كيف أصبحت سيناء منطقة جاذبة للإرهابيين؟ سؤال طرحته صحيفة "غارديان" البريطانية، وحاولت الإجابة عليه، وقالت الصحيفة إن شبه الجزيرة كانت تضم الكثير من العناصر المتشددة، لكنها تحولت إلى تبني الفكر الأيديلوجي مع ظهور تنظيم داعش في العراق ومبايعة المتشددين له.&
بينما قال خبراء في الإرهاب لـ"إيلاف"، إن سيناء تحولت إلى منطقة جاذبة للإرهابيين في أعقاب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، وفي أثناء حكم جماعة الإخوان المسلمون.
مع تزايد احتمال اسقاط الطائرة الروسية إيرباص فوق سيناء، بسبب زرع قنبلة بداخلها قبل الإقلاع من مطار شرم الشيخ، &كتبت صحيفة "غارديان" البريطانية، تقريراً بعنوان "لماذا أصبحت سيناء مكاناً جاذباً للإرهابيين"، وقالت الصحيفة إن "شبه جزيرة سيناء كانت معقلاً لعناصر متشددة حتى قبل ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)"، مشيرة إلى أن سيناء "تحولت إلى تبني فكر هذا التنظيم عبر بيعتها لزعيمه أبي بكر البغدادي، وأصبحت تسمى بـ(ولاية سيناء) بعد أن كان اسمها أنصار بيت المقدس". ولفتت إلى أن سيناء ذات الكثافة السكانية القليلة كانت ومازالت ملجأ للمهربين والمجرمين، قبل أن "تبدأ الحركات الإسلامية المتشددة بإيجاد موطيء قدم لها هناك".
وأضافت الصحيفة أن الجماعات المتشددة في سيناء استطاعت شن هجمات مسلحة ضد القوات المصرية، منذ العام 2004، مشيراً إلى أنها استطاعت اسقاط طائرة هيلكوبتر في العام 2014، باستخدام صاروخ أرض جو محمول على الكتف. وتابعت: "الصراع في سيناء اتخذ طابعاً أيديولوجياً بعد أن بدأت الجماعات الإسلامية بالظهور، وإذا ما كان تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية سيناء هو فعلاً من أسقط الطائرة الروسية، فإن ذلك يعد تطوراً لافتاً في قدرة هذه الجماعات التي بدأت منذ فترة بمشاغلة القوات المصرية وشنت عدة هجمات مسلحة"، مشيرة إلى أن فرضية اسقاط الطائرة الروسية بتفجير قنبلة، فإنه "سيكون الهجوم هو الأول من نوعه الذي تستخدم فيه قنبلة داخل الطائرة منذ العام 2004، حيث سقطت طائرة روسية أيضاً بتفجير مماثل".
ونقلت "غارديان" عن مهند صبري، المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة، قوله إن "سيناء جمعت كل التيارات الجهادية تحت مظلة (ولاية سيناء)، التي بايعت تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، لتكون بذلك أقوى فرع للتنظيم خارج العراق وسوريا".
وأضاف أن "تنظيم ولاية سيناء يضم قرابة 500 إلى 600 مقاتل. والذين لديهم قدرات عسكرية عالية لا يتجاوز عددهم بضع عشرات، أما البقية فأغلبهم عناصر عسكرية عادية يُزج بهم في ساحات المواجهة".
ووفقاً للصحيفة البريطانية، فإنه "رغم صغر عدد المجموعة التي يتألف منها تنظيم ولاية سيناء، فإن تأثيرها كبير، فشن عدة هجمات ضد القوات الحكومية والمصالح الاقتصادية في المنطقة، وخاصة في أكتوبر/تشرين الأول ويناير/كانون الثاني ويوليو/تموز الماضيين، ونجح التنظيم في إسقاط طائرة مروحية تابعة للجيش المصري، وسيطر على عدة مناطق، فضلاً عن عمليات مسلحة أدت إلى سقوط العشرات من عناصر الجيش".
وتعزي الصحيفة تحول سيناء إلى معقل للمتشددين، إلى "عدم ثقة الأهالي بالسلطة في القاهرة جعل من سيناء ممراً آمناً للتهريب والمهربين، كما أنها أصبحت ملجأ لهم، وهو ما سهل على التنظيمات المتطرفة محاولة إيجاد مكان لها في هذه المنطقة، وعلى الرغم من أن القبائل التي تنتشر في سيناء ترفض التطرف، فإن هذه الجماعات نجحت في تحدي القبلية مستغلة غياب التنمية وعدم الشعور بالانتماء التي يعيش في ظلها أغلب بدو سيناء". على حد قول الصحيفة.
وقالت الصحيفة إن الرئيس الأسبق حسني مبارك، حاول التغلب على المتشددين، عبر تنمية جزء من سيناء، وأضافت: "سعى (مبارك) إلى تحويل جزء من سيناء إلى منتجعات سياحية، انتشرت على شواطئها الفيلات الكبيرة والشواطئ الخلابة، وتم تشجيع السياحة بشكل كبير، غير أن غياب برامج التنمية الواسعة، أفقد شعبها الشعور بالانتماء إلى مصر"، حسبما أوردت الصحيفة.
غياب التنمية والفوضى التي أعقبت ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وسيطرة جماعة الإخوان المسلمون على الحكم، سمح بانتشار الإرهابيين في سيناء. وقال اللواء علي حفظي، محافظ شمال سيناء الأسبق، لـ"إيلاف" إن غياب التنمية هو سبب رئيس في انتشار المتشددين في سيناء، مشيراً إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر توجيهاته بضرورة البدء فوراً في عمليات التنمية بمشاركة القوات المسلحة. ولفت إلى أن التنمية هي العامل الأهم في القضاء على المسلحين بالتزامن مع ضربات القوات المسلحة لمعاقلها.
واتهم جماعة الإخوان بالتسبب في انتشار الإرهابيين في سيناء، لافتاً إلى أن الرئيس السابق محمد مرسي كان يغل يد الجيش والشرطة في الحرب ضد الإرهاب، وفي الوقت نفسه سمح بحرية الحركة للجهاديين فيها، وكانت سيناء في عهد أقرب ما تكون إلى إمارة إسلامية، وأوضح أن الجماعات الإرهابية كانت تنظم استعراضات عسكرية في العريش والشيخ زويد.
وأشاد بجهود الجيش المصري في مواجهة هذه الجماعات، لافتاً إلى أن هذه الاستعراضات اختفت، وصارت الدولة لها اليد الطولى هناك.
ساهمت الفوضى الي أعقبت ثورة يناير 2011، بشكل واضح في حصول الإرهابيين على مكان في سيناء. وقال اللواء فؤاد حسين، مدير إدارة مكافحة الإرهاب الدولي بالمخابرات الحربية سابقاً، إن الفوضى التي أحدثتها عملية اسقاط حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك في 11 فبراير/ شباط 2011، خروج بعض الإرهابيين من السجون وهروب المجرمين وعودة بعض الإرهابيين من الخارج، أدى إلى تحول سيناء إلى مقصد للمتشددين. وأضاف لـ"إيلاف" أن سيناء تحولت إلى معقل للإرهابيين والمجرمين بعد سقوط مبارك، لافتاً إلى السنة التي حكم الإخوان فيها البلاد زادت اعداد الإرهابيين بشكل ملحوظ، وتكونت الجماعات التي وصل عددها إلى أكثر من 12 جماعة تضم نحو 2500 عنصر في ذلك الوقت. وأضاف أن الإخوان سمحت للعناصر الإرهابية بالتمركز في سيناء، لتكون منصة ضد الدولة، وسمحت بتهريب الأسلحة إليهم من ليبيان بحجة أنها كانت تهرب الأسلحة إلى المقاومة في قطاع غزة، ولكنها في الحقيقة هربت الأسلحة إلى الجماعات المسلحة في سيناء وحركة حماس في غزة، من أجل ضرب مصر في حالة تعرض الجماعة لأية ضغوط سياسية.
ولفت إلى أن ظهور الجماعات المتشددة اللافت والقوي تزامن مع اندلاع ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013، وتدخل الجيش وعزل الرئيس السابق محمد مرسي، مشيراً إلى أن النائب الأول للمرشد خيرت الشاطر هدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، عندما كان وزيراً للدفاع وقتها بإشعال مصر، إذا عزل مرسي، وقال محمد البلتاجي القيادي في الجماعة إن الإرهاب سوف يتوقف في سيناء عندما يعود مرسي للحكم.
التعليقات