تواصل السلطات المصرية عمليات البحث وانتشال جثث ضحايا الطائرة الروسية المنكوبة، التي سقطت في وسط سيناء. وبدأت الجهات الفنية في وزارة الطيران المصرية في تحليل بيانات الصندوقين الأسودين في الطائرة، بمساعدة جهات فنية روسية وفرنسية.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: على مسافة تصل إلى 15 كيلو مترا في جبال سيناء، تجري أعمال انتشال أشلاء ضحايا الطائرة الروسية المنكوبة، وبدا المشهد مروعاً، لاسيما أن متعلقات وملابس وحقائب الضحايا تتناثر على رؤوس الجبال، بينما تحطمت الطائرة تماماً، وتحولت إلى قطع حديدية صغيرة.
وعثرت فرق الإنقاذ على جثمان الطفلة دارينا جروموفا، البالغة من العمر عشرة أشهر، ووالديها ألكسي وتاتيانا، وتحولت "جروموفا" إلى رمز لهذه الكارثة، باعتبارها أصغر الركاب، فضلاً عن أن والدتها أطلقت عليها لقب "الراكب الأهم"، ونشرت صورة معبرة لها على "الانستغرام" وهي تقف خلف إحدى نوافذ مطار بولكوفا في مدينة سان بطرسبورغ. وتقول البيانات الرسمية إن 25 طفلاً من ضمن الضحايا.
وعلمت "إيلاف" أن لجنة فنية دولية من خبراء الطيران مكونة من مصريين وروسيين وفرنسيين تعمل على تحليل بيانات الصندوق الأسود في القاهرة، لمعرفة أسباب سقوطها المفاجئ، وتجري عمليات التحليل في أحد مختبرات وزارة الطيران.
ووصلت 3 طائرات روسية تقل عدداً من المسؤولين الروس على رأسهم وزير النقل، ووزير الطوارئ، ووزير الطيران المدني، بالإضافة إلى أطقم البحث والتحقيق والإنقاذ، وعدد من المعدات اللازمة لعمل الفريق الروسي.
وما زال الغموض يحيط بأسباب سقوط الطائرة، ومازالت كل الإحتمالات قائمة، بما فيها العمل الإرهابي، لاسيما مع إعلان تنظيم ما يعرف بـ"ولاية سيناء" التابع لـ"داعش" مسؤوليته عن اسقاط الطائرة، إلا أن احتمال العطل الفني هو الأكثر ترجيحاً حتى الآن.
وقال المهندس محمود سالم، الخبير في شؤون الطيران، لـ"إيلاف"، إنه من المبكر الجزم بأي سبب وراء سقوط الطائرة، مشيراً إلى أن عمليات الفحص والدراسة قد تستغرق أشهراً، لاسيما أن حوادث الطيران معقدة للغاية.
وأضاف أن هناك حوادث وقعت ومرت عليها سنوات طويلة، وما تزال أسبابها غامضة، ومنها حادث الطائرة المصرية عام 1999، وحادث الطائرة الماليزية الأولى.
ولفت إلى أن الترجيحات تشير إلى وقوع خطأ أو عطل فني أثناء التحليق في السماء أدى إلى سقوط الطائرة من ارتفاع يصل إلى 31 ألف قدم.
وقال إنّ التحقيقات تشير إلى أن عمليات الصيانة قبل الإقلاع أجريت للطائرة حسب المواصفات القياسية المعمول بها دولياً، كما أجريت عمليات تحليل للوقود الذي تزودت به ووجد أنه مطابق للمواصفات أيضاً.
ونبه إلى أن احتمالات وقوع عطل فني، لاسيما أن الطائرة قديمة هي الأكثر ترجيحاً، مشيراً إلى أن قناة "إن تي في" الروسية نقلت عن الزوجة السابقة لمساعد قائد الطائرة، قولها إن الطيار المساعد شكا الحالة الفنية السيئة للطائرة قبل الإقلاع.
وأعلنت لجنة الطيران في رابطة الدول المستقلة أنه من المبكر الحديث عن أسباب سقوط الطائرة.
وقال المدير التنفيذي للجنة فيكتور سوروتشينكو، بعد تفقده موقع سقوط الطائرة في سيناء إنه "من المبكر بعد الحديث عن النتائج، فالتحطم حدث في الجو، وتطايرت الأجزاء على مساحة كبيرة تبلغ نحو 20 كيلو مترا مربعا".
فيما كشف ريتشارد كويست الخبير في الشؤون الملاحة الجوية بقناة "سي إن إن" أن الطائرة الروسية "آيرباص "A321 التي تحطمت في سيناء، تعرضت قبل سنوات لحادث بسيط في رحلة من العاصمة اللبنانية بيروت إلى القاهرة، موضحاً: "هذه الطائرة بالتحديد تعرضت لما يُعرف بـ(ضربة للذيل) حيث إنه وخلال رحلتها من بيروت إلى القاهرة في العام 2001 ضرب ذيل الطائرة أرض مدرج مطار القاهرة خلال عملية الهبوط الأمر الذي تطلب إجراء صيانة لها."
وأضاف: "قد لا يعني هذا أي شيء ولكن (ضربة الذيل) خلال عمليات الإقلاع والهبوط هو أمر يحذّر منه طيارو الـA321 لأن هذا الطراز أطول من الطرازات السابقة لطائرات الـA318 وA319 وA320،" مشيراً إلى أنه "يوجد نحو 6 آلاف طائرة من هذا الطراز والفرق الوحيد هو أنها تصبح أطول لاستيعاب عدد ركاب أكبر".
ولفت كويست إلى أن الطائرة الروسية تحطمت في أكثر لحظات التحليق أمنا "مضى على وجود الطائرة في الجو 23 دقيقة، أي جرى تشغيل التحليق الآلي، وستصل الطائرة إلى الارتفاع الأقصى، ويجب أن يكون كل شيء على ما يرام"، مستبعداً أن يكون هناك عمل مسلح لإسقاط الطائرة، وقال: "لا يوجد أي دليل على إمكانية إسقاط الطائرة".
غير أن شركة "كوغاليم آفيا" صاحبة الطائرة المنكوبة، ترفض هذه الفرضية، وترجح تعرض الطائرة إلى عمل خارجي.
وقال ألكسندر سميرنوف نائب مدير عام إن الشركة ترجح تعرض الطائرة لتأثير خارجي، باعتباره التفسير الواقعي الوحيد لما أعلنه المحققون عن تفكك الطائرة وهي في الجو، قبل سقوطها على الأرض.
وفي السياق ذاته، أعلن معظم شركات طيران منطقة الخليج، وبعض شركات الطائرات الدولية، ومنها الفرنسية ولوفتهانزا الألمانية، إنها ستغير مسارات رحلاتها لتحاشي التحليق فوق شبه جزيرة سيناء المصرية، بعد مقتل 224 شخصا في تحطم طائرة روسية في المنطقة يوم السبت.
وقالت شركات طيران من دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت إنها ستغير مسار رحلاتها كاحتياط أمني إلى أن يصبح هناك وضوح أكثر.
وأثارت هذه الخطوة استياء السلطات المصرية، وحذّر سامح شكري، وزير الخارجية، بعض الدول ما سماه "اتخاذ إجراءات توحي بأسباب غير حقيقية لكارثة الطائرة الروسية"، مطالبًا بـ"ضرورة انتظار انتهاء التحقيقات لمعرفة ملابسات الحادث".
وقال شكري، في تصريحات صحافية إنه اتصل بنظيره الروسي سيرجي لافروف وقدم له العزاء، لافتًا إلى التأكيد على التعاون الكامل مع الجانب الروسي، وحرص مصر على كشف ملابسات الحادث، مشيرا إلى الإعلان عن نتائج التحقيقات وملابسات الحادث فور التوصل إليها.
وأضاف: "من المهم البحث في أسباب الحادث، ونحن بصدد ذلك، يجب أن نكون حذرين حيال ما يعلن، ويجب ألا تتخذ الدول الأخرى إجراءات تحمل أي نوع من الإيحاء الذي لا يعكس حقيقة الأمر"، مشيرًا إلى أن "ذلك له تأثير ضار على الاقتصاد".
وطالب حكومات الدول بأن "تراعي العلاقات التي تربطها بمصر وألا تفترض أي شيء إلا عندما تكتمل التحقيقات".
وقدم شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء المصري العزاء للسفير الروسي في القاهرة. وأكد رئيس الوزراء التنسيق الكامل بين الجانبين المصري والروسي في متابعة تداعيات الحادث.
وقال: أكدنا للسفير الروسي أننا على استعداد تام لتقديم كل الدعم المطلوب لنجاح فريقي العمل المصري والروسي فى تنفيذ مهامهم.
التعليقات