رئاسة الحكومة لإقالة المسؤول عن هذه الوزارة". وقد تم جمع ما يزيد عن 14 ألف توقيع، ما دفع وزير الشؤون الدينية، عثمان البطيخ، إلى القول: "لو جمعوا 20 ألف توقيع، لن أتراجع عن قرار عزل الجوادي".&
&
القائمون على حملة عزل الوزير، يؤكدون أنهم لا يتبعون حزبًا سياسيًا ولا جماعة بعينها، وأن "الهدف من هذه الحملة هو وقف استهداف المساجد، والذي لا يقل خطورة عن الارهاب المسلح، عبر إثارة القلاقل والبلبلة داخل المجتمع التونسي"، ويتابعون في احد بياناتهم المنشورة: "مساندة الشيخ بشير بن حسن، والجوادي، والدكتور الخادمي، ليست مساندة لأشخاصهم، وإنما لما يحملون من فكر وسطيّ ومعتدل".
&
دور اليسار&
&
في حين أن أطراف سياسية واعلامية أكدت أن الشيخ بطيخ لا يملك من أمره شيئًا، وأن هناك جهات لها نفوذ عليه، ليس من بينها رئيس الحكومة الحبيب الصيد، ولا رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي. ويشيرون الى اطراف يسارية نافذة في البلاد، تريد توتير الأوضاع بهدف ضرب التحالف القائم بين حزبيّ النداء والنهضة، مشيرين إلى كتبة القيادي البارز في الجبهة الشعبية (اليسار الشيوعي)، زياد لخضر، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، في تعليقه على منع الإمام في جامع اللخمي من إرتقاء المنبر وإلقاء خطبة الجمعة من قبل المصلين بالقول: "ما حصل في جامع اللخمي يكشف دون لبس أن لا حرمة للمساجد عند هؤلاء، وأن شعائر الدين لا تعني شيئًا كبيرًا أمام المصالح الحزبية الضيقة، والارتباطات الاقليمية وما تمليه من مواقف وسلوكيات"، وتابع: "نحن مع قرار إقالة التكفيري رضا الجوادي".&
&
"النهضة" يرفض&
&
حزب النهضة، المعروف بخلفيته الاسلامية، أعطى أوامره للمنتسبين بعدم المشاركة في التظاهرات، وذكر العديد من المصادر أنهم استجابوا لدعوة قياداتهم، رغم رفض الحزب "اقالة الكفاءات المعروفة باعتدالها واستقلاليتها، مثل وزير الشؤون الدينية الأسبق الدكتور نورالدين الخادمي، والشيخ بشير بن حسن، والشيخ تليش، والشيخ الجوادي وآخرين".
&
على الرغم من ذلك، فإن رئيس مجلس شورى الحزب، فتحي العيادي، كان واضحًا في رفض الإقالات، معتبرًا أن "السياسة التي يعتمدها الوزير البطيخ في عزل بعض الائمة، هي نفس السياسة التي استعملها بن علي في تجفيف منابع التدّين، وهي تُفقد تونس مناعتها ضد الارهاب"، وأضاف: "حزب النهضة سيتصدى لهذه السياسة التي يجب أن تنتهي".
&
ضد الإقالات&
&
كما إن عددًا من نواب مجلس الشعب استنكروا هذه الإقالات، الأمر الذي قد يجر السلطة التشريعية إلى خوض صراعات منتظرة، فقد علق النائب حبيب خضر بالقول: "عزل بعض الأئمة من طرف الوزير عثمان بطيخ، يدعو للتساؤل عن مدى وعي الوزير لخطورة هكذا قرارات، لا سيّما وأن بعض هؤلاء الأئمة هم من رموز الاعتدال والوسطية"، وأضاف: "عزل الأئمة المعتدلين هو دعم غير مباشر للارهاب". كما واعتبرت النائبة يمينة الزغلامي أن "وزير الشؤون الدينية بصدد تصفية حسابات سياسية مع عدد من الأئمة المعتدلين"، وأردفت: "عثمان بطيخ يحاول إرباك العمل الديني في البلاد من خلال اقالات تعسّفية لائمة الاعتدال، وهو بذلك يربك سياسة الدولة في مكافحة الارهاب".&
&
جدير بالذكر أن أزمة الأئمة تُشكل إضافة نوعية للتوتر العام الذي تشهده تونس، وذلك في ظل تفاقم البطالة التي لامست الـ 16%، وزيادة الاحتقان الاجتماعي، وضعف النمو الإقتصادي، هذا ناهيك عن تقارير دولية متخصصة تؤكد أن" تونس تتصدر البلدان الأكثر تعاسة في العالم".&
التعليقات