&
تونس:&يعتنق شبان تونسيون الفكر الجهادي بسبب خيبة أملهم حيال "الثورة" التي اطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وشعورهم القوي بالتهميش، واستمرار عنف الشرطة، وفقا لخبراء ونشطاء في المجتمع المدني.
وتعتبر بلدان غربية تونس "استثناء" في منطقة "الربيع العربي" التي سقطت غرقت دولها في العنف والفوضى او ارتدّت الى الدكتاتورية.&
&
ونهاية 2014، تمكنت البلاد للمرة الاولى في تاريخها، ورغم صعوبات، من اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ديمقراطية وحرة.
&
لكن تونس هي اليوم أول مصدر عالمي للجهاديين نحو جارتها ليبيا وسوريا والعراق، إذ يبلغ عدد مواطنيها الذين يقاتلون بهذه البلدان نحو 3000.
والأسبوع الماضي أصيب التونسيون بالصدمة بعدما أعلنت السلطات ان "الارهابي" سيف الدين الرزقي (23 عاما) الذي قتل 38 سائحا أجنبيا وأصاب 39 في هجوم بكلاشنيكوف على فندق "امبريال مرحبا" بولاية سوسة (وسط شرق)، هو طالب ماجستير في "المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا" بجامعة القيروان (وسط شرق).
&
وتبنى ننظيم الدولة الاسلامية هذا الهجوم، الاكثر دموية في تاريخ تونس.
وتعتبر الباحثة التونسية ألفة لملوم رئيسة الفرع التونسي لمنظمة "انترناشونال ألرت" أن انضمام اعداد كبيرة من الشبان التونسين الى تنظيمات جهادية أمر "غير مستغرب".
&
وقالت لفرانس برس ان كثيرا من شباب تونس توقعوا تحسن الاوضاع في بلادهم بعد الثورة التي اطاحت بن علي.
لكن "أغلبهم" اصيبوا "بخيبة امل شاملة" و"يعتقدون ان شيئا لم يتغير" في تونس.
&
وأضافت أن هؤلاء "مازالوا عاطلين عن العمل، من دون تأمين صحي، مقصيين من الساحة السياسية الرسمية، يواجهون فساد الادارة، وهم في كثير من الاحيان ضحايا لعنف الشرطة".
ولا يزال كثيرون في تونس ينظرون الى الشرطة على انها رمز للقمع والتعسف مثلما كانت في عهد الرئيس المخلوع. ولم يشهد جهاز الامن التونسي اي عملية اصلاح جوهرية منذ الثورة.
&
ويعتقد نحو 70 بالمئة من التونسيين أن الشرطة هي الجهاز الأكثر فسادا في البلاد، تليها الاحزاب السياسية (66 %) ثم القضاء ( 59 %)، وفق نتائج استطلاع للرأي نشرته منظمة الشفافية الدولية في تموز/يوليو 2013.
&
وقال علاء الطالبي المدير التنفيذي لمنظمة "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" لفرانس برس "في الاحياء الفقيرة مثل حي التضامن ودوار هيشر (وسط العاصمة) وفي كل الاحياء المهمشة، الشرطة هي العدو الرئيسي المشترك للجماعات السلفية والجهاديين وشبان ليسوا بالضرورة أصوليين". &&
&
وتعاني منظومة التعليم في تونس من مشاكل كما ان اقتصاد البلاد لم يعد قادرا على توفير وظائف مناسبة لخريجي الجامعات الذين يمثلون اليوم اكثر من 30 بالمئة من اجمالي العاطلين عن العمل وفق الاحصائيات الرسمية.
&
ولفتت لملوم الى ان الشهادات الجامعية "لم تعد تضمن الصعود الاجتماعي للشباب. بل الأسوأ من ذلك انه كلما كان الشاب يحمل شهادات اكثر (جامعية) كلما تضاءلت حظوظه في الحصول على عمل".
والنتيجة هي "الرفض التام للدولة وسياساتها، الدولة التي ثبت انها غير قادرة على منح الامل وضمان المساواة في الفرص". & &&
&
وليس الفقر وحده المسؤول عن التطرف في تونس، فقد انضم شبان من الطبقة المتوسطة الى مجموعات متطرفة بدافع "البحث عن معنى" بحسب مونيكا ماركس الباحثة الزائرة في "المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية" (مركز ابحاث).
وقالت الباحثة ان التنظيمات الجهادية التي ينضم اليها هؤلاء لا تعطيهم رواتب فقط بل ايضا ايديولوجيا وشعورا بالانتماء وامكانية ان يصبحوا "ابطالا او مقاتلين من اجل الحرية".
&
وفي أحياء فقيرة مثل حي التضامن، تنشط شبكات لتجنيد جهاديين ثم تسفيرهم الى الخارج، حسبما افاد فرانس شاب عاطل عن العمل يدعى وليد يسكن هذا الحي.
وقال وليد (20 عاما) "يكفي ان تذهب الى المسجد من وقت لآخر. هناك سيأتي من يقوم بغسل دماغك".
&
وبعد هجوم الاسبوع الماضي على فندق "امبريال مرحبا" في سوسة، أعلنت الحكومة انها ستغلق 80 مسجدا بنيت من دون تراخيص من وزارة الشؤون الدينية و"تحرض على الارهاب".
وأكد وليد ان شبكات تجنيد الجهاديين تتحرك في كنف السرية "في العديد والعديد من المساجد".
&
&أما صديقه جمال الدين (28 عاما) الذي كان يدخن سيجارة ويلعن واقع ابناء جيله، فقال "اريد ان اعيش حياة جيدة، اريد حقوقي".
واضاف ان كثيرا من الشبان يجدون انفسهم امام "خيارين فقط: إما السفر (بشكل غير قانوني) الى اوروبا او الانضمام الى داعش في العراق او سوريا".
&